همسات القمر 104

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*يعجزني فك طلاسمها وألغازها

يتعبني التجوّل في طرقاتها ووعر دروبها

أنثر بين يديها علامات استفساري وتعجبّي

تشد ثوب الإبهام حولها وتحدّق بي ..

ترمقني شزرا ..

تجذبني لها بقسوة وتتطبق على أنفاسي بشراسة لا تبصر ..

أذوي بين حناياها وأتبعثر

*كم تمنيتها بذات اللحن الذي أعزفه وأترنم به

كم تخيلتها ذات رداء أبيض لا تشوبه ذرة غبار

كم رسمتها في مخيلتي جنائن مزينة بطيور وأزهار ..

وكم وكم خذلتني وألقتني في قلب الجمار!

*وإن الحزن حين يتمكن من قلب امرئ .. يجعله على أمرين

يائس بائس لا يرى في الوجود غير حلكة مدلهمة ومصائب ملمّة

أو شفيف رهيف يرى الدنيا بلمسة ألم لا تغيّب جمالها، ويتعامل مع ساكنيها برقّة لا يخفى زلالها 

يكون أقرب ما يكون لطفل أعجزته الحيلة، وأغلق عليه فهم دنياه .. يذرف دمعته النقية، ويتلو نشيجه بقلب كسير لا يلبث أن ينطلق بعدها انطلاقة حُر لا توقفه وخزاتها، ولا تكسر جناحيه ضرباتها .. 

وإن الحزن ليهذب النفس .. وإن الحزن ليستجمع حروف البوح والهمس

*حروفي حمائم سلام..

لا آبه إن ابتعدت وغابت في الزحام

لا أخشى عليها تزاحم الأقدام ..

حروفي رسالة خير، تقتات الحب، وتنهل من كوثر الوئام

حلقي يا حروفي وبلسمي قلوبا مسّتها يد الضر وجافاها المنام

*لربما يكون من المفيد أحيانا البقاء على ضفاف المعاني وعدم المغامرة بالغوص في أعماقها ..

وتغدو الحاجة للبقاء على الضفاف حتمية وضرورة، إذا كنا لا نملك ستر نجاة، أو إذا كنا غير متمرسين على الغوص ومجابهة ما يحتمل من أخطار وأخطاء قد تودي بنا!

*ما عدت أستطيع قراءتي، أو لربما أقرأ داخلي وبإتقان، دون أن أفقه شيئا، أو بالأحرى دون الرغبة في أن أفقه شيئا

أتغدو الذات طلاسم ترتسم على جدران واهية؟ 

أترانا نهرب من ذواتنا؟

أترانا نعالج العجز بالكتمان؟

أترانا أضعنا حروف بوحنا فما عاد يجري على شفاهنا حديث لسان؟؟

بين حرف وآخر.. معنى غائب، همسة حائرة ، حديث مضطرب المعالم والبيان!

*شيء ما ينزلق من بين أصابع الذاكرة المرتجفة مثل كائن هلامي مشوّه المعالم..

تتشبث به الأصابع أملا في تفسير كنهه واستجلاء معانيه

يغدو كشبح ليل في آخر نفق يحث خطاه إلى دروب الفناء..

تسيطر الرؤية الضبابية ويغشى المكان فقاعات الأحلام الغافية في صدر الترقب والانتظار!

*لحن عميق أسمعه يدندن الآن في أعماقي، أشعر به صافيا رقراقا كجدول ماء

لا أفهم لغة الأغنية، وكأنها قادمة من كوكب آخر، لكن أشعر أنها تلامسني وتربت على قلبي بعذوبة وانسياب..

معها أشعر برغبة في النوم على دفء أحلامي

*أسرى قيود تئن من طول صحبتها لنا ..

صمّ عن سماع أنينها 

عُمي عن صدأ بات يفترش أرضها ..

أهي اللامبالاة أم اللا جدوى أم العبثية أم اليأس المتعلق على أستار سراب الأماني والأحلام ؟

ترى، متى نتصالح مع ذواتنا؟

وسوم: العدد 691