شعرية التصالح مع الخليل ونوستالجيا الفحولة البائدة

شعرية التصالح مع الخليل ونوستالجيا الفحولة البائدة

قراءة في ديوان " مفاتيح لزنزانة الروح "

للشاعر محمد علي الخضور

بن العربي غرابي، ميسور، المملكة المغربية

إهداء: إلى سميرة، إيقاع من إيقاعات الوجود، 

إذا أطربني اجتاحني في  بحر تُعانقُ نيرانُه فحولة الموج

أباهي بها تراتيل الطير والسراب والتراب.       

عندما يتصفح القارئ ديوان " مفاتيح لزنزانة الروح " للشاعر محمد علي الخضور يخرج بانطباع أولي مفاده أن قصائد الديوان من شعر التفعيلة "الشعر الحر" أو شعر قصيدة النثر، لأن الشكل الكتابي يوحي بذلك، لكن العارف بمكونات الإيقاع الخليلي التراثي يدرك أن كل قصائد الديوان تراعي بكفاءة منقطعة النظير كشوفات الخليل الوزنية باستثناء القصيدة الأخيرة التي كتبها الشاعر ضمن الشعر الحر القائم في الحقيقة والأصل على وحدة التفعيلة. ولعل هذا في الصميم أثار سيلا من الأسئلة  نطالب الشاعر بكل وقار بالإجابة عنها: لماذا تحاشى الشاعر كتابة قصائده بالثوب العمودي التقليدي القشيب القائم على نظام الشطرين رغم أنه خضع بكل اقتدار خضوعَ العارفين لفتوحات الخليل الإيقاعية؟ هل وجد شاعرُنا حرجا في الكتابة بالطريقة العمودية؟ ما الذي منع شاعرنا من إعلان انتمائه لمنجزات تراثية جبارة أوجدها الخليل بمناهج علمية قامت على تتبع الإيقاع وتصنيفه وتبويبه بعد أن كان الإبداع الشعري يحترم الإيقاع بالسليقة مثلما كان الشاعر يتشرب المستويات النحوية والصرفية والمعجمية ( وإن كنا نطالب الباحثين ذوي الصبر الإبستمولوجي بالنظر أو إعادة النظر في مفهوم السليقة)؟ ألا يدرك شاعرنا – وهو يدرك بيقينية - أن الشعرية يمكن أن تتحقق بالشكل العمودي و تنتفي في الشكل التعبيري الحديث؟ ألا يدرك شاعرنا أن شعر المتنبي وأبي تمام بل وامرئ لقيس ولبيد وعنترة حقق زخما شاعريا متدفقا وسامقا بينما عجزت الكثير من التجارب الشعرية الحديثة عن تحقيق بصيص من الشعرية؟ لماذا وقع شاعرنا في وهم الزمنية الذي حذر منه أدونيس في بياناته؟ هل حداثة الشعر تتحقق في شكله الرجراج أم في الرؤيا الإبداعية التي هي إعادة قراءة للكون بمنظور فني متسلح بالتوتر والقلق والرفض، ويتخلص من المنهج العلمي الصارم والجاف؟ لماذا التحايل على القارئ أو التمويه عليه وإيهامه بأن المكتوب شعر حر بينما هو شعر عمودي موزون بتؤدة إبداعية رفيعة؟ ما هي الخلفيات النفسية والفنية التي دفعت شاعرنا إلى التنكر لفتوحات فكرية تراثية نعتز بها ونأسف للتفريط فيها والتنصل من حضورها؟

