قراءة في ديوان أسرار مجعدة لـ جوهرة يوسف
كلمات جعلت من (أسرار الجوهرة مجعدة) …!
غريب جداً أن يطالع من يقرأ ديوان (جوهرة يوسف) باكورة تجربتها، وأول ديوان أشعار لها عنوانه: (وشوشة اعتراف). وكان كذلك عنوان أول القصائد في الديوان.
قلت ونفسي تحدثني وأنا أقرأ (حيثيات الاعتراف) بالبهو الواسع للمركز الثقافي من لحظة استلامي للديوان.. أن هذا الاعتراف لم يعد وشوشة أبداً طالما أنه أعلن للملأ.. بدليل أنه الآن بين يدي أنا العجوز الغريب وقد تشرفت بالحصول عليه هدية زكية من صادحته.
وها أنا أغوص في (لحن) كلمات الاعتراف …
انتهيت إلى قرار وجاهي بحق كلمات القصيدة أن أي اعتراف مهما كان لونه ستتكون ذروة أهميته في نهايته وليس في بدايته، كما تعارف الوجدان عليه في عرف تاريخ الاعترافات، ومن هنا وصلت إلى إقناع نفسي أن أبدأ بقراءة قصائد الديوان من النهاية إلى البداية عكسيا أي من آخر قصيدة وصولاً إلى أولها …! وذلك لعدة اعتبارات فنية وأدبية نابعة من قاعدة أخلاقية صادقة، وعلى ذروتها أنه الأول في التجربة التي غالبا ما تكون الفطرة والتلقائية هما المسيطران على كل المشاهد الروحية في الصور واللوحات العاطفية والشعرية في القصائد كلها.
وكانت المفاجأة…!
أنا البحر في أحشائه الدر كامن….
فمن ذاك الذي يمتلك الهمة والنفس والقدرة و(الكبرياء) ومن يعطي كل درّة حقها من الثمن…؟ وإن استطاع فهل يمتلك الخصال ليحافظ عليها …لا ليضعها في قفص زجاجي أو خزانة معدنية ويقفل عليها …!
وكما ألقت (جوهرة يوسف) (بشيفرة أسرار مفرداتها) مزلزلة مجلجلة (ثكلتم مفاتحكم) …؟
إذاً.. من يستطيع الغوص في هذا البحر ليفوز ولو بواحدة من تلك الدرر تقول جوهرة: واسمها أيضاً جاء شاملاً لتسمية درر البحر كله، ولا مبالغة أبدا. وكان الترابط والإحكام رائعاً مسبوكاً بتسلسل وقائع الاعتراف ذاته..
وسأبدأ بالتقاط كلمات شيفرة الاعتراف كلمة كلمة وجملة جملة ابتداء من آخر قصيدة كما ذكرت إلى أن أصل وأختم حديث الاعتراف كله من أول قصيدة (وسيشعر القارئ هنا وهو يقرأ أنني أنقل قصة سردية حرفية من الديوان، ويتساءل: كيف..؟ انقلب الشعر إلى قصة …؟ نقول: أنها فك شيفرة …!)
وكان حرفياً كالتالي:
اقترب …
نادي الفجر …
ثمة خطأ في قصيدتي …
لا تخطئ الظن …
فإن (لو).. ليست في عمل الملائكة..
في رأسي شيء من مغفرة.. في رأسي تغفو المسافة.. وتستدير بي حيث غوايتك
لأتوب.. في رأسي حقيقة مباحة.. في رأسي الآن شخ ينفث في قلبي لون الموت.. في رأسي سكين تقطعه …!
أنا أول الجواري.. هذه الرقصة لن تعود …؟
هل هذه كذبة …؟ احتجت لشيئين: الكذبة.. ومن يستمع إليها. …!
خرجت منك بكل هدوء.. فإن القلب الذي كنتَ به أصبح خارج نطاق الحياة.. والكمد.. لم تفصح عن معنى الكمد بعد.. وحين أشتاقك.. أتزين للحظة شوق هي أغنية تركتها لعصافير تغردنا بها للأحفاد …حبنا ذكرى أبدية … بل أضغاث ليلى …. لأن قلبي يقف على ساق واحدة.. إن حياتي للجميع.. وموتي لي وحدي …. فرحلة شهر حولتني دمية للحداد.. أرملة دون زواج.. أمّاً دون طفل …هكذا.. أتركهم يعبثون في ضنك الحديث.. أداعب أهداب فستاني..
