د. فاضل فرج الكبيسي : شاعر الكلمة الملتزمة
د. فاضل فرج الكبيسي :
شاعر الكلمة الملتزمة
عمر محمد العبسو
إن من الشعر لحكمة ، بهذا أخبر سيد الكائنات سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ويرجع هذا لما للشعر من حلاوة ، فالكلمة الملتزمة لها طعمها الذي لا ينسى ؛ لأنه ممزوج بمعاناة ، وتضحيات ، و مصابرة ، ومرابطة ، وانتظار الأمل الذي لا ينتهي في نفوس أصحابها .
والشاعر العراقي فاضل فرج الكبيسي أحد فرسان الكلمة الإسلامية الملتزمة ، وهو أحد الدعاة أصحاب الهمة التي لم تضعف ، والإرادة التي لم تلين على الرغم من صعوبة الأوضاع والمرحلة التي يعيشها العراقيون .
ولادته ونشأته :
ولد الشاعر الإسلامي أبو صهيب فاضل فرج الكبيسي في مدينة الرمادي / محافظة الأنبار سنة 1942 م من عائلة متوسطة الحال مادياً "،يغلب عليها الطابع الإسلامي والتدين ، الأب أُمي والأم تقرأ ، وتكتب .
وبعد سنة من الولادة انتقلت العائلة إلى مدينة الفلوجة مرة أخرى حيث كانت تسكن أيضاً " قبل ذلك وبسبب حركة مايس سنة 1941 م حيث تعرضت مدينة الفلوجة إلى دمار وتخريب من قبل القوات الإنكليزية ومن معهما من العملاء .
دراسته :
عند بلوغ الشاعر فاضل فرج الكبيسي الخامسة أدخل إلى الكُتاب لأجل ختم القرآن لدى (( الملا )) ، وحين بلوغه السنة السابعة دخل الابتدائية ، وبعدها الثانوية في الفلوجة ، ثم الجامعة في بغداد.
وبعد تخرجه عين مدرساً ( للغة الإنكليزية) في ثانوية هيت سنة 1964 م .
وفي عام 1970 التحق بكلية الدراسات الإسلامية ، وتخرج منها سنة 1974م بدرجة امتياز والأول على كل الدفعة .
ثم أكمل دراسة الماجستير في الحضارة الإسلامية ، والدكتوراه في التراث العربي سنة 2004 م.
بداية نظم الشعر :
كان الأستاذ فاضل فرج الكبيسي مولعاً ( بالأدب والشعر ) منذ نعومة أظفاره ، وكان لأحد معلمي العربية أثره البالغ في ذلك فأقبل وهو في الابتدائية ـ بنهم شديد على قراءة الكتب الأدبية مثل كتب المنفلوطي ، والرافعي ، وعلي الطنطاوي ، والقصص الإسلامية للبوهي , وشعر الرصافي ، وشوقي ، والصافي النجفي ، وشعراء المهجر ، وشعر وليد الاعظمي .....وغيرهم ..
فنمت عنده الملكة الشعرية ، وبدأ ينظم الشعر ، وهو في الابتدائية ، لكن أولى قصائده كانت في الأول المتوسط سنة 1956 م وبعنوان ( يا بني الإسلام ما هذا السبات ) نشرت في مجلة ( الإرشاد ) الكويتية في حينها ، ثم أخذ ينظم القصائد في المناسبات الإسلامية ، ويشارك في الاحتفالات وهو لم يزل طالباً " في المتوسطة ، وعند تأسيس الحزب الإسلامي العراقي ألقى قصيدة في حفل افتتاح فرع الحزب في الرمادي سنة 1961 نشرت في جريدة (( الفيحاء )) وكان يحتفظ بتلك القصائد والمجلات والصحف حتى حرقت من قبل أهله عند اعتقاله في الأمن العام في بداية السبعينات .
الشعراء والعلماء الذين تأثر بهم :
في بداية مسيرته الدعوية والشعرية ، وبدأ مطالعاته في كتب المنفلوطي ، والرافعي ، وعلي الطنطاوي وعدد من الشعراء المعاصرين .
وبما أن توجهه كان إسلامياً بصورة مبكرة فقد تأثر بالكتاب الإسلاميين أكثر من غيرهم من أمثال سيد قطب ، ومحمد قطب ، وعبد الحميد جودت السحار ، ومصطفى صادق الرافعي ، والعقاد ، ونجيب الكيلاني فضلا عن رسائل (( حسن البنا )) رحمه الله حيث كانت المعين الفكري الذي صبغ حياته كلها بالتوجه الإسلامي .
ولابد أن أشير إلى أن مطالعاته الشعرية بدأت تتوسع لتشمل كل الدواوين منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحاضر بكافة التوجهات دون التأثر بأي فكر مغاير للتوجه الإسلامي . فقد كان يقرأ للجميع : احمد شوقي ، و الجواهري ، و السياب , بدوي الجبل ، البارودي ، المتنبي ، علي الجارم ، إبراهيم ناجي ، وصفي الدين الحلي ...وغيرهم كثير حيث قرأت ما يزيد عل الثلاثمائة ديوان من مختلف العصور.