طرق الشاعر في ديوانه الكثير من الثيمات والأسئلة الشعرية بنضج فني ورؤية واعية بقدرة الكلمة الشعرية على الفعل والتغيير والإدهاش، والحقيقة أنه كلما اتسعت رؤيا الشاعر وارتكزت على عمق معرفي وفني اتسعت عبارته الشعرية وامتلكت طاقات اسمى على المناورة والمخاتلة والعصف بالقارئ وتضليله، وكلما نضجت تجربة الشاعر في ممارسة الكتابة وإدمانها تعالى أكثر عن الخوض المواضيع اليومية وتنَفُّسِ هواء الجماعة ليقترب أكثر من ملامسة ومغازلة الثيمات الكبرى ذات الطابع السجالي والعمق الفلسفي والالتباس المفهومي. وشاعرنا في ديوانه طرق موضوع الموت في علاقته بغريمته الحياة وطرق موضوع الكلمة الشعرية والحب والحنين ...والحقيقة أننا لا نطالب الشاعر بمناقشة موضوعاته كما يفعل الأكاديمي والدارس ، فهذا ما نطالب الشاعر دائما بتنكبه واجتنابه، بل الشاعر لا يهتم إطلاقا بالمساهمة في عرض الأجوبة وإغلاق المواضيع باليقينيات والحقائق، وإنما ينشغل أكثر بطرح الأسئلة والإشكاليات التي تظل باستمرار بؤرا للتداول والمساءلة والتناول والسجال.

1 – الشعر: من الأسئلة الحارقة التي تؤرق الشاعر، قبل الاشتغال على موضوعاته، سؤال الشعر أولا، أي سؤال الأداة والسلاح. فلا يكتمل نضج الشاعر حتى يمتلك القدرة الواعية على إدراك حجية الشعر ومشروعيته ورسالته. في القصيدة الأولى بعنوان " الشاعر "، وهي من بحر البسيط ( مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن / مرتان) نقف على فهم عميق لمعنى الشعر والمطلوب منه، ويوظف في القصيدة ( وهي ثلاثة أبيات فقط ) معجما مكثفا للحزن والالم: ليل شريد – المراثي – وحشته – الأموات – الجب – يخطئه. وهذا المعجم المغرق في دوامة الألم مدعوم بلهيب الأسطورة ليجعل ذلك كلُّه الشاعرَ موضوعا أثيرا للمراثي، فإذا كان النبي يوسف محظوظا لأن حظه ساقه إلى حبل تدلى من ساقٍ ظامئ في قافلة ضالة فأنقذه من موت كان وشيكا ، فإن الشاعر، على العكس من ذلك، أخطأته كل الحبال وأخطأها ليمكث إلى الأبد في غيابات الجب يبسط يده لحبال النجاة بينما هي تتجهمه وتتحاشاه. والحقيقة أن نجاة النبي يوسف وإقامة الشاعر في فوهة الجب يضع الشاعر مقابل النبي والنبوة مقابل الشعر، لأن النبوة اعتمادٌ على الألوهية تستمد منها برد اليقين وثلجه بينما الشعر افتئات على الحقيقة من ذات ساخنة ثائرة تستلذ صهد السؤال وسعير الريب والنقد والبحث الدائم.

وفي قصيدة "آخر كلمات أبي الطيب المتنبي" التي تذكرنا على الأقل بالنفس الشكلي الطويل الذي اثرى به شاعر العرب العظيم المتنبي الكبير السوق الإبداعية العربية بروائع لاتفنى مهما حاول الزمن ذلك، جاءة القصيدة على البحر البسيط مصَرّعة المطلع:

مضيت والشعر في قلبي فوانيسُ   ****    تنمو أمام طموحاتي المتاريسُ

ولا ندري ما الغاية من تماهي الشاعر بالمتنبي العظيم، هل مردُّ ذلك نشرُ وثيقة بالغة تثبت شعرية المتنبي ؟ فجوابنا هو أن المتنبي لا يحتاج إلى وثائق، فقد شهد له الشرق والغرب بالشاعرية الفذة، فامتلك الريادة والمرجعية فشغل الناس ونشبت خصومات في النقد القديم والحديث بشأنه ما بين ممالئ ومناوئ أو معجب وحاقد. وهنا أصبح من حقنا أن نميل إلى الوجه الثاني للحقيقة فنقول بأن الشاعر يستظل بدوحة المتنبي الإبداعية ليقتبس منها جذوة من النار ليكتب نفسه ضمن لائحة الفحول في زمن أزاح الفحول من شجرة نسب الإبداع وأبقى على الواحات الإبداعية التي تزهر وتُصوِّح حسب رطوبة النقد ونداوته. ولا أحد يملك القدرة أو الجرأة على منع الشاعر من أن يستظل بظل المتنبي لأن المتنبي إرث جماعي ولا يمكن تعليبه أو تأميمه ولا خوصصته. والشعر في هاته القصيدة يصبح قرين العذاب والحرمان وقبضا على الجمر:

دانت سجودا لشعري كل رائعة

وفاتني الملك

إن المُلْك إبليسُ.ص 50.

