صدور كتاب النقد الأدبي في تراث العرب النقدي
تأليف: أ.د. نبيل خالد أبو علي
ضمن فاعليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية2020م صدر كتاب (النقد الأدبي في تراث العرب النقدي) تأليف: أ.د. نبيل خالد أبو علي، عن مؤسسة إحياء التراث وتنمية الإبداع بفلسطين.
وتناول الكتاب في القسم الأول منه الدراسة التاريخية نشأة النقد الأدبي وتطوره، حيث تناول النقد الأدبي عند اليونان، والرومان والعرب. وتناول في القسم الثاني الدراسة الفنية، مبرزا في البداية مصادر نقد الشعر مثل: طبقات فحول الشعراء، والشعر والشعراء، وقواعد الشعر، وعيار الشعر، ونقد الشعر، والوساطة بين المتنبي وخصومه، والموازنة بين الطائيين. ثم تناول مصادر نقد النثر، مثل: رسالة عبد الحميد الكاتب، وصحيفة بشر بن المعتمر، والبيان والتبيين, والرسالة العذراء، وأدب الكاتب. ثم تناول فنون النثر ونظرية النقاد فيها، مسلطا الضوء على فن الخطابة، حيث تحدث بالتفصيل عن: الخطيب، وصفاته، وأنواع الخطب. وموضوعاتها: الخطب السياسية، والخطب الدينية، والخطب الاجتماعية، إضافة إلى بناء الخطبة.
وقد افتتح أبو علي كتابه بالوقوف على طبيعة العلاقة بين الأدب والنقد ، وكذلك الوقوف على مدلول كلمة نقد عند القدماء والمحدثين. وبين أبو علي أنه لا يمكن أن يزدهر النشاط الأدبي، أو ترتقي الحركة الأدبية إلا بتفاعل هذه الدعائم ، فإذا كان الإنتاج الأدبي هو أول هذه الدعائم وجوداً، فإن استمرار وجوده مرهون بوصوله للمتلقي وتفاعل هذا المتلقي معه . ولكي يتحقق ذلك لا بد من عنصر ثالث يساعد على إتمام التفاعل ، فالمتلقي - غالباً - يحتاج إلى من يساعده على فهم أسرار جمال ذلك العمل الأدبي ، وذلك بالشرح والتوضيح والتحليل وإبراز مواطن الإجادة والإبداع ، والأديب أيضاً يحتاج إلى معرفة ذلك ، كما يحتاج إلى من يرشده إلى مواطن الضعف والتقصير في إنتاجه، وهنا تبرز أهمية النقد الأدبي ، ويتحدد موقعه من الحركة الأدبية. فالناقد هو أكسيد التفاعل، وبجهوده يتم تقييم الحركة الأدبية عامة، ويتم التأريخ للأدب على أسس موضوعية سليمة، فكأن موقع النقد الأدبي بين الإنتاج والتأريخ لم يأت اعتباطاً. والأقسام الفرعية للإنتاج الأدبي - الأجناس الأدبية - هي ميدان عمل الناقد ، لذلك عليه أن يكون ملماً بتاريخ هذه الأقسام وتطورها ، ودقائق كل قسم وما انقسم إليه قديماً وحديثاً ، وأي الأقسام أسبق في الظهور.
وأكد أبو علي أنه ينبغي على دارس النقد أن يعرف مكان وطبيعة عمل الناقد، فإذا قلنا إن العمل الأدبي ما هو إلا إفراز لتفاعل قائم بين المبدع والمتلقي، فإننا ينبغي أن ندرك أن الناقد هو العنصر المساعد على إتمام هذا التفاعل، فهو الذي يساعد المبدع على تقريب عمله للمتلقي ويساعد المتلقي على فهم عمل المبدع، وقد وضح طه حسين ذلك بقوله: "...النقد الذي يبلغ الناس رسالة الأديب فيدعوهم إليها ويرغبهم فيها أو يصرفهم عنها ويزهدهم فيها، والذي يبلغ الأديب صدى رسالته في نفوس الناس وحسن استعدادهم لها أو شدة ازورارهم عنها أو فتورهم بالقياس إليها ، ولعله أن يبين للأديب أسباب إقبال الناس عليه وإعراضهم عنه ، ولعله أن ينصح للأديب بما يزيد إقبال الناس عليه إن كانوا مقبلين، ويخفف إعراضهم عنه إن كانوا معرضين ، فهو الرسول الحكيم الذي نصح القدماء باتخاذه لذوي الحاجات ، وهو حكيم بالقياس إلى الجمهور لأنه يدل الناس على ما يحسن أن يقرأوا وعلى ما يحسن أن يفهموا مما يقرأون ، وهو رسول حكيم بالقياس إلى الأديب لأنه يبين مواقع فنه من الناس، وقد يدله على الخطأ إن وقع فيه ليتجنبه ، وعلى الصواب إن وفِّق إليه ليزيد منه ، وقد يدله على التقصير الفني ليتقيه وعلى الإجادة الفنية ليبتغيها فيما يستأنف من الآثار".
وألقى أبو علي مزيداً من الضوء على طبيعة عمل الناقد بالوقوف على مدلول كلمة نقد، تلك الكلمة التي استخدمت في اللغة العربية للدلالة على عدة معان ربما لم يكن منها ما يدل على النقد الأدبي صراحة، لأن هذا المصطلح لم يعرف إلا في وقت متأخر، أما المعاني التي تدل عليها كلمة نقد فقد حفلت بها معاجم اللغة العربية، و ذكر منها ما يقارب المفهوم الحديث.
وأكد أبو علي أن العرب عنوا بكلمة نقد: دراسة النصوص الأدبية وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بما يشابهها لبيان قيمتها ودرجتها والحكم عليها . وإن هذا المفهوم قد لا يبتعد كثيراً عن مفهوم المحدثين لكلمة نقد ، فهي تعنى حديثاً : التقدير الصحيح لأي أثر فنِّي ، وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة لما يناظره . وإذا قُصرتْ كلمة نقد على الأدب فإن تعريف النقد الأدبي حديثاً هو : فن دراسة الأساليب وتمييزها ، أي دراسة الإنتاج الأدبي والنظر فيه بغرض إبراز محاسنه والوقوف على ما فيه من مآخذ لمساعدة المتلقي على استخلاص عناصر الجمال فيه ، ومساعدة المبدع على تلافي المآخذ والأخطاء.
وسوم: العدد 860