(سيرة سيد ولد آدم العطرة ) هذا عنوان كتاب السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لمؤلفه أخينا الفاضل الأستاذ / جاسم الدخيل ــ وفقه الله ــ وقد تم نشر هذه السيرة في حلقات متتاليات اعتبارا من غرة ربيع الثاني عام 1443هـ ولغاية أول شهر محرم الذي نحن فيه الآن للعام 1444هـ . ولقد أفاض المؤلف في طرح حلقات السيرة بسلاسة أسلوبه المؤثر ، مؤكدا على أهمية جميع الأحداث والمواقف التي عاشها المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الكفار والمنافقين واليهود من جهة ، ومع أصحابه الأبرار من المهاجرين والأنصار من جهة أخرى ، بأسلوب يستحث القارئ على الاقتداء بمزايا السيرة النبوية ، وحفظ مكانتها في حياة الأمة . ويلمح القارئ مالاقاه عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام من الأذى والظلم ، وما كانوا عليه من صبر وثبات في مواجهة العتاة الطغاة ، ومؤامرات اليهود ، مذكِّرا بقيم السيرة ودروسها التي عاشت على خيرها الأمة منذ القديم ، فالإيمان المطلق بالله ، ومحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والصبر على الأذى ، والثبات على الحق ، والأخذ بالأسباب الموجبة للنصر والتأييد من الله سبحانه وتعالى ، والأخذ بمعاني الأخوة والصحبة الصالحة ، واستغلال الطاقات والمواهب لدى المسلمين ، وألمح إلى دور المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله ، وأشار إلى المعجزات التي أجراها رب البرية على يد نبيه عليه الصلاة والسلام ، وذكر الغزوات ، كما أشار إلى مواطن تزكية النفس ، مذكرا القارئ بأهمية تزكية النفوس في عصرنا هذا ، حاثَّـا على الأخذ بما في السيرة النبوية من دروس وعبر وإرشادات ، وداعيا إلى التبصُّر فيما جاء في كتب السُّنة ، حيث يجد القارئ مايشفي فؤاده من عذب المنطق ، وليجد المرءُ نفسَه في محراب الخشوع ، وهو يقرأ ــ على سبيل المثال ــ الحديث الوارد في صحيح مسلم يرحمه الله ، فعن عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه إذا قام إلى الصّلاة قال: (وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ ) وتنساب نفسُ المؤمن في روحانية غامرة مع بقية دعائه صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ ) ، ليشعر المؤمن الصالح بنشوة القرب من الله فيدعوه بما دعا به نبيُّه صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ) . ومن ظلال هذا المحراب يخرج وقد زكت نفسُه ، وسمتْ روحُه ، ليعيش في مجتمعه بأخلاق نبيِّه صلى الله عليه وسلم ...
ولقد تابعت حلقات هذه السيرة العطرة من بداية كتابتها ونشرها في صفحته ( مجموعة سيرة سيد ولد آدم العطرة ) ، وعلى صفحة ( أحباب الشيخ أحمد السراج ) يرحمه الله على الفيسبوك . وقد تابع قراءة حلقات هذه السيرة جمع كبير من الإخوة والأخوات ، وهاهم يشكرون الأخ المؤلف على جهوده من خلال رسائلهم التي تعبر عن حبهم لدينهم ونبيهم وصالحي أمتهم ، فللمؤلف الكريم الأخ الأستاذ / جاسم الدخيل ، ولهؤلاء الأحباب الأبرار الكرام التحية والتقدير من خلال هذه الأبيات :