الانخراط في الصفوف المؤمنة :
يتحدث الشاعر عن بيئته فيقول : ( كانت نشأتي في بيئة إسلامية ، وكان الوالد على علاقة قوية مع ((الشيخ عبد العزيز السامرائي )) وكان يصحبني معه إلى الجامع الكبير في الفلوجة ، فتوثقت علاقتي مع طلبة العلوم الشرعية في المدرسة ((الآصفية )) التي يديرها ، ويدرس فيها الشيخ السامرائي المذكور . وعند ظهور الحركة الإسلامية سنة 1952 م وانتشارها بجهود دعاتها الأولين وعلى رأسهم الشيخ (( محمد محمود الصواف )) وجدت فيها النبع الشافي لعطشي الفكري والأدبي الإسلاميين ، فانتميت لها في سن مبكرة سنة ( 1954 – 1955).
عندما أجازت محكمة التمييز تأسيس الحزب الإسلامي العراقي سنة 1960م كنت حينها في الصف المنتهي الثانوي ( الخامس في حينها ) كنا شبابا متحمسين تقع علينا أعباء حركة الشارع من ملصقات ولافتات وتنظيم الاحتفالات والمؤتمرات ، وكان المؤتمر الأول في جمعية (( الأخت المسلمة )) في الكسرة فكنا نقوم بتلبية طلبات المؤتمر المختلفة وكان يشرف على ذلك في حينها المرحوم الأخ المجاهد (( كامل محمد علي )) وقد افتتح الحزب فرعا" له في مدينة الرمادي ألقيت قصيدة في مؤتمره الأول مع الأخ المرحوم الشاعر وليد الأعظمي فنشرت كما قلت في جريدة (( الفيحاء)) وبعد صدور مذكرة الحزب الإسلامي العراقي الشهيرة والتي وجهت إلى رئيس الوزراء العراقي (( عبد الكريم قاسم )) تم اعتقال جميع أعضاء المكتب السياسي وفي احتفالية بليلة القدر في رمضان أقامتها الحركة الإسلامية في الرمادي ، ألقيت فيها قصيدة تطرقت فيها الى إخواننا المعتقلين من قادة الحزب حيث قلت في أبيات منها :
عودي لتثبتي للوجود وجودي وأن اعصفي بالظالم الرعديد
وأن امحقي المتجبرين بأرضنا متسلطين على الحمى بحديد
ومنها :
فإليك يا ((نعمان)) إكباري وسِره يا شعر بالإكبار نحو ((وليد))
سنحطم الأغلال عــن إخواننا وغدا" سنودي بالطغاة سنودي
وهي قصيدة طويلة فقدت مني حيث أخذت مني بعد الانتهاء من إلقائها من قبل قوات الأمن العراقي ، وتم توقيفي في سجن الرمادي ومن ثم نقلت الى مركز شرطة السراي وبعدها في شرطة ((المأمون)) وبعد خروج قادة الحزب من المعتقلات استطاع الأستاذ نعمان السامرائي مقابلة الحاكم العسكري العام (( أحمد صالح العبدي )) و إقناعه بإطلاق سراحي بعد مكوثي عدة أشهر في المعتقلات.
المحنة :
بعد ما استطاع التحالف الخبيث بين الصهيونية والصليبية والحركة الماسونية من إسقاط الخلافة الإسلامية وتقطيع أوصال العالم الإسلامي ،برزت الحركة الإسلامية بقيادة الإمام ( حسن البنا ) بالتصدي لمخططات ذلك الحلف اللعين مما جعل الحركة الإسلامية هدفا" أوليا" لذلك الحلف ، فسلط على العالم الإسلامي عملاء أوكل إليهم العمل على إيقاف النشاط الإسلامي وتصفية رجالاته بأساليب متعددة وفي شتى المجالات العسكرية القمعية والإعلامية التشويهية والثقافية والفكرية المضادة للفكر الإسلامي الوسطي النير.
لقد شن أعداء الإسلام من صهاينة وصليبيين ومن سار في فلكهم حملتهم الشعواء القذرة على الحركة الإسلامية مستهدفة قاعدتها الأولى في أرض النيل وتصفية زعيمها المرشد ( حسن البنا ) والرجال المجاهدين معه ، وكانت الإعدامات الظالمة والأحكام الجائرة التي زجت بالأعداد الكبيرة من رجال الدعوة الإسلامية في غياهب السجون يسومهم الظالمون أشد العذاب والتنكيل الذي يفوق كل الوصف.
ثم انتشر ذلك الظلم والبطش والطغيان ليعم كافة الأقطار العربية والإسلامية وكان للعراق نصيب وافر من ذلك حيث شنت أيضا" القوى الإلحادية والعلمانية والقوى المرتبطة بالاستعمار حملة شرسة ضد الحركة الإسلامية العراقية حيث أغلقت مراكزها وحظرت نشاطها ، وأودعت بالكثير من أفرادها في السجون والمعتقلات وبلغ البطش ذروته في المد الشيوعي عقب انقلاب 14 تموز 1958 وانقلاب 17 تموز 1968 حيث كان التضييق على أشده وكان الداعية المسلم عرضة للسجن والإعدام بمجرد أن يعرف له أي انتساب أو انتظام في صفوف الحركة الإسلامية مما دفع العديد منهم للهجرة إلى خارج العراق وعلى رأسهم زعيم الحركة الإسلامية الداعية الكبير الشيخ ((محمد محمود الصواف)) وإخوانه من قادتها والعاملين النشطين كما تم سجن الكثير لمدة طويلة وإعدام آخرين دون أي جريرة سوى أنهم يدعون إلى الله وتوعية الناس بدينهم ودعوتهم إلى نبعه الصافي.ولقد كنت من جملة من طالته يد الظلم والبطش حيث تم اعتقالي سنة 1959م وأنا لم أزل طالبا" في الثالث المتوسط حيث سجنت في سجن الكوت وموقف السراي كما اعتقلت في سنة 1961م على اثر إلقاء قصيدة بمناسبة ليلة القدر كما أوضحت سابقا" كما اعتقلت عام 1972 م في الأمن العامة بعد عثور السلطات البعثية على رسائل ( الإمام حسن البنا ) في دار جدي كما تم إبعادي عن سلك التعليم ( كمدرس) و إحالتي إلى وظيفة ( كاتب ) في وزارة الري سنة 1980 م فضلا" عن المضايقات و الاستدعاءات العديدة من قبل القوى الأمنية والاستفسار عن نشاطاتي وتقييد حريتي مما أوقف إنتاجي الشعري لعقود عديدة.
