من ركب الفاتحين إلى أرائك المنعمين

عبر تاريخها الممتد على ظهر الأرض

كانت لها صولة

عند الفتوح وصهلة

كتبَتْ بدمها معاني للكفاح

على كثيب الرملة

حفرَتْ سنابكها

معالمها آثاراً للخُطى

حدوداً على المدى

لأصائلٍ لسلاسلٍ ممتدة

من شوامخ الجبال

كان العنان هو الموجّه للجواد

إذا تمرّد أو حاد

عن الجادة إذا تعدّى

كثيراً قد رَكَضَتْ عدْواً

وشنّتْ الغارات صبحا

كثيراً قد سبقتْ

إلى اقتحام الحصون المنيعة فتحا

وبعدما دانت لها

الدنيا وخضعتْ الممالك

انطفأت المشاعل

وصار الدرب حالك

مالت لاسترخاءٍ لدعةٍ

ألِفت الوداعة والسكون

ذهبتْ للركون بركن المتاحف

مثل الخانعين القابعين

بات الجمع زاحف

وعلى الأرض

انبطح الهُمام تربتْ يداه

وتورّمتْ الأنوف

وتغبّرتْ بين الثرى قدماه

أيتها الصافنات

صرتِ من ركب الفاتحين

إلى أرائك المنعمين

تجرّين حاملة السائحين

من القلاع الشامخات لخارج العرين

صرتِ لعبة في أيدي الصبية

وإحدى قطع الشطرنج

صرتِ نحتاً من فخار

أو حلوى باحمرار اللون في يوم المولد

بعدما كنتِ أجْلد في حقبٍ عجاف

كان العزم أصلب

أشكالاً كثيرةً صرتِ للزينة

على الأرفف

وإذا أتت الرياح تعصف

بك على الأرض

تهوي صنوف الخيول

التي هَجرَتْ الصحاري

فلفظتها السهول

بعد الوثوب وعدْو الخوالي

بأرض الإباءِ سنيناً تجول

بين الربوع وتحت الشموس

وعند ظلال الوئام المصون

بين المراعي وعشب الخصيب

جمالٌ خُطاكِ ونور العيون

كان الزاد وفيراً غزيرا

والفم كان حراً طليقا

وفوق الجبين لمحت بريقاً

بساح المضاء يسوق الشروق

كان الحافر بلا حدوةٍ

ولا سنبكٍ

ولا قيد في الخُطى يعوق

ليس لها من مقودٍ يوجّه

ولا راعياً للدروب دليلا

باتت تقلُّ على صهوتها

معاني . فضائل مداً جليلا

توالت مواكب

تزف البشارة صبحاً منيرا

بأرض الفداء

كنتِ وكان الزمان أصيلا

يذود الكفاح أمداً طويلا

وبعد النضال

تبدّل فرسان هذا الزمان

حتى ملامح وجه المكان

لــ شيءٍ عليلٍ كليلٍ تبدّل

وعزم النهوض خار قعيداً

بأوراق ظل الخريف تسربل

فصار التردي لدرك انحدار

وفوق الجبين وشمٌ لعار

تراءى بوضح النهار خضوعا

ليُفضى بكل المعاني خنوعا

ويبقى التولّي أثراً مريرا

لخزيٍ هناك تمادى كثيرا

وعاد يُبث شيوع القواعد

لتختزل من بين خلد الـمُشاهد

كم الـمَـشاهد بعقلٍ عتيق للذكريات

لا تعدو لحناً وصوتاً شجيا

يردده فوق المسامع دوماً شدي الشداة

ومرت علينا سحب الزوالِ

فأبحرتِ باعاً بين الخيالِ

تحوّلتِ من مواكب عظمى

لبرواز ذكرى فوق الجدار

وكنتِ عدوتِ وثوباً سَميّاً

بين الدروب لفجر انتصار

بوقْدٍ صهودٍ بغير حدودٍ

فصارت حدودك بين الإطار

كانت الصافنات العاديات

في أصلابها حملتْ مهرا

وفوق ظهور نفرتها رفعتْ فارساً حُرا

في مهب الريح

تصول وتصيح صهيلا

كانت للفرسان بساطاً

للفتح اتخذوها سبيلا

يعبرون على متنها

البوادي ويقطعون الصحاري

فتظلُ للنهار وميضا

ومن كان في الليالي ساري

على ربوة صهوتها

يمتطي الأجيادَ قادةٌ عظام

رغم حداثة سنهم كان المقام

ترقبهم هالة القمر

وعلى ذات الأثر

في جبهة الصحراء أسنة الرماح

تعلو شامخة بغير انبطاح

هنا الصيحة

طوت صفحة من التاريخ

حينما تبدّلتْ الخيل وصارت دُمي

وأشباه الشجعان مشاة

تحت ويلات عربدة الهوان

فالعدْو تبدّى للخلف نكوصا

وصار انبلاج الإصباح عبوسا

ها هو العرق الصهود

يتصبّبُ من غرتها لحدوتها

في ساح سباق الحلبات

أو نزهة الجو الصحو المطير

على شواطئ الحياة المشتهاة

الفارس حيناً من الحقب تنزّل

من فوقها وعلى الأرض ترجّل

والنصر الـمنشود تأجّل

لأجلٍ غير مُسمى

لحين ظهور الـمقدام الأسمى

من وقتها حلَّ التراخي بالروح والأبدان

والصافنات الجياد والفرسان

وذبل التآخي بكل الضواحي

ومال الشموخ رويداً رويدا كشمس الـمَغيب

فطوبي لك . لك يا غريب

ليوم بزوغ الصبح القريب

وسوم: العدد 1123