لمَ نكتب !؟ لإقامة الحجّة ، على ذوي العقول والضمائر..!
*) حين تكون الكلمة مجرّد رأي ، أو رؤية ، أو نصيحة ، أو مشورة ، أو اقتراح .. ينحصر الهدف منها في حدود طاقتها ، وماتستطيع فعله في النفوس والعقول ! أيْ : في حدود قدرتها على التأثير السلبي ، أو الإيجابي ، في نفوس قرّائها ، وعقولهم ، وقلوبهم .. لأنها ليست ملزِمة لأحد !
وقد تحمل الكلمة رسائل شتّى ، تبثّها في اتّجاهات شتّى .. فيأخذ منها كلٌّ بحسَبه ؛ بحسب اهتمامه ، وقدرته على الفهم والتفكير.. على مذهب الشاعر :
ولكنْ تـأخذ الأذهان منها على قـدْر القرائحِ والفـُهومِ
*) الكلمة العزلاء ، التي هي السلاح الوحيد ، في حوزة المعارضين السلميين للاستبداد المسلّح ، مطلوب منها إقامة الحجّة ، فحسْب ، فهذه هي وظيفتها الوحيدة ؛ لأن هذه هي إمكانيتها الوحيدة ! وحين تحدّد الأمور بهذه الصورة ، يَبحث حامل الكلمة ، عن أكبر قدر من الحجج ، ليقيمها على أكبر قدر من الناس ، الذين لهم صلة ما ، بقضيّته التي يدافع عنها ، على اختلاف مشاربهم ومواقعهم . ( ولا بدّ من التأكيد ، هنا ، على أن حديثنا هذا، كله ، منصبّ ، على نظام الحكم ، المستبدّ الفاسد ، في بلادنا ، سورية الحبيبة ) !
*) من أنواع الحجج ، التي تقيمها الكلمة ، مايلي : ( ونقصد ، بالطبع ، الكلمة الصادقة ، التي تحمل الحجّة ، فتقيمها على الناس ، ولايملك أيّ منهم ، دفعَ مافيها من حقّ ، أو صواب ! أمّا الكلمات الأخرى ، فلها سياقات أخرى ، لسنا بصددها الآن !) ..
*) الحجّة التي تضع المجرم المستبدّ ، وجهاً لوجه ، أمام حقيقته ، وحقيقة حكمه ، في نظر عقله ، ورقابة ضميره ، بصرف النظر عن سلامة عقله ، وطهارة ضميره !
*) الحجّة التي تقام على الشعب المضطهَد ، حين يَعلم ، يقيناً ، طبيعة النظام الحاكم، الذي يسيطر على بلاده ، ويتحكّم بمقدّراتها ومصير أهلها ! فلايستطيع عاقل في هذا الشعب ، بعد إقامة الحجّة عليه ، الاحتجاج بالجهل ، أو الغفلة ، أو عدم المعرفة ، بما يفعله الحاكم الظالم ، به ، وبوطنه ، وبشعبه !
*) الحجّة التي تقام على أنصار الحاكم ، وأبواقه ، وعملائه .. كيلا يتوهّم أحدهم ، أنه قادرعلى الإفلات من مصيره ، بادّعاء الجهل ، أو الغفلة ، أو عدم معرفة ، بما يرتكبه المستبدّ من جرائم ، بحقّ شعبه..حين يَسقط الاستبداد الذي يرتبط به !
*) الحجّة التي تقام على المخدوعين بشعارات الحاكم ، من أبناء الدول الأخرى ، الذين لايعرفون عنه ، إلاّ مايردّده من شعارات براقة زائفة ، فيخدعهم بريق الشعارات ، ويبهرعيونهم ، فلا ترى ما فيها ، من زيف وخداع ! وإقامةُ الحجّة عليهم ، هنا ، تدفع أصحاب الضمائر الحيّة ، منهم ، إلى إعادة النظر ، في مواقفهم من المستبدّ ، إذا كانوا مجرّد سذّج مخدوعين ! أمّا إذا كانوا يعرفون المستبدّ على حقيقته ، فالحجّة قائمة على ضمائرهم ، ولو كانت ملوّثة ..! وقائمة على من يراهم مصرّين على مساندة الاستبداد .. وذلك كي يسعى إلى نصحهم ، أو ردعهم .. إذا استطاع !
*) الحجّة التي تقام على الساسة الحريصين على المستبدّ ، والذين يحسبون شرّه أقلّ من شرّ البديل الذي قد يخلفه ! فحين تظهر لهم الأدلّة القاطعة ، أن هذا النظام الفاسد ، يحمل لهم دماراً حقيقياً ، عاجلاً ، أو آجلاً ، وأن شرّه أكبر من شرّ أيّ حاكم يمكن أن يخلفه من أبناء شعبه .. يعيدون النظر في مواقفهم وسياساتهم ، تجاهه !
*) لابدّ من إعادة التذكير، بأن الحجّة تقام على شيئين ، لدى الإنسان: عقله وضميره ! فإذا كان لاعقل له ، يعي الكلام ، ويعرف مافيه من حقّ أو باطل ، ومن خطأ أو صواب.. كان الكلام معه مجرّد لغو عابث ، حتى لو كان صاحب ضمير حيّ ! أمّا إذا كان عاقلاً لاضمير له ، أو كان في ضميره بعض التشوّه والخلل .. فإن فهمه للكلام يجعل الحجّة قائمةعليه ، في الظرف الذي هو فيه ! حتّى لو لم يكن لها تأثير آنيّ عليه ! وسيظلّ صداها يتردّد ، في أعماقه ، زمناً طويلاً ! وقد يبتلى بمصيبة ، في نفسه ، أو ماله ، أو ولده .. تذكّره بما هو فيه من ظلم ، فيصحو ضميره النائم ! كما قد يناله من النظام الذي يدافع عنه ، شرّ أو سوء ، فيتذكّر ما ادّخره عقله ، من حجّة عليه ، وما غفل عنه ضميره ، من ظلم لديه ، أو فساد !
وسوم: العدد 748