همسات القمر 62
* توقفني حشرجة الليل على نافذة أستشرف منها ملامح الغموض التي ترتسم على جدار الزمن تبعثرني صرخة مكتومة تتلوى في عنق الأيام الحبلى بأنين الذكريات، وقادم الحكايات أتشبث بقضبان النافذة كسجين يخشى سوقه إلى منصة إعدام شرهة لا تشبع أطيل الوقوف.. أرخي كفيّ أتأمل رسما تركته تلك القضبان عليهما.. أفركهما بكثير جزع.. أنفضهما كمن يتخلص من سوط وجع.. أعود إلى كرسي ينتظرني بحكم الصداقة التي طالت بيننا أسند مرفقيّ على منضدة تكاد بعض أسئلة ترتسم على ظهرها.. أحتوي رأسي بيديّ وأعود لأغرق في عالمي .
* أفترش بساطا مهترئا على قارعة الطريق أبدو كمتشردة تفتقر للأمان في شوارع مزدحمة مليئة بالضجيج.. أقف صامتة برهة من الزمن كراهب فرّ بسكونه إلى أعالي الجبال واعتزل الكون الصاخب.. أنظر بعين اللامبالاة لجرح غائر يستغيث بلسان الوجع.. تفزعني حركة مريبة على مقرب آهتين من صدر الحكايا الثائرة .. تستيقظ الحواس.. يتلفت الرأس ... أطلق تنهيدتين يبتلعني الزحام ...!
* أيهذا البدر المقيم في خافقي.. المنعكسة صورتك على صفحة السماء .. حين تتجلى في أفقك الرحب .. وحين يدفعني جمالك للارتشاف من معينك العذب .. وحين تتوحد خطانا على ذات درب تتلاشى الفوارق بين آدميتي وجمودك.. بين ثرثرتي وصمتك .. بين تذبذبي في مدارات الفكر والمشاعر وثباتك .. بين أرضي وسمائك .. من قال إنك مجرد صخر معتم بذاته.. هو ذاته من لا يقيم للجمال وزنا.. ولا يفقه في تجليات الحياة فكرا ولا فنا من يعيب علي تعلقي بك .. هو ذاته أسير الماديات التي تكون في كثير من أحوالها خادعة مرواغة ..في الوقت الذي تتجلى بأسمى حالات الوضوح والصدق والنقاء الماتعة.. أسيرتك أنا .. لا أنكر .. صديقتك أنا .. بصداقتك أفتخر .. هائمة في علويتك .. كيف لا ونورك بالجمال الذي لا زيف فيه يسفر .. أتدري ما أجمل شيء فيك يا صديقي .. تغيب وتغيب.. ثم لا تلبث أن تبث في روعي ذاك الوجيب .. تغيب وتنطلق في المدى البعيد .. ثم تعود بذات الجمال في موعد جديد.. أأُلام إن تعلقت بك وهمت في عالمك .. أيثلبني أن أجعلك رفيقي بعيدا عن فوارق إنسانيتي وجمودك ؟؟؟
* أهرب إلى عالمي الخاص متدثرة بوشاح الأمل.. مستسلمة لهمسات التفاؤل..رانية بإشراقة تلتمع في المُقل.. أجمع ملامح متناثرة هنا وهناك .. أشكّل بها لوحتي التي ترسم بسمتي .. أمحو تفصيلا.. أضيف آخر .. تهزني يد الحياة لأجدني على رصيفها واقفة تحت مطر غزير دون مظلة تحميني .. أو غطاء من برد يقيني .. أعزّي نفسي وأتمتم لها .. لعله خير .. والخير آت بإذن الله .
وسوم: العدد 659