ودائما يثري شاعرُنا المضمونَ باللجوء إلى النصوص الأخرى ليوظفها برؤيته وتوجيهه، وهاته المرة اختار سورة النمل وقصة النبي سليمان مع الهدهد وبلقيس وصرحِها وعرشها، ولكن الفرق كبير بين هدهد سليمان الذي جاء سليمان بخبر عظيم ونبشَ عن الحقيقة وامتلكها حسيا بسعي ذاتي مضن وشاق، فهدهد الشاعر جاء بخبر جاهز وغير مسيَّج إطلاقا بالشكوك، لا يمس إطلاقا معتقداتِ الآخرين وموقفهم من الحياة ، بل ينشغل بالتجربة الإبداعية في دروب المنافي والبعد عن الوطن الدامي  :

ما كان هدهد روحي

غيرَ ذي خبر

كل القصائد في منفايَ

بلقيسُ.

وعندما دخلت بلقيس الصرح كشفتْ عن ساقيها حين تمكن سليمان من الحصول على عرشها في لمح من البصر، لكن قصائد الشاعر كشفت عن القصيد ليكون "صرحُ" الشاعر من لبنات الكلمة الشعرية وعرشُه خفيا في معجمه الخاص:

أجاءها عرشها

المكنون في لغتي

ما أنكرتْه

ولو في العرش تدليسُ

قلت: ادخلي الصرحَ

حلما

غير كاشفة

سوى القصيد

فبنياني القراطيسُ. ص51.

والشعر في هاته القصيدة لا يقف عند سطح الأشياء بل يتعمقها " تستكشف الغيب " ويصير مجالا للمجازفة وصفيحا ساخنا وأرضا ملغومة " الشعر بحر "، وهو معاناة وعذاب " كأن شعري هشيم القلب ". ولا يكتوي بعذاب الشعر المبدعُ الشاعر فحسب، بل تنتقل العدوى إلى المتلقي:

ليَ القصيد

لحسادي القواميسُ.ص 56.

وفي هذا الفهم يتم تنزيه الشعر والسمو به فيتجاوز وضعه العاديَّ حيث يُنظر إليه على أنه لعب وسياحةٌ لغويانِ، فيصبح تأملا واختراقا ورفضا للسائد من الأفكار والقيم والسنن:

خرقتُ بالشعر

ما عنه الألى عجزوا

وليس تُخرَقُ إلا بي النواميسُ.

وهنا تصير علاقة الشاعر بالأشياء علاقة توتروانفصال وكيدية، فإذا كان الليل و السيف والبيداء والرمح تعرف المتنبي لإدمانه محاورتها وخوضَها، فإن الشاعر يقول:

وشى بي الليل

والبيداء واشية

كأن كل فضاءاتي

جواسيس.

الخيل والسيف والأقلام

تصرخ بي

مت دون حبرك

يُبعثْ فيك قديسُ.ص 57.

2 – الموت: إن التأمل في الموت هو تأمل في الحياة، فليس الموت بنقيض للحياة لأنه وجهها الآخر الذي يكمل الصورة ويهندسها. فكل منهما يعترف بالآخر ويتعايش معه، ودليلنا على ما نقول هو طول العِشرة بينهما التي امتدت لملايين السنين: فالحياة تزدهر على ضفاف الموت والموت يغرد على صخب الحياة. وكلا الموضوعين "الحياة والموت" لا يمكن للشاعر إلا أن يتأمل فيهما، وإن كان الأمر ليس بالهين والمتاح للجميع. وما ننتظره من الشاعر في تناول الموضوعين يختلف نهائيا عن نظرة العامة لهما ومنهم رجال الدين: فإذا كان هؤلاء يجعلون الحياة في مقابل الموت وينظرون إلى الأمر بمنظور ثنائي اختزالي، فإن الشاعر يتعالى عن تلك النظرة ليقرب الشُّقَّةَ بينهما ويجعل منهما تِربَينِ وليس غريمَين.

