على شاطئك يا بحر ..
خديجة وليد قاسم ( إكليل الغار )
ها أنذا أتوسد رملك ياصديقي .. تطربني موسيقى أمواجك .. تسحرني رقصات مياهك ، تنعشني نسمات روائك ، تزرعني شوقا همسات ندائك ..
على رمالك ، نقشت بعض حروفي ..و في عمقك ، أودعت همومي و صروفي ..
و أنا بين جمال محياك .. و لذيذ نداك .. أرسم لحظات هيامي و غرامي ببهاك ..و أذوب صبابة في طيف سناك .. حتى أغدو كمثل فراشة ، تجوب الدنيا بفرحة وانتعاشة .
يا صديقي ها هي شمسك تنحدر نحوك شوقا و تحنانا.. تفيض روعة و جمالا، و تميس رقة و دلالا.. تهفو إليك لتلقي نفسها في أحضانك .. و تستتر في دفء حنانك .. مودعة نوارسك الحائمة فوق أديمك .. المصغية إلى صدى هديرك ..
انظر إليها يا صديقي و هي تمشي الهوينى و ترتل ترانيم الوداع تنشرها نحونا ..مد إليها يديك ..و تلقفها بذراعيك ، امنحها الأمان الذي ترجو .. و اروها كي جمر قلبها يخبو .
أيها البحر الصديق .. كم تبدو لي طفلا صغيرا ..سريع الهياج ، سريع الرضى ..ما إن لامستك رياح مارقة .. حتى غدوت كعاصفة بارقة .. تموج و تلوج .. و بمياهك تعلو و تهوج .. ثم لا تلبث أن تلبس ثوب هدوئك .. و تتجمل بعباءة سكونك
فلا تذكر للريح دعابته المزعجة . و لاتحمل له في نفسك ذكرى موجعة ..فكم أنت رائع في تساميك ، و كم أنت رهيف في تعاليك .. و كم أتمنى أن يمتلك بنو البشر مثل طهر قلبك ، و نقاء سريرتك ..
أيها الصديق قد بدأت الغيمات تذرف دمعها لتتخلص من حِمل ضاق به صدرها فها هي قطرات السماء تتدفق ، و على أجسادنا تحط رحالها و تترفق .. سيكون سؤالي عقيما ، إن سألتك إن كنت سعيدا .. لقدشعرت بفرحتك و سعادتك دون أن تتكلم و لمحت لهفتك رغم أنك لم تتبسم.. فتلك بناتك التي غادرنك في لحظة جفاء حارقة .. قد عدن إليك بمشاعر حانية دافقة .. و قلوب صافية خافقة ..كم هي سعيدة تلك القطرات التي عادت إلى موطنها و كم أنت سعيد بعودتها فهنيئا لك و هنيئا لها ..
أرأيت يا صديقي ؟ كل شيء يعود إلى مأواه و مسكنه .. إلى ملاذه و موطنه .. فقل لي يا صديقي .. هل سأشعر يوما ما بمثل هذه الفرحة و أعود من بعد غياب لأنسى ألم البعد والغصة ؟؟
أيها البحر .. تسامرني و أسامرك ..أرقب عبابك المتراقص ألقا ..و ترقب مشاعري المتقدة فَرَقا .. أتراك ستذكر هذه اللحظات الجميلة .. والتي تظلنا معا كخميلة .. أم أنك ستنسى إن يوميَ هذا ولّى و أمسى ؟
أيها البحر .. قد تحدثت إليك طويلا .. و ألقيت بين يديك حملا ثقيلا .. أعلم أنك لا تملك لي دواء ناجعا ..و لابلسما نافعا ..
لكن يكفيني أنك سمعتني .. و بحنانك احتويتني و بدفء روحك العذبة أنعشتني ، فأشبعت نفسي فرحة و ارتياحا .. و سكبت فيها سكينة براحا
أيها الصديق الرهيف ..
شكرا لك