لماذا يحشر المتعصبون الأمازيغ عندنا أنوفهم في قضية أكراد العراق ؟؟

بعد حكاية فيديو المحسوبة على الأمازيغ المغاربة المدعوة مليكة مزان  والأمازيغ  منها براء ،والتي هددت عرب المغرب العربي أو شمال إفريقيا بالإبادة إذا لم ينل أكراد العراق استقلالهم أو بالأحرى إذا لم ينفصلوا عن وطنهم الأم ، وهو فيديو خلف سخطا واسعا لدى  كل فئات الشعب المغربي  المترفع  عن  كل إثارة للنعرات  العرقية و الطائفية التي ينفخ فيها أمثالها وأمثال عشيقها   أحمد عصيد، جاء دور هذا الأخير ليحشر هو الآخر أنفه  في قضية أكراد العراق ، وليبرر ذلك  تبريرا سخيفا ومثيرا للسخرية ، وهو العلماني المتعصب للنعرة الأمازيغية . وكالعادة فسح له موقع هسبريس  المعروف بتوجهه العلماني المجال للتعبير عن عصبيته العرقية بنكهة  علمانية متشنجة . وعنوان مقال عصيد هو : " وحدة العراق ، مطالب الكرد، وموقف الحركة الأمازيغية " ومما جاء في هذا المقال قوله :

 (  تعتمد مساندة  الأمازيغ للكرد  على المعطيات والمنطلقات التالية :

ـ أن الكرد عاشوا وما زالوا نفس أوضاع الأمازيغ في مواجهة الإيديولوجيات الإقصائية والعنصرية  مثل القومية العربية  والإسلامي السياسي ( الإخواني والوهابي ) ،وهي أوضاع ترتبت  عن نشأة الدولة الوطنية المركزية التي تبنت إيديولوجيا هوياتية عربية ، ورفضت الاعتراف  بالمكونات الأخرى العريقة  التي دفعت بها إلى  هامش النسيان  لعقود طويلة )

 نقف عند هذا المعطى فقط ، وهو مربط الفرس كما يقال ، كما أنه حجة على صاحبه بأنه إنسان عنصري متعصب للعرق الأمازيغي  على حساب العرق العربي تحديدا. وواضح من كلامه أنه يتهم العروبة والإسلام بالعنصرية ، ويعتبر العرق الأمازيغي عريقا عراقة لا توجد لدى العرب . ويعتبر صاحب هذا الكلام منظرا للفتنة العرقية في المغرب ، وكلامه يحمل في طياته العداء الواضح للعرب وللمسلمين . وقوله أن الأكراد عاشوا نفس أوضاع الأمازيغ  محض افتراء مكشوف، ذلك أن الأمازيغ في المغرب لم يشعروا في يوم من الأيام وعبر تاريخهم الطويل أنهم كانوا كما يزعم عصيد ضحايا ما سماه إيديولوجية إقصائية عربية أو إسلامية . ومعلوم أن العرب الفاتحين والأمازيغ المستقبلين لهم بنوا معا كيانا إسلاميا قضى على الوثنية في المغرب كما دحر الوثنية في المشرق مع بزوغ نور الإسلام الذي أخرج العرب والأمازيغ والعجم من الظلمات إلى النور ومن عبادة الأوثان إلى عبادة رب العالمين جل جلاله . ولم يحصل عبر تاريخ المغرب أن أحس المغاربة الأمازيغ أن العرب الفاتحين الذين لم يفتحوا بلاد المغرب باسم العروبة بل باسم الإسلام جاءوا غزاة بل جاءوا مبلغين الرسالة  الخاتمة العالمية والتي حطمت العصبيات العرقية بدءا بالعصبية العربية . وقد يقول البعض أن  بعض الأمازيغ  قاوموا  المسلمين العرب الفاتحين ، ورفضوا الدخول في دين الله ، وهذا أمر لا يخص الأمازيغ وحدهم بل كل الأعراق وجد فيها من كان يرفض أول الأمر الإسلام لجهلهم بتعاليمه ، و بعض العرب أنفسهم قاوموا المسلمين وهم من بني جلدتهم ، وكانت بداية صراع الوثنية مع الإسلام في عقر دار العرب ، ولا يمكن اعتبار معارضة الوثنية الأمازيغية للإسلام  في المغرب أمرا مختلفا عن معارضة باقي الوثنيات له في أقطار أخرى كبلاد فارس وبيزنطة ومصر وغيرها . ويحاول الأمازيغ الجدد ـ على وزن النازيين الجدد ـ اعتبار معارضة بعض الوثنيين الأمازيغ  للإسلام في المغرب إبان الفتوحات الإسلامية  مقاومة وبطولة .والواقع الذي يشهد به التاريخ أن الأمازيغ في المغرب لما عرفوا الإسلام حق المعرفة احتضنوه ، وتولوا نشره وصاروا بدورهم فاتحين فتحوا بلاد الأندلس وإفريقيا . ويشهد التاريخ أن قادة مسلمين أمازيغ كان لهم دور رائد في نشر الدعوة الإسلامية ،وهي شهادة لن يستطيع الأمازيغ الذين على شاكلة عصيد وعشيقته إنكارها .