وأستمر في صعلكة صمتي.. في حلمك الضيق تبدد رعشتي.. وقلبي موصدة أبوابه.. كان حراسه أوفياء.. لأنتهي بعد كل هذا.. في البحث عمن رشا حراسه …! سأتمدد على فراشي لأتخيلك مدناً أخرى بعين لا ينهكها الطيران …؟
كل الأشياء تثملها … وانتبه أن تهملها… قد تذهب عنك بضحكة تشبه رنين أجراس الميلاد …!!
وأذهب للبحر.. سأكحل عيني بالأزرق.. حتى أجمّل نسختك المشوهة لتراك حين تنظر في عيني واحداً يشبه القلب.. وأثبت أن الحب.. أعمى …!!
وابتسامة آسرة قبل الصحو…!
أهدابك تسترق النور لتعود إلى حلمها..
تتفوهين فقط ب (الساعة كم)؟ وتذهبين لحيث توقف الحلم …!
وأتخيل ذاك الرجل مجهول الملامح يشاهدني بتفاصيل تستهوي جنونه.. مازال الحب هنا.. وما زلت أنت في المكان المعاكس هناك.. سأبتدع حباً لا يعرفه أي رجل وأذهب معه حيث لا توجد أوبة.. لكني أخاف به أن أضعك في جدول الضرب بلا دراسة …!! …!
يناديني صوت أنثاي حتى يشمني القمر.. استيقاظ أكثر الأحلام كآبة.. ثم أعيدك لجيب أسراري …!!!
أيها العقل أرجوك راقصني.. دعني أتلاعب بك للحفاظ على …هي فقط لعبة الحياة.. أيها العقل أرجوك راقصني.. أبحث عن نفس من الحياة عن رؤية لمحة من بدايتي لنهايتي.. كي أعرف في أي جانب أنا …؟
لم أفقد عقلي.. كل ما أريده هو تصفيق أخير.. فقط سأعتذر من أصبعين أخفيا سر الحديث.. ومن سرد شاق لأنفق صبري بالنقاط فوق حروفي ….
أصل نقاط أخيلتي.. أفتش شوارعنا شارعاً شارعاً.. أفرك عيني.. أفرك وأفرك.. تتفتح الحواس لأرواح يحرسها الحرمان.. كلما استدار الواقع.. استجرح الجرح…!
أناديك من الذاكرة.. في كلماتي في إيماءة أعضائي.. لا تحملني وزر الغياب
حقيبتي الممتلئة بأوراق العلك وأسرار تجاعيدها.. فالخطر بات تافهاً والقلق
ساذجاً.. وأفكاري يلتهمها فأر أبيض يشبهك تماماً.
لن أفكر بما أجهله.. لن أفكر في الغد.. سأعبث وأنا اراقب وأنت ستمردون ألم …!!
لا أريد أن ألتفت إلى الوراء.. لا أريد أن أحزن …
جفت حكاياتي وما ثمل المعنى.. الفكر عظيم والشيطان يعبث ومدار الفتنة في ساحة عنقي … لا أعرف ما هو الغموض ولا كيف يكون الصبر ولا أحمل ندمي في حقيبتي، ولا أكترث للحب الصامت.. أعرف فقط أني سأكرهك..
صنّف أمنياتك رغماً عن الليل الوحيد والنهار المكدس بالزحام مرة في الحقيقة
ومرة في الخيال …!!
لعبة الأمنية لا تنتمي للقدر.. هي فقط توشوش الاعتراف ……!!!
*******
(جوهرة يوسف)، أنت رسمت هذه اللوحة المتكاملة كما رأيناها، بل كتبت رواية بكل ما للكلمة من معنى…..
أرجو أن أكون قد وفقت بقراءتي من إعادة ترتيب رموز شيفرتها المبعثرة في ديوان (أسرار مجعدة).
وسوم: العدد 868