الأعمال :
هناك مجالات متعددة أمارس فيها نشاطي الدعوي والشعري والأدبي والفكري ففيما يخص الدعوي فانا أعمل مع أخوان لي في الوسط العشائري بنشر الوعي الإسلامي والوطني وكيفية انتشال العراق من الوهدة التي وقع فيها وتبيان الوسائل الشرعية التي علينا القيام بها من اجل نهضة العراق وتقدمه والوصول به إلى مصاف الدول المتقدمة علميا" وحضاريا" مع الحفاظ على ثوابتها الإسلامية والاجتماعية العريقة كما أمارس نشاطي الأدبي والشعري من خلال نشر نتاجي في الجرائد والمجلات والاحتفالات والندوات التي تقام في أماكن مختلفة في المساجد والجامعات وغيرها كما أساهم في إصدار مجلة (( الخطيب )) بصفتي المراقب والمصحح اللغوي فيها.
انحسار الأدب الإسلامي :
الذي أراه وألمسه اليوم آن هناك انحسارا" كبيرا" لحركة الأدب الإسلامي في العراق والوطن العربي على الرغم من توفر وسائل الإعلام والنشر وسهولة الحصول على المعرفة وذلك بانتشار الحاسب ومنظومة الانترنت وذلك بسبب عزوف الكثرة من طلاب الأدب عن أهم مصدر للأدب واللغة ألا وهو الكتاب ،فقد أصبح الكتاب يتيما" مسجونا" بين طيات الرفوف تعلوه الأتربة ويغطي عليه النسيان إن الذي يطالع الكتاب ويقلب صفحاته يكون أكثر وعيا ومعرفة بما فيه حيث ينطبع في عقله أكثر مما يحصل عليه من خلال شاشة الحاسب أو الانترنت من الطبيعي أن حصول الطالب أو المتتبع على المعلومة والفكر من خلال المعاناة والبحث في ثنايا الكتب والأوراق والتي تمد القاريْ بالنشوة والاستمتاع والتركيز حتى يكاد أن يحفظ حتى الصفحة التي تحتوي المعلومة أو الفكرة المعينة.ولذا نجد أن الكثرة من حملة الأدب الإسلامي في هذا الجيل لا يرتقي في مستواه الثقافي واللغوي إلى المستوى الذي كان عليه الجيل الذي سبقه وان كان هناك ثلة من شباب الدعوة تتمتع بمستوى جيد في العراق والبلاد العربية نرجو لها التقدم والاستمرار في السمو بالأدب الإسلامي إلى أعلى مكانة لتساهم في الذوق الرفيع وإثارة الهمم وتهذيب العواطف والطبائع بما ينسجم وسمو الإسلام العظيم.
الديوان الذي ينتظر الطبع :
القصائد بالنسبة للشاعر كأولاده فهي لديه متساوية يعتز بها جميعا" حيث تمثل كل قصيدة موقفا" يختص بالزمان والمكان الذين قيلت فيهما،فهي جزء من تاريخه وحياته وحياة دعوته وبلده ولا يمكنه أن يقتطع واحدة منها عن أخواتها فهي سلسلة متكاملة.
أما بخصوص الديوان وطبعه فان لذلك أسبابا" متعددة منها:
1. إن من خلال ما واجهته في سيرتي الدعوية من قبل الحكومات المتعاقبة أدت إلى إتلاف وحرق العديد منها من قبل الأهل و لاسيما عندما يلقى علي القبض ، وأودع السجن حيث يقومون بحرق كل مالي من إنتاج دون وعي أو تفريق مما أضاع الكثير من قصائدي.
2. كما إن القصائد التي نشرت في المجلات والصحف في حينه والتي كنت أحتفظ بها هي الأخرى قد أحرقت وأنا ابحث الآن عنها لعلي أعثر على البعض منها.
3. إن كثيرا" من القصائد في السنين الأخيرة كانت تنظم على عجل لكثرة المناسبات والاحتفالات والتي تتطلب مني مراجعتها وتهذيبها حتى تكون في المستوى المطلوب.
4. كما إن الحالة الصحية لم تعد تسمح لي ببذل الجهد المطلوب لهذا الأمر حالياً " وأنا إن شاء الله تعالى جادُ في هذا الأمر وما تشاؤون إلا آن يشاء الله رب العالمين.
مشاركاته :
في 30 تموز 2011 م شارك في احتفالات الحزب الإسلامي العراقي بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لتأسيسه ، وشهد الاحتفال العديد من الفعاليات المتنوعة وفي مقدمتها قصيدة ( الموكب الميمون) لشاعر الحزب ، الدكتور فاضل فرج الكبيسي ، والتي حيا فيها سفر المسيرة الخالدة من تاريخ الحزب، مثنياً على شهداء الحزب الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا نبراساً خلال المسيرة الممتدة طوال 51 عاماً .
