كغَيمَةٍ تغرّبت عن سِربِها
مثقلةً بالصدى تدرُجُ طفولاتنا
المدى يُشَذِّبهُ المدى
كغيمة تغرّبت عن سِربِها
تسكّعَ رذاذٌ يَتَصابى على أشرِعَةِ أحلامنا
آنَ أنْ نجتازَ صَخَبَ الحواسّ
ما فَتِئَ البحرُ يحاذِرُ سَخَطَ المُبعدين
هل حقًا تتخيّر الفراشاتُ طقسَ النّزوح؟
وحين يخنِسُ النّجمُ إلى عُبّ الظّلام...
ويتهيّبُ البرقُ من ومضة الميلاد!
ماذا تفيدُ النّبوءاتُ الصّارخاتُ في حضرةِ الغِياب؟
وما الذي يُغريني وفي لَحظةِ التِصاقِنا...
لأتذكَّرَ نشيدَ القلبِ مُنزلقًا على شفا حُلمِه؟
وليس سوى نزيفِ الجسدِ الرّاعِدِ يتصعّدُ إلى شَفَتي..
والرّعشةُ يبتلِعُها صَخَبُ المبعَدين...
البحرُ جسدٌ يتهيّأ لروايةٍ مَبتورة
أحلامُنا بذارُنا أوَت لقعرِ السّيل
فَغَرَت بحجم جوعِنا أضرِحَةُ الكُثبان...
أهي خديعة الوقت الذي لم يعُد يَبلُغُهُ صخَبُ القلبِ
المُقتَلَعِ من خاصرةِ الضّوء؟!
إذ كيف للهواء المثقل بالشّرودِ أن يَهَبَ الغيماتِ ذاكرةً وبرقا؟
غارِسًا كلَّ بقايا الضّبابِ في حُنجَرَتي...
كنتُ أوغِلُ غُروبًا
والكلماتُ تبحثُ عن مخدعٍ لها في عالمِ النّسيان..
وحدها اللّغةُ كانت دليلَكَ على الوجود...
وأنت هناكَ فقدتَ اللُّغة..
ليولدَ عمرُ الخطيئةِ فيك، ويقضِمَ أضرِعَةَ الغابرين
في لحظةِ التِصاقِنا تولَدُ هَمهَماتُ الوقتِ مُثقلةً بعُمرِ القلق
ليس لعمرِ النّشوةِ حِصن
أعرني عُذركَ السّريّ ،
أمنَحُ دولةَ الأوهامِ غَيمة!
أيُّها الحادِثُ اللائذُ في حكايتي
أراك من فوّهات الكثبان قافلة أعَدَّت لكلّ الجَنازاتِ أقنِعَةً
والليلُ ينضَحُ بالتّثاؤب كلَّ أجنحةِ الملوك...
حيثُ يغتالُ الظّلامُ ظهيرةً...
حتمًا سينتَصِبُ الشّرف!
سُحُبٌ... عشيّاتٌ مغمورَةٌ... ليلٌ سَبى أمواجَهُ...
صبحٌ تهرّبَ من عناقِ ظهيرةٍ مطعونةٍ...
لغةٌ نَسِيَت مخارجَها...
ويدٌ تخربشُ في زوايا الذّاكرة...
مثقلا بنُعاسِنا كانَ الرّملُ الذي غَرَّبَتهُ العاصِفَة...
وانفَلَتَت مِنّا فَضاءاتُنا
العصفورُ الذي باليد؛ فارقَهُ ارتعاشُه...
وكُنّا مع البَحرِ نُحاذِرُ من صَخَبِ المُبعدين...
ونصرخُ بالنّهار: اطعّن ظهيرتَنا صونًا للعرض...
ولكن ليس تحتَ شمسٍ حارِقَة...
فهناكَ تنغَرِسُ العيونُ الماكِرَة
وأعمارُنا المدجّجاتُ بالفراغ والسّأم..
وحلمُنا المُتَمَطّي على شَرَفِ الغِياب...
ما الحُلْمُ حين يمَلُّ أوجُهنَا الفراغْ ؟
رُكبانُنا تنسَلُّ من وجَعِ الشّعاب
لصباحِنا الموعودِ في شَطِّ العرب؛
طفلِ المزايا الخانِقة..
وسوم: العدد 789