النَّـاسُ
بَدأ القرآنُ الكريمُ خِطابَه بقول اللهِ تعالى:"الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"وخُتِمَ المصحفُ الشريِفُ بقولِه جلًّ شأنُهُ:"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ"واستُكمِلَ التنزيلُ بِقولِه تباركت أسماؤه:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"وذلك انسجاماً وتلازماً معَ مَرحَلَةِ عالمية الإسلام ورسالتهِ الإنسانيِّةِ لقوله تعالى:"ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"إنّها نَقلَةٌ كبيرةٌ وجليلةٌ نحو اتساعِ الخِطابِ الدينيِّ الربانيِّ..وتحولٌ عظيمٌ بمفرداتِ الخِطابِ الفكريِّ والمعرفيِّ الإنسانيِّ..إنّها أنسَةٌ وجدانيِّةٌ جذريِّةٌ لِتوجُهاتِ المسارِ الإنسانيِّ..إنَّهُ تَحوُّلٌ من قَوميِّةِ الديّنِ كما في قوله تعالى:"يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ"إلى إنسانيِّةِ الدينِ وعلممة معارفِهِ لقوله جلِّ شأنه:"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا"وهذا فتحٌ وتوسيعٌ واستكمالٌ لآفاق غاياتِ ومقاصدِ دينِ اللهِ في مَرحَلَتِهِ الخَاتَمَةِ..حيثُ تَوفّرت بمشيئة الله أسبابُ تقارُبِ وتواصُلِ المجتمعاتِ البشريِّةِ..وتَداخلَت مسؤولياتُها وأمنُها ومصالِحُها..فشرَّعَ اللهُ قواعدَ إنسانيَّةٍ تناسبُ المَرحَلَةَ وتتسعُ لِمَهامِها وتَحدياتِها..فكانت قاعدةُ التعارُفِ في قوله تعالى:"وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"وكانت قاعدةُ التعاونِ في قوله تعالى:"وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى"وجاءَ مَبدأُ التنافُسِ بالخيرِ لقوله تعالى:"فَاسْـتَـبِـقُـوا الْخَـيْرَاتِ"وتقرّرت قاعدةُ عَدمِ إفسادِ الأرضِ في قوله تباركت أسماؤه:"وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا"وتقرّرَ مَبدأ التدافُعِ لِيُقهرَ الفسادُ كما في قوله سبحانه:"وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ"وقرّرَ ربُّ العالمين مَبدأ العدلِ المُطلقِ في قوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ"أجل جاء كُلُّ ذلك لِتقريرِ أنْسَنَةِ قِيمِ الإسلامِ ليتحققَ أمنُ ومصلحةُ النَّاسِ كُلِّ النًّاسِ..فهلاّ فُعِّلت رسالةُ الإسلامِ لِتعيشَ البشريِّةُ سلامَها المفقُودِ .. ؟؟؟!!!
وسوم: العدد 746