حفيف محبّة
منيرة سعدة خلخال/ قسنطينة/ الجزائر
لا تطاق ..
أو
سرّ الفرح الغامض ..
يمشي الصباح الهويني
نحو إغفاءة كانت تناسب الوردة
يقطف من زهر التذكر
فلّه وياسمينه
ينزّ الحنان بصدر سحاباته
تومض كالبرق في ليل التلف
تأخّرت في مصافحة النهار
كنت أودّ لو يطلع من سهادي . .
في قرية الله الواسعة، ذات النافذة المعراج وأبواب الصمت المسكّرة على أحلام المنسيين، المتطلعين إلى فرح، غدا طائرا طاعنا في التعب، هجرته للخوف صارت، مستشعرا برد مستقبل المحبّة بفصول الغرابة وأمكنة لا تحتسب العشرة، وترضى خاويّة عروشها على أعتاب الملامة وواحات الأسف ..
تنأى المدينة، حد ّالجور، حدّ القهر، حدّ الجريمة المتفردّة . . وتستأثر بقبح لا يليق بها
إذ تنذر شوق جسورها لحكايا الرحاّلة وأقاصيص القوالين . .
وأنساني، في رحى الموّال:
"يا صباح الخير، شميسة طلّيتي،
نوّضت الأطفال صلاة الفجرية" . .
يكتبني هذا الصباح الغائر في همس الشتات، لازمة للأغاني الغجرية، تجيش بها الذكرى في تباريح الحال، المنكوب بفاقة الرحيل للعوسج المرّ، يباغته الأصيل بحجب اللّون الفادحة، للموانئ التي تسرد للبحر يتم الأحجيات، تزودّه بزرقة الغياب حين تغرورق عيناه بالبياض الحالك في الزمن المالح للـ "حرّاقة" والغاضبين على الحياة . .
وفي ترنيمة البعد،
يقرأني عنوانا قريبا للغربة
يتشدّق به الصدى
على حافة الحنين المستلقي
برمل الحكاية
يتصفح قلب الشمس
على حين مرّة . .
تجود بما تشتهي الأمكنة . .
وإذ تورق أشجار المسافة
بالية ظلالها
وعودها كهربائي لا يرى . .
تضيع الأهبة في صقيع الخضرة
أشجانا تشعّ من عين مهملة
وفي مزار الصّخب
يتهافت الفراغ على جلبة جائرة
مطبقا أنفاسه على الدنى
حتى تهتزّ له أوطان الفجيعة
طربا . .
وتدنو من سرايا الروح
أبابيل الكلام . .
- صباح فائق المعنى
يغطّ في يقظة الشغور
جاحظة عيناه بفائض الوحدة
مكتنزة أوصاله بعسر التغريد
لم ينم ليله،
واستضاء فجره بلهاث الدروب،
بلغت أسبابه
سور المدى
- في الأعين،
حفيف محبّة
لا تطاق . .
الشرّ،
ورد كاسد،
ينهق بكفّ الإبتسامات
جرداء تنحدر من فسق الأحاسيس
وباء يزهر في حجر التنكّر
يتغاضى عنه الصدق الجميل
حين يصير في بال الاحتمال
مجرّد حكيّ . .
"الفضّة ولاّت نحاس،
وبلاد سيدي راشد غافية" . .
- ثم تجيء الأشجار،
من سحيق الوجد
وارفة العري
مولعة بتصديقها
كلما ولجت موسوعة الصدر
الأشجار،
تربك رغبتي في الصمت
تحيلها على متون التساؤل
الأشجار،
أحلام النهار المنهكة
تحار من تقى التأويل . .
الأشجار،
نافذة الحياة على الحياة
صدمة الورق المقوّى
تخدش جبروته للمواجهة
نظير التشفّي . .
الأشجار ،
حرقة الإقامة في وحشة التجريد
نغمة الحرية
تشدو بها أغصان الريح . .
الأشجار ،
حبيباتي ،
منذ اللون الرصين للتعاقب
وسحر الحالات
إلى شكل ترصّع بحضوة الجلال
وآي التهليل . .
الأشجار ،
صديقاتي ،
اللواتي ترفرفن بالإطلالة الحرّة
حين تعلق الشرفات خيباتها
على حبل الأفول
وتهجر ظلها الصحراء
فارّة إلى أبجديّة لا تخون . .
سيّدّة الكائنات
مترفة المجد
الأشجار ،
السابحة في عليّين . .
ما بالها تعجّ –اليوم– بالوقوف المشدوه
في ردهات الطريق المنذورة
لقلق الطبيعة
حين تشبّ فوضاها بماء الهبوب
تعدّ الخطى وتمنّي الجفاء
بصروح الحزن العاتية ؟
وفي رحاب الدفق
تأتلف الروح وبهجتها
تعاود النزوح إلى عطر الجهات
وفي سياق متصل ،
تهبّ الموسيقى ،
يأخذ الوقت القصيدة من يدها الأخرى
يعدو بها في رابعة الرقص
مأخوذين بسرّ الفرح الغامض . .
وفي المساء اللذيذ ، أصير إلى منتهى الطفولة ،
في المساء الحاني ،
تستعير العذوبة فراشات أوبتها
من عبق الأرجوان ،
مزهوا بنثاره في مرايا الرؤى . .
الطفولة ،
أمان وسرور