إلى الشيخ أحمد الصياصنة
ربيع أحمد الكفيف
د
. حمزة رستناوي(1)
ما قيل يجب أن يقال
و ما يقال كان يجب أن تقوله يا جدّي.
(2)
عندما اعتقلت أغصان حوران الطرية قلت الذي يقال
و عندما اقتلعت أظافر الحياة من أصابع الطبيعة قلت الذي يقال
و عندما قتل الطيبين بنيران أخوتهم الأعداء قلت
و عندما تعثرت أرجل الجنازات بخطيئة ابن آدم قلت الذي يقال
و عندما غافل الجفاف قطرات دمع الثكالى قلت
و عندما خجلت حجارة المسجد العمري من وجوه المصليين الخائفين , تغلغلت كلماتك في شقوق الفجيعة, و أسدل الستار على وقع المجنزرات.
وعندما مثلتَ في حضرة الباب حللتَ رباط اللسان , و لم تخفْ من خشخشة المفاتيح
أجلستَ الأمانةَ في حضنك الدافي و أنطقتها
رجعتَ مكبّلاً بالغار و استبدَّ بك اللقاء فعاودتْ روحكَ نحو حوران الجنوب.
"هذا السهل ألفته و ألفني, و غدا تزهرُ الشقائقُ و يثمرُ بالغلال
سيكون حصادُ القتلِ وفيراً يا بنيّ , و المشقّةُ قدرنُا يا "أسامة"
(2)
ما يُقالُ كان يجبْ أن تقولهُ يا جدي
اعترافاتُكَ إدانةٌ للقسوة
و ندمكَ الظاهريّ إدانةٌ لنا
و هل الإنسانُ أكثر من مضغةٍ و ذكر قلب.
مرتبكاً على شاشةٍ مسطّحة, تُلقي ما يَنطقُ به اللسان
اللسان معقودٌ
المذيع ُ حمّالةُ الحطبْ
"تبتْ يدا أبي لهب و تبْ"
يتجهّم وجه المذيعِ تناسباً مع الحدث
"حطبةُ لسانهِ" تشتعلُ بداءِ الأحاديث
الأباطيلُ حجّتهُ و الطحالبُ قاعهُ الأعمق.
هذا لسان الآخرين – يا جدّي- وللآخرين مزاجُ غريب ؟!
تستهويهمُ الكهرباءُ , و يسكنونَ في فنارِ بدلاتهم الفاخرة
لعابهمْ ناقلٌ للحقد , و نظراتهمْ باردة.
مرتبكاً على شاشة مسطّحة
أحرجتني أيها الجدُّ... و ذبتُ في قطر ماء
جلستُ على مقعدكِ افتراضاً, و كانتْ روحي تسري في هوانها
قطرةُ الماء التي كنتُها , لنْ تجفَّ
و مرآة الحياة لنْ و لم تُكسرْ
لقد سعدتُ باعترافكَ يا جدي
فاعترافاتكَ إدانةٌ للقسوة
و طائركَ ليسَ بالبغاء
و الحقيقةُ تقولُ نقيضَها
العصافيرُ تأوي إلى عشِّ الحقيقة .
طغاة الحقيقة لا أحبّهم
ما أصعب أن يدفع من تحبّهم ثمن حرّيتك
ما أصعبها
اللسانُ مضغةٌ و القلبُ ينمو
الكلامُ نافلةٌ للعواطف
و العصافيرُ التي أطلقتها في سهل حوران لم و لنْ تموتَ في قفص
لن تموتَ في قفص
لمْ و لنْ تموت
لمْ و لنْ تموت.