عضو في البرلمان العراقي :
أكد مرشح قائمة التوافق العراقي عن محافظة بغداد الدكتور فاضل فرج الكبيسي إن التوافق ستواصل مسيرتها حتى يتحقق هدفها في التوازن السياسي دون تفريق أو تمييز بين جهة أو أخرى.
وقال الكبيسي (( لقد أنجزت التوافق الكثير لأبناء الشعب العراقي ومنها إيقاف التهجير ألقسري وإقرار قانون العفو العام والخدمة الجامعية وسلم الرواتب وقانون المخبر السري والحد من دعايات الأكثرية والأقلية)).
و أضاف الكبيسي (( لقد أدركت التوافق مبكرا ما ستؤول إليه الأمور ولذا عارضت الاحتلال وجميع القوانين والمخططات التي لا تخدم المصلحة الوطنية كما سعت بجهود حثيثة ومضنية لإنصاف المظلومين والمهجرين والمعتقلين الأبرياء الذين أودعوا السجون بدون مبرر وإنما على خلفية وشايات كيدية أو مخبر سري كاذب)).
ودعا الكبيسي أبناء الشعب العراقي الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 7 /3 واختيار الناس الأكفاء الأمناء ومن لهم تاريخ مشرف في الدفاع عن العراق والعراقيين ووقف مع المهجرين والمعتقلين ومع العراقي المظلوم أينما كان على وجه الأرض
قالوا عنه :
بهجة الحديثي :
والله أخي الشاعر الكبير الآن الساحة التي خلف أخونا المرحوم وليد الأعظمي هو فاضل فرج الكبيسي ونماذج من شعر ه في كتاب القصيدة الإسلامية كثيرة لكن أقتطف ثلاثة أبيات تقريباً :
إنا على عهدنا لا نرتضي بدلاً عن منهج الله أو في الحق منقلبا
هل في شرعية ربي أي منقصة حتى نتابع أهـــــــــــــواء الورى طلبا
من خلق أدم حتى اليوم ما وهبت شـــــريعة للورى مثل الذي أوهبا
شاعريته :
ومن أروع ما قاله الشاعر د. فاضل فرج الكبيسي قصيدته التي بعنوان ( يا راكــب المــوت ..!! )
في رثاء الشهيد المهندس إياد العزي – رحمه الله – يقول في مطلعها :
بأيً دمعٍ – تُرى – أبكيك يا بطلُ يا راكبَ الموتِ أنَى سار ترتحِلُ
فقد تلقَاك كالمعشوقِ أسرعهُ حُبٌ يَفيضُ مِنَ الجنَاتِ مُنهمِلُ
شُلت أيادٍ بنصل الحِقدَ تَسفكها دماءَ عِزَ ليقِضى للعِدا دَخِلُ
بهذا المطلع المخضل بالدموع ، يبدأ الشاعر مناجاته للراحل البطل ، الذي اتخذ من الموت مطية إلى الجنان ، وكيف لا ..وشعاره : الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ، ويلتفت الشاعر إلى الشهيد ، ويخاطبه ، فيقول :
( أيادُ ) يا كوكباً في أفقِ دعِوتنا أضاءَ بالحقَ لماَ أظلَمَت سُبُلُ
يا دافقاً بالعطاءِ الَثر تغمُرُنا إن كانَ غَيرُكَ قَد شًحوا وقد بخِلوا
أوقفَت رُوحكَ للإسلامِ تَكلؤُهُ ولم يَحُل دُونِِ ذا موتٌ ولا وَجَلُ
قِد عِشتَ لِلِه لا تُثنيكَ مَهلكةٌ عن المُضي ويحدو سَعيك الأملُ
حَتى سقَطتَ شهيداً في وقائِعهِ وذَاكَ ما كُنتَ ترجُوهُ وتبَتهِلُ
لقد كان الشهيد أبو سارة قمراً منيراً في سماء الدعوة الإسلامية في العراق ، لقد ضحى بروحه ، وجاد بحياته التي أوقفها في سبيل الله ، سعى إلى الشهادة بدون خوف أو وجل ، حتى حقق الله مبتغاه ، ويتحدث الشاعر عن وقع المصيبة على كل من عرف الشهيد ورافقه في جهاده الميمون ، فيقول :
تَبكي المنابرُ والمحرابُ في ولَهٍ فتى الخطاب و أوهى صوتها الشلل
وهَل حقيقٌ حُبِستَ اليومَ في جَدَثٍ وفوَق هَذَا الثُرى الأسقاطُ تَنتقِلُ
فكُلُ جُرح مع الأيام مُلتئمٌ وجُرحُ فَقدكَ لا يشفى و يندمِلُ
إن المصاب بهذا الشهيد الغالي لا يمكن أن ينسى ، و الجررح الذي خلفه لا يمكن أن يندمل ، لقد زفته ملائكة الرحمة كالعروس إلى جنات الخلود :
إنَا نَزُفُك للفِردَوس في أَلقٍ فإنَ عرسَكَ هذا اليومَ يكتمِلُ
إنَي أراك عريساً باسِماً فَرحَاً وقَد علًتَكَ بجناتِ العُلى حُلَلُ
نلتَ الذي قَد قَضَيتَ العُمرَ ترقُبُهُ فالحُورُ نَشوى وباتت تَزدهي النُزُلُ
عُرسُ الشهادةِ ذِيِ الأملاكُ تشهَدُهُ وإخوَةُ الًدرب في الساحاتِ تحتفلُ
