قيادات الشعوب ، بين الرزانة .. والرشاقة !
*) واضح أن قيادة الناس ، لا صلة لها برشاقة الأبدان .. فهذه الرشاقة مستبعدة من النفكير هنا !
*) الشاعر القديم قال :
أحلامـُنا تَـزن الجبالَ رزانةً وتَـخالـنا جِـنّـاً ، إذا ما نَجـهَـلُ
والشاعر الآخر قال :
سقاها ذوو الأحلام سَـجْـلا على الظَما وقد كرَبـتْ أعناقـُها أن تَـقطّعا
*) نماذج حديثة :
حين يرى شعب ما ، قادتَه الذين يأمل فيهم خيراً ، ويعوّل عليهم في الملمّات ، سواء منهم قادة الفكر، وقادة المجتمع ، وقادة السياسة .. حين يراهم أخفّ من ريش العصافير، يتراقصون أمام الحكّام الطغاة ، يصفّقون لهم ، ويهتفون بحياتهم ، ويدعون لهم بطول العمر، ويفدونهم بالروح والدم ، ويخلعون عليهم من الصفات ، ما يجاوزون فيه أقدار الأنبياء ، وسائر عظماء التاريخ الإنساني .. كيف ينظر إلى هؤلاء القادة ، لاسيّما إذا كان قد انتخبهم ، ليمثّـلوه في مجالس تشريعية ، يسنّون فيها القوانين ، ويراقبون الحكّام ، ويحاسبونهم ، ويخلعونهم .. إذا اقتضى الأمر!؟
وحين يرى شعب ما ، أو تنظيم ما ، أو حزب سياسي ما .. قادته ، في بياناتهم ، وتصريحاتهم ، ومواقفهم ، وإعلانات ولائهم ، لزيد البطل ، وعمرو المناضل .. واستعدادَهم لوضع إمكاناتهم ، وإمكانات جندهم .. تحت إمرة هذا الزعيم ، أو ذاك .. دون أن يتبصّروا ، في حقيقة هذا الزعيم ، أو ذاك.. ودون أن يعرفوا رأي قواعدهم، في هذا الزعيم ، أو ذاك .. وهم يتنقّـلون ، في مواقفهم ، برشاقة غريبة ، نادرة .. كالفراش البديع الملوّن ، الذي يقفز من زهرة إلى أخرى ، ومن غصن إلى آخر، ومن جدول ماء إلى غيره .. حين يرى الشعب قادته ، بهذا الشكل اللطيف .. كيف ينظر إليهم ، وكيف ينظر إلى حاله معهم !؟
وحين تـلتقي قيادات ، من أنماط مختلفة : فكرية ، وسياسية ، وقبلية ، واجتماعية .. على صعيد واحد ، لتكتب بياناً تعلن فيه ولاءها ، التامّ ، لرجل خارج على مؤسّسات دولته ، متمرّد على قوانينها ، يشعل الحروب متى شاء ، دون العودة إلى المؤسّسات التنفيذية ، أو التشريعية ، في بلاده .. فيسبّب دماراً لبلاده ، ويشعل حرائق ، في كل ركن من أركانها ، تحت أيّة ذريعة تظهره بطلاً ، أو شجاعاً ، أو مناضلاًعنيداً .. حين تـلتقي تلك القيادات ، لتعلن ولاءها ، لهذا البطل المغوار .. كيف ينظر إليها الناس ، وكيف تنظر ، هي ، إلى نفسها ؛ فيما لو فكّرت في فعلها ، بهدوء ورزانة !؟ وكيف ترى نفسها ، ويراها الناس ، بعد أن تكتشف ، ويكتشفون ، أنها خَدعت نفسَها، وخدعت الآخرين ، الذين ينظرون إليها بشيء من الاحترام ، أو التقدير.. لأن البطل الذي محَضتْه ولاءَها التامّ ، هو مشعوذ دجّال ، مرتبط بدولة أخرى ، لها مصالح توسّعية ، تسعى إلى تحقيقها في المنطقة ، على حساب أهلها .. وأن هذا البطل الصنديد ، هو مجرّد جندي ، منفّذ لقرارات هذه الدولة ، وخادم لمشاريعها ، السياسية والأمنية ، والثقافية والدينية ! وهو لا ينكر هذا.. بل يفخر به ، ويعلن ، بلا مواربة ، ولاءه لهذه الدولة التوسّعية ، الطامحة الجامحة .. التي يعلن قادتها ، صباحَ مساءَ ، عن طموحها ، ويرى الناس ، جميعاً ، آثارجموحها ، أمامهم ، كل حين !؟
هذه الأسئلة ، لسنا ، نحن ، مَن يجيب عليها ! حسبـُنا أنا طرحناها ، ليجيب عليها من يجيب .. وأول مَن يندَب للإجابة ، أصحاب الشأن ، من ذوي الرشاقة ، أو ممّن ينظرون إليهم باحترام ، وإلى رشاقتهم ، بدهشة واستغراب !
وسوم: العدد 738