ويقع عصيد في تناقض صارخ حين يقول في مقاله بعد ذلك : ( إن موقف الأمازيغ من حق الشعب الكردي في تقرير مصيره مرتبط بوضعية الكرد التي ليست من جميع وجوهها بوضعية الأمازيغ المغاربة ، ذلك أن أمازيغ المغرب  هم الشعب المغربي قاطبة ، فهم ليسوا أقلية ولا يعيشون على تراب  محدد مفصول  عن تراب  يعيش  فيه عرب أو غيرهم من الأجناس  بل يتواجد الأمازيغ في كل مناطق المغرب  وعلى امتداد التراب الوطني  كله ، وقد تمازجت مكونات الشعب المغربي  تمازجا قويا  عبر التاريخ إلى درجة  يستحيل معها الحديث  عن عرق خالص ، وحتى الذين حاولوا ترويج خرافة أنهم عرب "شرفاء" ينحدرون من جزيرة العرب  سرعان ما أثبتت الفحوصات المخبرية  علميا تهافت  اعتقادهم وبطلانه )

يبدو أن صاحب هذا الكلام  لا يبالي بالتناقض  لأنه ربط أولا مصير الكرد  بمصير الأمازيغ ثم  نقض بعد ذلك ما ادعاه من قبل . والمقصود بكلامه أن الأمازيغ لا يوجدون كالكرد في حيز جغرافي معزول وأنهم ليسوا أقلية مثلهم أن المغرب ليس بلدا عربيا ما دام الأمازيغ  هم الشعب المغربي قاطبة . وإذا كان   قد زعم  أن  الأمازيغ  قد واجهوا الإيديولوجيات الإقصائية  والعنصرية مثل القومية العربية والإسلام السياسي ، فإنه بكلامه هذا  يمارس الإيديولوجيا الإقصائية والعنصرية ضد المغاربة العرب حين يجعل الشعب المغربي قاطبة أمازيغيا مع أنه اعترف بأنه من المستحيل الحديث عن عرق خالص في المغرب . فإذا كان من المستحيل الحديث عن عرق خالص في المغرب، فكيف عرف عصيد أن الشعب المغربي قاطبة أمازيغي ؟ و يبلغ بعد ذلك منتهى التناقض الدال على تهافت كلامه وسخفه  حين يقول بأن الفحوصات المخبرية أثبتت بطلان انتساب من سماهم العرب الشرفاء إلى شبه جزيرة العرب . وهل يستطيع عصيد أن يثبت مخبريا أنه أمازيغي خالص ليس في عروقه دماء عربية ؟ علما بأن الفروج ليس عليها أقفال كما  يقال . ولو قال قائل إن الشعب المغربي قاطبة عربي  لماقبلت عصبية وعرقية عصيد بذلك . والغريب أن عصيد يدعي أن الأمازيغ ليسوا أقلية  بل هم أغلبية، ومع ذلك  يجعل وضعهم كوضع الأكراد الذين هم أقلية . و معلوم أن المغاربة تجاوزوا منذ قرون العصبية  مهما كان نوعها ، و التي  ينفخ فيها عصيد وعشيقته وأمثالهما لأن المغاربة على وعي تام وقناعة راسخة  باختلاط الدماء العربية بالدماء الأمازيغية  منذ قرون، وقد خلطها الإسلام الذي بدل النعرات العرقية بالأخوة في الدين، فصار المغاربة إخوة في الدين ، هذا الدين الذي يعاني عصيد من حساسية تجاهه لأنه  يعاني من عقدة علمانية إقصائية تروم  تهميش الإسلام وإقصاءه من واقع المغاربة الذين يجري الإسلام في عروقهم . وحقد عصيد على العرب إنما سببه حقده على الإسلام لأن العنصر العربي هو الذي حمل الإسلام أول مرة إلى المغرب ، وعنه  تلقاه وحمله العنصر الأمازيغي  لينقله بدوره إلى أجناس وأعراق أخرى دون أن يعتبر غازيا أو محتلا كما يزعم عصيد وتياره المتعصب . ومعلوم أن الأمازيغ إنما أحبوا العنصر العربي لحبهم الإسلام ورسول الإسلام حتى أن أرحامهم احتضنت نطف السلالة النبوية الشريفة تبركا  بها، وصارت دماء الشرفاء التي تجري في عروق الأمازيغ مفخرة لهم خلاف ما يعتقد عصيد  الذي حاول في مقاله هذا النيل من الشرف النبوي بخبث مكشوف . وكما يعتز الأمازيغ بامتزاج  النسب الشريف بنسبهم، كذلك يفخر ويعتز الشرفاء بامتزاج نسبهم بنسب الأمازيغ .وعلى رأس البلاد ملك شريف النسب سليل الدوحة النبوية  تجري في عروقه دماء أمازيغية  ولا يحتاج لإثبات نسبه إلى مخابر عصيد .

وأخيرا نقول إن عصيد وعشيقته قد حشرا أنفيهما في قضية الأكراد  مع أن الكردي كردي، والأمازيغي أمازيغي، والعراقي عراقي، والمغربي مغربي  وبين القطرين بعد آلاف الكلومترات ،  وهو أمر يثير الشكوك حول ما يبيتانه هما من على شاكلتهما ،ذلك أن التعاطف مع الانفصاليين الأكراد  عبارة  شبهة تعكس مكبوتا  يفضحه هذا التعاطف . ولن ينفع عصيد لفه ودورانه ومحاولة دفع هذه الشبهة . ولا شك أن عشيقة عصيد حين ستهم باستئصال العنصر العربي من المغرب ومن شمال إفريقيا ستحتاج  لا محالة إلى المخابر التي استشهد بها عشيقها لتكشف عن نسبة الدم العربي والدم الأمازيغي في عروق المغاربة، ومن سوء حظها  أن هذه الدماء  مستعصية على خبرة المخابر، وأن المغاربة يعتزون بالأخوة في الإسلام  لا بعروبتهم ولا بأمازيغيتهم ، و يعتبرون كل الذين يتقاسمون معهم الانتماء الإسلامي إخوة  لهم مهما كانت أعراقهم لأن أكرم الناس عند الله أتقاهم ، وما خلق الله عز وجل الأعراق إلا لتتعارف تحت راية الإسلام الذي به تتحقق العزة والكرامة البشرية  .