ويصور الشاعر مشاعره تجاه رحيل البطل ، لقد أخرسته المصيبة ، وأفحمه المصاب ، لقد كانت الحركة الإسلامية تنتظر من القائد أن يحدو قافلة الكفاح ، وأن يتقدم الصفوف ، ولكن يد الغدر عاجلته :
إيهٍ ( أيادُ ) وما قد حَلَ أخرسَني وألجَمَ الشِعرَ هذا الحادثُ الجَلَلُ
كُنَا نُرجي بأن تمضي كتِيبَتُنا وأنت حادٍ بِها تشدُو وتَرتجلُ
فكَم تمنيتَ إعزَازاً لِرايتها بالنصرِ تخفقُ منه العينُ تكتحلُ
ولكن أنى للخونة والعملاء أن ينالوا مآربهم ، إنهم ظنوا بفعلتهم الجبانة أن يخرسوا صوت الحق والحرية ، ولكن خاب فألهم ، فإن راية الحق لن تسقط ، وخيول الهدى لن تكبو ، فكلما سقط بطل منا ، تلقف الراية بطل غيره ، وتقدم الصفوف نحو نصر جديد :
يا أيهُا الفارسُ المهُيوبُ ما سَقَطت راياتُنا أو خبَت مِن ضوئِها الشُعَلُ
هذا هو الدربُ , دَربُ الأنبياءِ هُدَىً إن فارِسٌ غَابَ يَعدُو بَعدهُ بَطَلُ
فإنَ رَكبكَ بالإخوانِ مُندَفِعٌ قد عاهدوا الله ما زاغوا و ماعَدَلوا
ولَن تَكِلَ عَن الجُلى مسَيرَتُنا بِكل عَزم وإن ضاقَت بنا السُبُلُ
والشهيد خالد في مسيرته ، وهو في عالمه الطهور أقرب إلى الملائكة منه إلى البشر ، فنور الشهيد وكلماته نور يضئ عيون إخوانه :
إن غَابَ غَيركَ في الأوحال من خورٍ فأنت في الساح مهما تَكتوي جبلُ
وأنت باقٍ بذاتِ الصوتِ ترفُدناً فَوقَ المنابر, ما أردَوَكَ أو قتلوا
فالخالدون مع الأجيال سَيَرَتهُم تضُمهُم في ثنايا نُورها المقلُ
وعلى درب الشهادة مضى الإمام الشهيد حسن البنا ، وعلى نفس الخطا مشى عبد القادر عودة ، وسيد قطب ، وقوافل الشهداء :
طريقنا بالدم الغالي تُمَهدُهُ قد عبَدتهُ لنا من قبلنا الرُسُلُ
وساَرَ فيها بنفسِ النهج ( مُرشِدُنا ) في الله يَسموُ ويحلوُ عِندنا الأَجَلُ
إنا إلى الله نشكو الغادرينَ بنا مَاَ دبَروهُ لنا ظُلماً ومَاَ فَعَلوا
فأننا ثُلَةُ الأطهارِ في زَمَنٍ عَزَ التقيُ بهِ واستفحلُ السفَلُ
ذهب إلى اللهِ – يا عزِيَ – ورحمتَهَ عليكَ منه سَحَابٌ مُغدِقٌ هطِلُ
الوحدة الإسلامية :
المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ، ومهما حاول الأعداء تشتيت شمل المسلمين ، فإنهم سيعودون مدحورين خائبين ؛ لأن أواصر الأخوة الإسلامية التي شادها الوحي أقوى من كيدهم ، وأمتن من غدرهم ومكرهم ، يقول الشاعر في قصيدة رائعة له تحت عنوان (( الخيمة الواحدة ) :
ما سرني يوما وجـــــــــــــــدد فرحتي ***** مثل اجتماع الخير بين الأخوة
فإذا أصخت لهم تطيب خاطري ***** ولما رأيت هتفت يا لـلروعــــة
طمع العدو بان يشتت شملهم ***** لكنهم شدوا بحبل مـــــــودة
وكيف لا تتوحد الأمة ، و ربها واحد ، و رسولها واحد ، و قبلتها واحدة ، و قرآنها واحد ، وتاريخها واحد ، وآمالها وآلامها واحدة ، تجمع بينها المصالح المشتركة ، والنسب الواحد :
إنا بنو شـــــــــعب توحد بالهدى ***** بــــــــــ(محمد) وكتابه والكعبــــــة
إنا لنعلنها بأنا امـــــــــــــــــــة ***** موصولة مــــــــــــــن شيعة أو سنة
وبنو العراق بكردهم وبعربهم ***** جبل أشم مزده بالوحــــــــــدة
فإذا اشتكت بغداد من أوجاعها ***** أرقت لها حزناً ربوع البصرة
وإذا استغاثت في العمارة حرة ***** لبت لها غــــــــــــــوثا ربى شقلاوة
إن مست الحدباء أيدي عابث **** في الموصل انتفضت قباب الكوفة
وعيون سامراء قد نزفت دما ***** لمصيبة حلت بأهـــــــــــــل حلبجة
الكل أهلي والديار مرابعي ***** إنى سريت فلا أحـــــــــــــس بغربة
ولكن للأسف أن مخططات الأعداء ما زالت سارية المفعول في العراق وسورية ولبنان ، إنهم يريدونها حرباً طائفية وقومية لا تبقي ولا تذر ، ولكن على العقلاء أن يكونوا رجال إطفاء ؛ لإخماد نار الفتنة .....فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ....
