عندما اقتحم غرباء منزلَنا
وأنا جالس...!!
د. جاسم العبودي
سجَّلَ بيتُنا ذاكرةً ساخنهْ ...
مزهرياتُ أُمِّي مُهشَّمه ...
صور أخوتي مُبعثره،
سوى صورة زينب وهي تحمل مَقلمَهْ.
دُمى أُخيّاتي مُتناثره ...
وكُتيِّبات ممزَّقه ...
وبينَ الحطام سيفٌ وأطباق مُحطَّمه ...
وتحت أشلاء السرير قطّة مُرتجِفه ...
آه ! وكلبنا ! لم نعُدْ نسمعه
عندما اقتحم غرباء منزلَنا ...
وأنا جالس !!.
***************
واحدةً تلوَ الأخرى ،
يتطايرُ ريشهنَّ على وجهي
مُلطَّخهْ .
آه يا مؤذن الفجر !
يا موقظي ساعة السحر...
عُرفُك أقحوانٌ مبثوث في الفضاء،
كلابهم نهشت حتى عظامك ،
وأنا جالس !!.
***************
كانت أُمِّي
ترفعُ عيونها للسماء
تنثر الدموع ،
تكلِّمُ نفسها تارة ...
وتارة تنحبُ ...
وأخرى تنعى أبي المغدور،
وأنا جالس !!.
***************
إحتشدَ جيراني ،
وحشدُوا
كلَّ خرفان القريه ،
وحدّوا سكاكينهم ،
وأنا جالس !!.
***************
غزتْنا من جنوبِ بيتنا
حميرٌ ببراميل نفطٍ محمّلهْ ،
عليها رجال غلاظ ،
بأفواهٍ مغلقهْ ،
وأنا جالس !!.
***************
هدَّ بابَنا زمرةٌ جانيهْ،
قاماتهم جذوعٌ خاويه ،
يمتطون بغالاً ،
ويجرُّون خيولا عاتيهْ ،
وأنا جالس !!.
***************
عليها غصونٌ ثمارها يانعهْ،
يحملنَ زرابي ... حتى الفرش ،
وبعضَ الكؤوس والآنيهْ ،
قرباناً للزبانيه
وأنا جالس !!.
***************
الغرباء في دارنا ،
يكرّون كالجراد السائمهْ ،
وصراخهم مستطير ،
الشمس ... نعم الشمس
من كوّة صغيرةٍ نافذه،
وأنا جالس !!.
***************
خزانةُ أمي مغتصبه ،
قلائدها بينهم مقتسمه،
ووثائق كانت لأبي
في فمّ الموقد محترقهْ...
وتستمرّ النخلة ...
والذكريات باقية ...
وأنا جالس !!.