إني لأَلمحُ مبسمَ البُشراءِ = يضفي على مقلي بهيَّ رواءِ
ويعيدُ بهجةَ فرحةٍ قـد عشتُها = وأنا أقلبُ سيرةَ القدماءِ
هي فرحةُ المهجِ الظماءِ لمصحفٍ = تاقتْ له والسُّنَّةِ الغرَّاءِ
قد عشتُ نشوانَ الفؤادِ بحبها = وبحبِّ وجـهِ الشرعةِ الزهـراءِ
غَرِّدْ فطيبُ الشَّدوِ يحلو هاهنا = في سيرةِ المختارِ في الآناءِ
غَرِّدْ فقد أودى جفافُ قلوبِنا = بعُذوبةِ الإنشادِ والإنشاءِ
هي سيرةُ المحبوبِ فيهـا فخرُنا = ومدارُ بَدْرِ الدُّرَّةِ العصماءِ
فالأرضُ وافاها النَّبِيُّ برحمةٍ = فطوى مواجعَها بلا استثناءِ
ورمى ببغيِ الجاهليةِ للفنا = وأزالَ سطوةَ أهلِها السفهاءِ
فزهتْ بنورِ نُبُوَّةِ الهادي فمـا = أبقى الجُنـاةَ و وحشةَ الظلماءِ
غَرِّدْ مع الأبرارِ في زمنِ الأسى = وزمانِ بأسِ تَنَمُّرِ الأعـداءِ
ترجمتَ حبَّك للنَّبِيِّ بسيرةٍ = هلَّتْ بزهوِ جبينِهـا الوضَّاءِ
ونهلتَ من فيضِ النبوةِ شربةً = تُسقَى لجندِ ركابِها النُّجباءِ
بشرى هناك أبا محمد نحوكم = تومي لأهلِ السيرةِ الأكفاءِ
هي سيرةُ القيمِ الحسانِ لأمةٍ = ورسالةٌ محمودةُ الأصداءِ
يهفو إليها المسلمون فخيرُها = ثـَرٌّ فَنِعْمَتْ سيرةُ العظماءِ
هي في الليالي السودُ أنسُ قلوبِنا = في ذكرِ خير الناسِ في الآناءِ
تحلو وقد راقتْ طيوفًا عـذبَةً = بمدينةِ المبعوثِ بالبيضاءِ
ويداهُ من خيرِ النُّبُوَّةِ جادَتا = للمسلمين بأطيبِ الآلاءِ
وهم الصحابةُ يفتدون نَبِيَّهم = بالروحِ والولدانِ والأبناءِ
ولقد حباهم ربُّهم من فضلِه = فلهم نعيمُ الجنةِ الفيحـاءِ
ولهم مكانتُهم وما لعدوِّهم = إلا تبارَ أراذلِ الغوغاءِ
تحلو المزايا فالقطوفُ قريبةٌ = من صحبةٍ عاشت بلا بغضاءِ
وتآلفتْ بهوى الحنيفِ قلوبُهم = فَهُـمُ لرفعتِه من الأُمنـاءِ
وله تعيشُ جموعُهم في عـزَّةٍ = فإخاؤُهم في الملةِ السَّمحاءِ
في ختـمِ سيرةِ سيِّدِ الخلقِ الذي = قد جاءَهم بفضائلِ الصُّلحاءِ
وأتى لهم بالعفوِ من ربِّ الورى = بعدَ الضَّلالِ ولوثةِ الأهـواءِ
فلك التهاني (جاسم) السَّعي انجلى = بكتابكِ الفياضِ باللألاءِ
ولإخـوةٍ صدقوا فأكرمهم بـه = ربُّ السَّما في جملةِ الفصحاءِ
إنَّ الشَّبابَ لزينةٌ ترقى بهم = قيمُ السُّمُوِّ بوجهةِ العلياءِ
وبسيرة محمودةٍ نبويَّـةٍ = صانوا مباهجَ زهوِها بوفاءِ
وبهَدْيِ سيِّدِنا النَّبِيِّ تفيَّؤُوا = طوبى لهذا الجَمْعِ بالأفياءِ
أبشِرْ أُخَيَّ(أبامحمد) إنَّهـا = لَمَكانـةٌ عُلْويةَ الإطراءِ
مَن عاشَ والإسلامُ صنوُ حياتِه = ألفى الحديثَ يطيبُ في الإنشاءِ
هي منحـةٌ من ربِّنا وَلَكَم هفتْ = للصَّالحين ، وليس من خُيَلاءِ
يحيون والرضوانُ يغمرُ سعيَهم = بسعادةٍ خُصَّتْ لهم و هَنَـاءِ