ويؤكد الشاعر أن تراب العراق مجبول بدم أهل البيت والصحابة الأطهار ، إنهم أراقوا دماءهم الطاهرة لتصل إلينا كلمة التوحيد والوحدة :
هذا العراق سقت رباه ونخله ***** دم أهل بيت محـــــــــمد والصحبة
وبماء دجلة والفرات توضأت ***** جبهاتهم وتيممت مــــــــــــــن تربتي
تلك القلوب تآلفت وتشابكت ***** بالحب اذ عمرت بصدق النية
فإذا اختلفنا في مسالك سيرنا ***** فالكل مـــــــــــرجعه لنفس الخيمة
فيها التقى سهل الفرات جباله ***** و الهور نام على شواطئ دجلة
إن أرض المسلمين يكمل بعضها بعضاً ، فهنا نفط ، وهناك زراعة ، وهنالك الأيدي العاملة التي لا تكلّ ، يد تبني ، وأخرى تقاتل ....
******************
ثم يلتفت الشاعر إلى حماة الديار ، وأهل النخوة ، لكي يصونوا حمى الوطن ، ويدفعوا عنه شرّ المصائب والمحن والاختلاف :
أنتم حماة الدار إن ليل دجا ***** أهل الشهامة و الفدا والنخوة
كونوا لها نعم الكفيل يصونها ***** من سوء عاقبة وشر مصيبة
وتقد أرض الرافـــــــــــدين قيودها ***** ويعود شريان الحياة لأمتي
فلأ نتم أهل الهدى وحماته ***** و لأنتم أبناء خير أرومــــــــــــــــة
إن البلاد بكم يفك أسارها ***** وتنال ما تصــــــــــبو مــــــــــــن الحرية
فدعوا القلوب بودها وصفائها ***** تناى عن الحقد اللئيم وفرقة
كونوا من الإيمان طودا شامخا ***** و أمام كيد المعتدي كالصخرة
إن حل خطب بالبلاد فماله ***** إلا أباة الضــــــــــــــيم أهل الهمة
وإذا لم يكن أهل الشهامة والنخوة والهمة القعساء أهلاً لمواجهة الفرقة والخطوب ، فمن يكون لها ......
*************** ***
ثم يبتهل الشاعر إلى الله لكي يوحد شعبنا وأمتنا ، ويقوي أواصر الأخوة والمحبة بينهم ، فمن يمسح البغضاء من قلوب المؤمنين غير الله :
يا رب وحــــــــــــــــد شعبنا وبلادنا ***** وامنح_بفضل منك_نور بصيرة
وامنح قلوب بني العراق عزيمة ***** واربط أواصـــــــــــرهم بحبل محبة
وارحم _بمنك_ امة عاثت بها ***** ايدي الضلال وعذبت من عصبة
عوض عذابات السنين و عسفها ***** عيشـــــــــــــــــاً هنيئاً آمنا ً كالجنة
رسالة الشعر :
تحية لك أخي العزيز الغالي أبا صهيب لقد زرعت فينا نحن إخوتك العقيدة الصحيحة وعلمتنا كيف يكون الرجل صلباً في الملمات ؛ وكنت المربي والقدوة لنا ، ولن ننسى أبداً أبياتك في قصيدتك الشهيرة (يا ملهم الشعر) التي قلت فيها ، ووصفت حال الشعر فيها في السنين العجاف عندما قلت:
أين (الوليد) وقد دوت روائعه وأين شدو رشيد بعد ميمون
كان حسان يتلو من فرائده والبحتري جديدا وابن زيدون
بلابل غادرت أعشـــــــــــــــاشها فغدت مأوى العناكب أو وكر الغرابين
لا بورك الشعر إن صيغت قصائده مدائحاً في نفاق للفراعين
أو كان زلفى لدى الطاغوت مبتذلاً يمـــــرغ الخد كسبا للملايين
ما ضيع الدين والأوطان و اسفي إلا النفاق ووعاظ السلاطين
لا فض فوك أيها الشاعر المسلم ، لقد نطقت بالسداد ، ووضعت أصبعك على الألم ، فرسالة الشعر في قول الحق ، وتعرية الباطل ، وفضح الفساد ، ومقارعة الظلم والاستبداد ، وهل أضاع هيبة الدين إلا النفاق والتملق للفراعنة والطواغيت ، فالويل لكم يا علماء السلطان ، لقد صدق فيكم قول سيد التابعين سعيد بن المسيّب – رحمه الله تعالى - : ( إذا رأيتم العالم على أبواب الأمراء ، فاحذروه على دينكم فإنه لص ) ....
شاعر الإسلام السياسي :
شارك الشاعر الإسلامي في الانتخابات العراقية التي خاضها الحزب الإسلامي العراقي ، حيث
أعلن يوم السبت الموافق 17 / 10 / 2009 عن قائمة ( التوافق ) العراقية ، وذلك في احتفال جماهيري حاشد وبهيج .
وابتدأ الحفل بتلاوة آي من القرآن الكريم ، تلتها قصيدة للدكتور فاضل فرج الكبيسي ، والشاعر الشعبي عادل محسن .