في القصيدة الأخيرة من الديوان " قصة موت " وهي القصيدة الحرة الوحيدة التي بناها الشاعر على تفعيلة " فعولن "، يتمكن الشاعر من تدجين الموت لدرجة اللعب الطفولي بصحبته والاستئناس بحضرته وإن كان الموت طفلا عابثا للغاية يستهين بأخلاقيات اللعب وشروطه. ولعل أنجع سلاح يتغلب به الإنسان على قسوة الموت وعنجهيته يتمثل في مصاحبة الموت والنوم البريء في سريره. ولعلنا نستطيع الكشف عن حضور المتنبي العظيم في نسيج القصيدة وكذلك حكيم الشعراء أبي العلاء المعري االذي نجح فوق الناس في ترويض الموت ومخادنته، وإن كانت بداية القصيدة تذكرنا بجلاء بأبي الأسود الذؤلي الذي تعامل مع موضوع الموت بمنظور حسي وتجريبي دون القدرة على الارتقاء شعوريا إلى فهم أنطولوجي للموت. يقول الشاعر:

الموت / يباغتنا / كالرصاصة في العرس / أو يتسلل كاللص / يدخل مجرى النفس / لا يقول لنا مرحبا / لا يقول وداعا / فلا وقت للموت /كي يعتلي حجرا قرب باب البيوت / كطفل يؤرق قيلولة المتعبين / ويضغط زر الجرس. ص 117.

إن الشاعر ينقل توتر الإنسان وقلقه من الإنسان الذي يخشى الموت ويشغله في كل الأحوال إلى الموت نفسه، وهذا انتصار له نشهد بحدوثه، فالموت غير مرتاح نفسيا ولا يقر له قرار إذ لا وقت له، ولا ينام قرير العين كما ينام الإنسان عندما يستبعد فكرة الموت ويتناساها ويؤجل النظر فيها. لقد أمرنا المعري بالسير الوئيد على أديم الأرض لأن الأرض قبر واحد، وكذلك حذرنا المتنبي والخيام، وهذا ما يقوله الشاعر بنفَس درامي رثائي:

والجنازة / خيط من البشر الغافلين / تمدد بين الوجود / وبين العدم / الجنازة / خيط وحيد على صفحة الذاكرة / والفناء قلم ص120.

ومثلما اقتص الشاعر من الموت فأسكنه غرفة تترجرج تفتقر كليا إلى السكينة والهدوء، كذلك يفعل مع التراب الذي لم يشبع أبدا من استقبال الجثث والضحايا عبر تاريخ الحياة كلها فيقول:

كيف يحمل هذا التراب / كل هذا الألم. ص 121.

وفي قصيدة " طلل "، وهي من البحر البسيط، يعكس الشاعر القناعة المُجمَعَ عليها فلا يصير الطلل ذلك البناء المتقادم الذي ترك الحياة وتركته، بل يصير الإنسان الذي سمى الطلل طللا هو الطلل:

فما الطلول سوانا / روحنا طلل / أجسادنا طلل / آمالنا طلل.ص 34.

ويصبح الموت قافلة لا نعرف بدايتها ولا منتهاها لأنها مسار  دينامي لا يتوقف:

ونحن قافلة الموتى طلائعها / حطت رحالا وباقي / الركب لم يصلوا. ص27.

