حديثُ قلبٍ جفيفٍ
حديثُ قلبٍ جفيفٍ!
حسين العفنان ـ حائل الطّيبة
فَرْشٌ
طِفْلتي (جُوري)..
نشرتِ ابتسامةً عذبةً.. فاشرأبَّ لها شوقًا قلبي الجفيفُ..!
فشكرًا لنفحةِ ربيعيكِ ، ونغمة جدولكِ!
عَمُّك: حُسين..
(1)
***
على مَسغبةٍ وانقطاعٍ من الأنسِ، أتتْ ابتسامتُكِ..!
..فحَرّكَتْ نبَضاتِ قَلبي الرّاكدةَ ، وَأضاءَت دُروبَ نَفسي الُمظلمةَ ، فنهضتْ
رُوحي من لحدِهَا، وعتقتْ مِن أشواكِهَا، وَنفضتْ مِن سُبلها مُستعمراتِ الهمِّ
وَالقلق!
فعادتْ بحرًا زخّارًا ، يغتسلُ في أمواجِهِ نسيمُ الفَجرِ الرّخيّ ، وتستلقي على
جبينِهِ شَمسُ الضُّحى المُنعشةُ..
(2)
***
كيفَ اجتزتِ قضبانَ الضُّلوعِ ؟ كيفَ تسلقتِ أبنيةَ الرُّوحِ ؟ كيفَ استطعتِ أن
تحتجبي عن عيونِ الرَّاصدينَ ؟ كيفَ تجاهلتِ سيادةَ القلبِ ومُلكهُ ؟ إنّكِ كالشّمس
تخترقُ كلِّ تُربةٍ ، لا تأبَه بحدودٍ ولا بسدودٍ..!
(3)
***
كُنتُ ـ تحَتَ ظِلالِ ابتسامتكِ ـ
طِفلا..لم تمشِ فِيهِ الحَياةُ ، لم تغرسْ أطماعَها في حياضِهِ ، لم تنسكبْ في
أوردتِه وأعصابِهِ.
طفلا ..يتوسدُ أنيابَ الخطرِ ، ويسكنُ بين ثنايا الرُّعبِ ، فينامُ قريرَ العينِ و
لا يهتزُّ..!
طفلا..يحسوُ السعادةَ في صباحاتِهِ ومساءاتِهِ ، ويسقيهَا ـ بشاشةً ـ أصحابهُ
وأعداءهُ!
طفلا..ابتسامتُهُ دفَّاقةٌ لا تتقنُ الجفافَ ، ونبضُهُ متجددٌ لا يعرفُ التّخثرَ!
(4)
***
كأني أراكِ شَابةً نقيةً ، سَريّةً في خُلقكِ وإيمانكِ ، مَلكةً في بيتِ زَوجٍ
كَريمٍ ، قَدْ كَنَستِ بني (ليبرال) وَدَناياهُم ، وزرعتِ الأسى والكآبةَ في
جماجمِهم..فعادتْ أحْلامهُم ضَريرةً مُتخبطةً..!
كأني أراكِ خَاضعةً خَاشعةً في مُصلاكِ ،تُطرزينَ جَبينَ الكَونِ بابتهالاتكِ
ونداءاتكِ ، وتغسلينَ شُرفةَ عَينيكِ ، وَصفحةَ خَديكِ ، بدمعكِ اللؤلؤيِّ الفَياضِ
..!
كأني أراكِ نَاشرةً كِتابَ رَبّكِ ، تَهزينَ أغصانَهُ ، وتلبسينَ ربيعَهُ ،
وتتعطرينَ بأزهارِهِ ، وتُنصتينَ لجَداولِهِ ، وشمسُ السَّكينةِ قدْ فزّتْ بينَ
يديكِ لتزيدكِ طُهرًا وعفةً وهيبةً..!
(5)
***
أرأيتِ صحراءنا..
إنّ المآذنَ ما انفكتْ ترشُهَا بالتَّوحيدِ والإيمانِ..
إنّها مازالتْ رَحيبةً عزيزةً لم تعبثْ برمالِها قبابُ الخرافيينَ المشركينَ ، ولم
تقهقِهْ في سمائها نواقيسُ الضَّالينَ المنحرفينَ..
ففأرجوكِ لا تكوني إلا مثلَهَا..!
(6)
***
حفظكِ اللهُ ـ يا جوري ـ ومتّع عيني برؤيتكِ لِباسًا سابغًا عَلى أبويكِ في
شَبابِهما وكِبرهما..
وجَيلا يأخذُ الأمّةَ الإسلاميةَ، إلى رُتبِ العزِّ والمنعةِ ، وجَامعةً تحوطُها،
بأسوارِ العفةِ والصلاحِ!