وكانت قصيدة الكبيسي تحت عنوان ( نبع العطاء ) بمناسبة إعلان قائمة التوافق العراقي
الدكتور الشاعر فاضل فرج الكبيسي يلقي قصيدته في المهرجان
يبدأ الشاعر قصيدته بمطلع فخم ، استخدم فيه ( التصريع ) جرياً على عادة القدماء ، وهو أسلوب يكسب النص إيقاعاً و موسيقا وجرساً عذباً يشدُّ النفوس ، ويشوّق القلوب ، ويطرب الآذان :
نبع العــــــــــــــــــــــطاء ليوم الضر يدخـــــــــــر إن جدبت أرضنا أنتم لها مطر
أو عسعس الليل يخفي النور في غبش أنتم لنا الصبح يزهو وجهه النضر
فالشاعر تربى في ظلال القرآن لذا نراه يقتبس من الكتاب العزيز قوله تعالى : والليل إذا عسعس ، ثم راح يمجد كتائب الإيمان ، ورجال الإسلام ، وحراس العقيدة ، الذين يبذلون كل جهودهم في رفع راية الدين عالية خفاقة :
أو باء بالصمت من في قلبه وهن هتفتم دون خـــــــــوف : إننا النذر
فمن عزائمكم صيغت مكارمنا وكل شــــــــــــــــر بها يــــــردى ويندثر
كتائب صانت الأوطان همتها تحمي العرين فما خانوا وما غدروا
سيماهم الطهر ما شانت سرائرهم أرجاس دنيا ،فما عاثوا وما فجروا
خيولهم مسرجات للعلى ولها رعد يزلزل إن أودى بنا خطر
هم علية الناس في قول وفي عمل فكر منير وعاه السمع والبصر
هم الرجال إذا ما حل ساحتهم ضيم تنادوا لها صيدا فهم صبر
مدوا الأيادي للأحرار صادقة وهمهم أن هذا الشعب ينتصر
ويشيد بالمرشحين في الانتخابات العراقية الذين ترشحوا على قائمة ( التوافق ) ، فيقول :
هذي ((التوافق)) ضمت في جوانحها أهل الكفاءة من زانتهم الفكر
هي العراق بـ(( كركوك)) و((بصرته)) إن استغاثت به أنباره نصروا
ضحوا بأرواحهم درأ لقاصمة وفتنة النــــــــــــــــــاس لا تبقي ولا تذر
تحملوا الضر إيفاء لموثقهم وواصلوا الدرب ما كلوا وما فتروا
نهارهم كله سعي وتضحية في هـــــــــــــــمِّ أمتهم آخاهم السهر
تاريخهم مثل ضو الشمس في ألق في نصرة الحق أرواحاً له نذروا
إن رجال الحركة الإسلامية في العراق يمتازون بالكفاءة ، والفكر الثاقب ، إنهم بذلوا كلّ جهودهم لدرء الفتنة في البلاد ، وتحملوا المحن والشدائد في سبيل تقديم الخير إلى أبناء الأمة ، لقد واصلوا الليل بالنهار ، وضحوا براحتهم ، وكان شعارهم : خير الناس أنفعهم للناس .
لقد ضحت الحركة الإسلامية بخيرة شبابها من أجل الوطن ، وأبناء الوطن ، فهاهي قوافل الشهداء تتوالى على الطريق لتنير دروب الأجيال :
فكم شهيداً هوى في الساح غايته قمـــــــــــع الظلام وليل الشر ينحسر
((أيادنا)) و((الجواد الشهم))(( حارثنا)) سعد الصمود وفي حدبائنا (( عمر
قد خضبوا أرضناً سقياً لتربتها مــــــــــــــــــــن باسهم ودماهم أينع التمر
فمن تصدى لريح الشر غيرهم ومن سواهم لحفظ الأهل قد صبروا
مرت عليهم من الأهوال ما عجزت عنه الرواسي وصم الصخر ينفطر
إن غيرهم فرَّ يوم الروع منهزماً فهم تنادوا له ما مســـــــــــــــهم خور
ومن تصدى لتقسيم العراق ومن بوحدة الأرض والتاريخ يأتزر
***
وتمسك الشاعر بالهوية العراقية ، فأبناء الوطن كلهم سواسية ، لا فرق فيه بين عربي وأعجمي ، تجمعهم الأفراح والأحزان :
هذا العراق بهِ عِشنا سَـــــــــــــــواسيةً قد ضَمَنا في رُبى أفيائِه القدرُ
فيه اقتسمنا جَنى الأفراح زاهِيةً وفي الشدائِد غشى جَمعنا الضرَرُ
ويشيد بالحضارة الإسلامية في بغداد يوم كانت عاصمة الخلافة ، ومحطّ أنظار العالم من شرقه لغربه :
بغداد أنت سماء المجد عالية وأنت رغم الضنا في ليلنا قمر
وأنت بنت العلى والعز صامدة ولن تفت بساهي صرحك الغير
فأيقظي من سبات فتية غشيت أبصارهم ظلمة التضليل والخدر
فان خيلك في الساحات جاهزة ومن سنابكها يستقدح الشدَرُ
حتى يعود عراق الخير متحدا تصفوا الحياة ودنيا الناس تزدهر
وعلى شباب العراق أن يصحوا من غفوتهم ، حتى يعود العراق إلى الوحدة ، ويسير في طريق المجد والعلياء ...
***
ويخاطب الجماهير المسلمة المحتشدة ، أن ينتخبوا أصحاب الأيدي المتوضئة ، فلا يجوز أن تعطي صوتك لمن يرفع صوته في محاربة الله ورسوله :
يا قومنا حان وقت الحسم فانتفضوا وآزروا من بفعل الخير يدثر
ومن يداه عن الآثام قـــــــــــد نأتا براً أميناً وبالإخلاص يأتزرُ
تاريخه أبيض كالصبح صفحته ما مسها دنس أو شابها كدر
فصوتوا للذي بالحق معتصم شدوا على كفه بالعون وانتصروا
ففي التوافق تمكين لوحدتنا وخيمة يزدهي في ظلها السمر
العدل منهجها والصدق ديدنها وسعيها أن هذا الغزو يندحر
بكم يعود عراق الغر ثانية عالي الجناب به الأجيال تفتخر
فإذا فعلت الأمة ما أوصى به الشاعر وانتخبت السادة الأحرار الشرفاء ، فإن العراق سيعود إلى سابق عزه ومجده وسيعم الخير ربوع الوطن الحبيب .