3 – المرأة: يمكننا أن نقول بكثير من اليقين إن الإحساس بالجمال بدأ بالتحديق في الشمس في النهار والقمر في الليل والمرأة في الليل والنهار كليهما، لذلك من العبث معرفة النشيد الباكر الذي أبدعه الرجل في الإشادة بمحاسن المرأة وجاذبيتها. وعلى امتداد الحياة البشرية التي تقدر بآلاف السنين لم يكف لسان الرجل عن الاستياك بجمال المرأة وفتنتها وروائها. في أشعار هوميروس اكتنزت المرأة بحمولة أسطورية ثقيلة قادرة على تغيير الكون وكوسمولوجياه فتقلدت المرأة مناصب في سلك الألوهية . وفي الشعر العربي قبل الإسلام وبعده تحضُر المرأة بقوة وتجتاح أحيانا برِقتها وضعفها مطالعَ القصائد ومتونَها، ورغم ما يشاع من أن الرجل الجاهلي وأد المرأة وتبرأمنها وأقصاها عن مجال الحياة وتدبيرها فقد وقف أمام جمال المرأة كما كان يقف أمام هبل أو مناة أونائلة...أما الإسلام الذي دعا إلى العفة وجاء بفتوحات رائدة في النظرة إلى المرأة وانشغل أكثر بتثبيت أقدام الدين الجديد في عالَم قاس لا يعترف إلا بالقوة سبيلا واختيارا للحفاظ على البقاء، فقد أصبحت المرأة موضوعا شعريا كاملا قبل أن يلفظ القرنُ الأول أنفاسَه فيما يعرف بشعر العذريين حيث تألهت المرأة من جديد وأصبحت تتجاوز بمراحل أرومتها البشرية العادية. ويمكن أن نلخص تاريخ المرأة والرجل بقولنا: بقدر ما استعبد الرجلُ المرأة ظل في محراب الجمال يعبدها.

وشاعرنا في قصيدة رائعة على بحر المقارب بعنوان حارق " صلاة لقامتها " يقف الشاعر في محراب المرأة أو امرأة بعينها عاجزا عن الكلام لأن بيانه وبلاغته عجزا عن الأحاطة بقبس السحر الذي يشع من قامتها الهيفاء. ولقد استدعى الشاعر معجما سميكا للطبيعة ( الحديقة، النخيلا، الضباب، سيولا، الشمس، ظلها، خزف، النار، طيرين، ماء، غيمتين، النخل) واستعان بالثقافة الصوفية والدينية والفلسفية ( ملائكة، يصلُّون، تيمم، كوثرته، هيولى، الخزف والنار والماء " النشأة والتكوين والخَلق ") لتصبح المرأة الموصوفة متجاوزةً لحدودها البشرية و متمثلة للكمال الأنوثي البديع. ولروعة القصيدة ننقلها من شكلها الحر الخادع إلى سيرتها العمودية لنقدمها للقارئ كاملة لأن التصرف فيها يُغْضبُ المرأة الموصوفة، كما أننا نخشى المساس بجسد القصيدة فنؤثر سلبا على قامتها( المرأة) بإيذاء عضو من أعضائها:

صلاة لقامتها

بباب الحديقة صدَّقتُ قام                                تها مرة وانتظرت النخيلا

لها قامة يرتديها الضباب                               ويرتدُّ عن ركبتيها سيولا

لقامتها تثبت الشمس كي لا                            يطاولها ظلها   أو يزولا

لقامتها خزف لاذع اللم                                 س تمسي له النار ظلا ظليلا

فقامتها حصنها حول قلبي                             الذي حاصرته النساء طويلا

وقامتها تولم النمش الفوضوي                       لطيرين في صدرها لم يحولا

وقامتها وجع للمسافا                                ت حين تحاول خصرا نحيلا

ملائكة حول قامتها يَس                             بَحون يصلون كي لا تميلا

إذا ما تيمم ماء بقام                                  تها كوثرته وصار هيولى

بباب الحديقة صدقت قام                          تها غيمتين انتظرت الهطولا

وعاتبني عابر قال لي يك                        ذب النخل لا تطلب المستحيلا

وحث الخطى...من بعيد تأمل                      ته كان ظلي وكنتُ الذهولا 

* مفاتيح لزنزانة الروح، محمد علي الخضور،كتاب دبي الثقافية 80،دار الصدى، الطبعة الأولى أبريل 2013