وبشارة تومي بخيرٍ جَمُّـه = لأُولي اليقينِ أولي اليدِ البيضاءِ
تمَّتْ بفضلِ اللهِ في حلقاتها = ودنتْ بكأسِ الشَّهدِ للإرواءِ
بشرى لكم مسعاكُـمُ في حقلِها = وعساكُمُ في خيرةِ النَّجباءِ
فاحمدْهُ ــ جلَّ ــ أبا محمد إنَّه = يُؤتي التَّقيَّ الفـذَّ خيرَ حِباءِ
ولك التهاني مـرَّةً أخرى على = هذي المودةِ في ظلالِ إخاءِ
يرعاكَ ربُّك للهدى متلهفًـا = لِكريمِ وَعْدِ اللهِ يـومَ لقاءِ
هي سيرة الهادي الحبيبِ تزفها = للناسِ كلِّ الناسِ في الأرجاءِ
فالشكرُ للرحمنِ زكَّى أنفسًا = بجليلِ مافي السيرة العصماءِ
ودعـا النَّبيُّ القومَ في أيامِه = والأخـذُ بالأسبابِ خيرُ وِجـاءِ
والصَّبرُ أظهرَه عليهم إنَّمـأ = بالصَّبرِ تُجلَى ظلمةُ الغلواءِ
وبطيبِ أخلاقِ الحبيبِ عنادُهم = ولَّـى وهلَّتْ طاعـةُ الأعـداءِ
فأتوا إليه وبالرسالةِ آمنوا = جندًا لحملِ الدعوةِ الشَّمَّاءِ
فأثابَهم ربِّي بنصرٍ إنَّهم = عاشوا لشرعتِه من النُّصراءِ
فالدِّينُ آخاهـم وأكرمَ شأنَهم = من بعدِ مافي الكفرِ من إزراءِ
ولصحبةِ الأخيارِ فضلٌ لم يزل = في بيئةِ الأبرارِ والرحماءِ
شهدتْ لهم سِيَرٌ تُخلِّدُ سِفرَها = بيضُ المزايا ، زينةُ السُّمحاءِ
وهمُ الذين استبشروا بالفتحِ في = غزواتهم بهزيمةِ النظراءِ
سادوا البريَّةَ بالهدى والعدلِ في = أممٍ عراها الظلمُ في الغبراءِ
فإذا المشارقُ والمغاربُ أسلمتْ = للهِ بعدَ تقهقُرِ الأهواءِ
كانت بلا دين ولا قيمٍ ولا = مُثُلٍ تردُّ مثالبَ الغوغاءِ
فرأوا يدَ الإسلامِ تدفعُ ماعرا = من بغيِ طاغوتٍ وسوءِ قضاءِ
واستأنسوا بالأمنِ في غدواتهم = وبحفظِ طيبِ العيشِ للفقراءِ
وبرحمة الدين الحنيفِ فإنما = جاءَ الأنامَ بأصدقِ الأنباءِ
وَلْيَنْتَهِ السفهاءُ عن حربٍ له = بالمكر أو بالحربِ والإيذاءِ
وبزور تلفيقِ عليه نكايةً = بشريعةٍ قدسيةِ الإملاءِ
هي وحيُ ربِّ العرشْ أملاها على = خيرِ الورى جبريلُ في الآناءِ
صانتْ حقوق المرأة المُثلى ولم = تُنقِصْ مكانة أُمِّنا حـوَّاءِ
والعصرُ يشهدُ كيف أمستْ عندهم = لفسادِهم في الصبحِ والإمساءِ
في سيرة المختار جاءَ بذكرِها = في موطن التقديرِ والإعلاءِ
هي أمُّنَا هي أختُنا هي بنتُنا = ذاتُ الحجابِ بعالَم الخلطاءِ
ولها المثوبةُ عند بارئها على = ماقدَّمتْ للزوجِ والأبناءِ
فدعِ المثالبَ للذينَ استنفروا = لإباحةِ الإجرامِ والفحشاءِ
تبًّـا لهم ولكلِّ مَنْ يسعى إلى = إلغاءِ خصلةِ حشمةٍ وحياءِ
ونأى عنادًا عن هُدى إسلامِنا = وانحازِ بعدَ الحقِّ للأهـواءِ
السيرةُ النَّبويَّةُ ابتهجتْ بها = كلُّ النفوسِ سوى أولي البغضاءِ
وهي المحجةُ والنجاةُ سبيلُها = والفوزُ يوم الحشرِ للفضلاءِ
فدعِ الشَّقيَّ فلم تَنَلْهُ طيوبُها = يرتَعْ بنفسِ التائه الرعناءِ
بشرى أخي للمسلمين بسيرة = نضَّدتها في أجملِ السيماءِ
وبثثتَها والحُسْنُ يغمرُ وجهَها = ياطيبَ تلكَ السيرةِ الحسناءِ