أيا غزّة عذرًا

آلاء شحادة

[email protected]

كلما شاهدت النشرة الإخبارية أطرقت...

 كلما قرأت الشريط الإخباري أطرقت...

 كلما سمعت الرّادّ أطرقت...

 كلما ولجت الشبكة العنكبوتية أطرقت...

 كلما قال المذيع: يا أمتي... أطرقت

 أطرقت وأطرقت وأطرقت ...

لأرى الشاعر يتحدث بلسان حالي قائلا ً:

أطرقت حتى ملني الإطراق       وبكيت حتى احمرّت الأحداق

أطرقت يا غزّة وكان هذا أفضل ما أستطيع...

أطرقت وأنا هنا في النعيم أضيع ...

أطرقت وكل خائن على أرضنا يبيع ...

أطرقت وما أحس إلا أنني شخص وضيع...

ثم أطرقت ... وبعدها أطرقت ...

وفي وسط هذا الإطراق يتجدد المشهد...

 وفي وسط هذا الإطراق تعود دماء طاهرة نقية جديدة لتروي ترب فلسطين ...

 لتنبت أسدًا هصورًا ...

 وتنشئ بطلاً أبيـًا...

 وتزرع شوكةً في ظهر العدو مؤلمة ...

وفي وسط هذا الإطراق...

 ينطلق صارخ قسامي منيع ...

 ليسجل تاريخ حقبة جدديدة...

 ختم عليها علامة مسجلة لا تزول: لا نذل ولا نهون ...

يا أهل غزة ... إنما أنتم أحد الفريقين ... فريق همّه ماله وبطنه .. وفريق همّه دينه وأرضه ...

يا أهل غزة .. إنما أنتم أحد الفريقين ... فريق همه قرع طبول الرقص .. وفريق همه قرع طبول الحرب ...

يا أهل غزة .. إنما أنتم أحد الفريقين ... فريق يجوع للحمية ... وفريق يجوع للأمة ...

يا أهل غزة .. إنما أنتم أحد الفريقين ... فريق بصم عليه التاريخ بصمة الذل والعار ... وفريق بصم عليه التاريخ بصمة العز والفخار ...

أيا غزة عذرًا ... وأي كلمات العذر تكفي؟!

أيا غزة أسفًا ... وأي عبارات الأسف توفي؟!

أيا غزة خجلاً ... وأي إيماءات الخجل تجزي؟!

أيا غزة سحقًا لخذّال ... وأي كلمات السحق تروي؟!

أيا أهل غزة ... قد طحن الصمت عظامي ... فما بال عظامكم؟!

أيا أهل غزة ...

 ما عادت تهزنا مشاهد دماء المساكين ...

وما عادت تهزنا صور الشهداء المتساقطين ...

ولم تعد تهزنا مناظر الأطفال المتناثرين ...

ولا جثث الأبرياء المحروقين ...

لم يعد يهزنا نواح الثكالى والمكلومين ...

ولا عباد الله المستضعفين ....

يا أهل غزة ...

 لم تعد تهزنا إلا هزات الراقصات...

ولا تؤجج مشاعرنا إلا صور العاهرات ...

ولا تصغي أسماعنا إلا إلى تأوه المطربات ...

فهل تنتظرين منا نصرةً أو إغاثة ؟؟

أيا أهل غزة ...

أما وجدتم جثة قطة أو كلب ... أو حتى فأر أو حمار ... هنا أو هناك؟

لعل وعسى جمعيات حقوق الحيوان تتحرك، فجمعيات حقوق البشر لا يحركها من جثثكم هذا القدر!

أيا أهل غزة ...

أتركونا بخزينا نتمرغ ...

وبعارنا نتلطخ ...

وبخذلاننا نتسكع ...

وبجورنا لكو ولنفسنا أولا نتبجح ...

أيا غزة ... عذرًا عذرًا ...

فلك الله ... لك الله ... يا كرامتنا ...