والجماعة أبدا تبقى

محمد فريد الرياحي

[email protected]

هي الجماعة لا ترتد عن الوجهة التي اختارتها بالإيمان، ولا تتخلف عن الموعد الذي ارتضته بالإسلام، ولا تقول، حين تقول، إلا الصدق، ولا تفعل ،حين تفعل،إلا  الحق، بالشرعة التي عندها، والمنهاج الذي لديها، فمن،إذن، من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم، يستطيع صرفها عن طريقـتها المثلى، ومحجتها الفضلى؟. ولقد حاول الطاغوت، فيما أوتي من البأس والبطش، والكيد والمكر، أن يردها عن مسلكها، فلم ينل من محاولاته إلا الخسران. وهاهي الجماعة قائمة تسير سيرتها الأولى، لا تزيغ عنها، ولا تخرج منها، في الذي منحت من التأييد، ورزقت من الصبر. وتلك حقيقتها الباقية، وذلك جوهرها الثابت، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. هي الجماعة، وعرفها الناس، وخبرها التاريخ، تمشي على رؤوس الحقب، مدركة أنها في الأوج من عزتها، والذروة من شموخها، سائرة في الذي كتب لها من المسير، صائرة إلى ما قدر لها من المصير، لا ترهب كيد الكائدين، ولا تهاب مكر الماكرين، فيما  شملها ويشملها من العناية الإلاهية، ورعاها ويرعاها من العون الرباني، وليس في هذا العون وفي تلك العناية إلا ما عهدته وتعهده من الغلبة والانتصار، وألفته وتألفه من الصبر والثبات. ولقد حاول الطاغوت اقتلاعها من الجذور، بما أصر عليه من التنكيل والتقتيل، ظانا أنه ،لا شك،منتصر عليها، فلم ينل من عدائه وعدوانه، إلا ما بشر به من الفشل، وهو يتخبط في غلوائه التي تشربها فلا يستطيع لها ردا، ولا يستطيع منها فكاكا، وقد أرهقته من أمره عسرا، وأكرهته على فعل الشر قسرا، فهو على آثارها يمشي، إلى حيث تريد له أن يمشي، في طغيان يلبسه سلطانا، وسلطان يمارسه طغيانا، وهو على هذه الحال من الظلم لنفسه وللناس، يزداد إثما، فلا مهرب مما هو فيه من العذاب، ولا مفر مما هو عليه من الاضطراب. فكيف يستطيع، إذن، أن يملك الدنيا ولم يملك نفسه، وكيف يستطيع القضاء على جماعة أمرها بالله وفي الله ولله، وذكرها أن لا إلاه إلا الله محمد رسول الله؟ كيف يستطيع القضاء عليها وهو في البؤس من رأيه، واليأس من جهده، والفشل من محاولاته يخبط في جهله، ويتخبط في جهالته؟ كيف يتأتى له هذا القضاء ولم يتأت لمن سبقوه بالكفران والطغيان ، وكانوا أشد منه قوة، وأعظم سطوة؟ لقد بقيت الجماعة في اليقين من دعوتها، والثبات من وجهتها، قائمة خالدة، وذهب الطغاة الضالون المكذبون إلى مأواهم من سوء المصير ، وشر المنقلب. ألا إن الجماعة باقية باقية، وبقاؤها قدر من الله باق، وليس للطغاة إلا أن يموتوا بغيظهم، فيما هم فيه من اللأواء، وما هم عليه من الأدواء. ((ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)).