المولد النبوي الشريف :
حضر الاحتفالات التي يقيمها الحزب الإسلامي بمناسبة المولد النبوي الشريف ، والهب الشيخ الدكتور فاضل فرج الكبيسي مشاعر الحاضرين بقصيدة رائعة تغنت بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومؤكدة السير على خطى الحبيب فبدون ذلك تضيع خطواتنا وتتيه .
إن راح يفخر أقوامٌ بقادتهم فإن (أحمد) للدنيا هو البطل
ومن يطاول في العليا (محمدنا) وهل يطالُ بأقزامٍ لهم زُحلُ
تمجيد شهداء العراق :
أقام الحزب الإسلامي مجلس العزاء بالشهداء في يوم الأحد الدامي 28 / 10 / 2009 م :
وتضمن مجلس العزاء إلقاء قصيدة للشاعر فاضل فرج الكبيسي رثا فيها شهداء التفجيرات الدامية , داعياً فيها العراقيين إلى التلاؤم والتكاتف بوجه جميع المخططات التي تريد بهم السوء
وكان الدكتور فاضل فرج الكبيسي مسؤول مكتب العشائر في الحزب الإسلامي العراقي
وكان للشعر نصيبه في الاحتفالية ، حيث خاطب شاعر الحزب الإسلامي الدكتور فاضل فرج الكبيسي الحضور بقصيدة بديعة حملت عنوان ( الموكب الميمون ) ، أشاد فيها برجال الحركة الإسلامية في العراق ، جاء في مطلعها :
في عتمة الليل شع الأفق بالقمر
يضيء بالخير ، يمحو ظلمة الكدر
من الركام علا صرح تشيده
زنود فتيان أهل الآي والسور
لقد كانت ولادة الحزب الإسلامي العراقي كالنور في الظلمة ، لقد قام الأطهار من بين ركام الجاهلية ليعيدوا مجد الإسلام القادم لا محالة ، ويتابع الشاعر الإسلامي رسم اللوحة في مشهد أخّاذ ، فيقول :
من قبل خمسين "نعمان " تعهده
إلى إياد يسير الحزب في ظفر
رجاله ما توانوا عن مسيرته
رغم الصعاب ورغم الكيد والخطر
ما أجدبت أرضنا إلا و وابله
يهمي عطاء لكل الناس كالمطر
خمسون عاماً تنعمنا بوارفه
نأوي إليه لدى اللأواء والعثر
لقد مضى على التأسيس خمسون عاماً ، كلها جهاد مبارك ، تواصلت فيه الأجيال ، وحمل فيها الراية المجاهد نعمان السامرائي ، وتناوب حملها الأفذاذ حتى وصلت إلى الشهيد إياد العزي ، الذي بروحه لكي لا تسقط الراية ، ويبوح الشاعر الكبيسي بمشاعره اتجاه الحزب الإسلامي الذي منحه البيعة ، ونظم في مديحه الأشعار ، وبذل من أجله زهرة العمر ، وما زال وفياً لمبادئ ذلك الحزب العظيم :
له هتفت بأشعاري أطارحه
يشجو الفؤاد كعزف الناي والوتر
بذلت نفسي له منذ الصبا ولقد
أقسمت أفديه حتى آخر العمر
ولن تقر عيوني دون رؤيته
يعلو شموخاً بملئ السمع والبصر
فكم نظمت له من مهجتي درراً
وكم شدوت له من أجمل الغرر
إن جذور الحزب الإسلامي ضاربة في أعماق التاريخ ، يستمد تعاليمه من الرسول القدوة – عليه الصلاة والسلام – فهو يهدي الحيارى إلى أنوار التوحيد ، ويدافع عن كرامة الأمة وحريتها ، ويرد عنها كيد الأعداء ،
جذوره في هدى الإسلام غائرة
أغصانه تغدق الأيام بالثمر
هدية الله للحيرى يبصرهم
كأنه جاء دنيانا على قدر
تقدم القوم ذودا عن كرامتهم
يرد كيد قوى المحتل و التتر
جاءت قواه لتخريب العراق فلم
تدع سبيلاً لذاك الأمر أو تذر
أرض الفراتين أرض الخصب قاحلة
بلا ضياء ولا ماء ولا شجر
فثورة الشعوب المسلمة سوف تقتلع الظلم من جذوره ، فالظالمون خفافيش لا تبصر إلا في عتمة الليل ، فلنستمع إلى الشاعر الكبيسي يجلي لنا هذه الحقيقة ، فيقول :
فقوة الظلم والعدوان آيلة
إلى الزوال بمقلاع من الحجر
ثارت شعوب كريح صرصر عصفت
من المعاناة لم تعبأ بذي كبر
مثل الخفافيش طاروا الا ترى لهم
أمام طوفان أهل الحق من أثر
لقد أذلوا بني أوطانهم زمناً
وها هم اليوم قد سيقوا إلى سقر
خمسون عاماً من الكفاح يبصر بها الحزب الإسلامي الأمة بالمستقبل ، ويرسم لها الطريق ، تحمل أبناء الحزب الصعاب ، وبذلوا بسخاء ، وسهروا لحراس العقيدة والدفاع عن مصالح المسلمين :
خمسون عاماً قضيناها بما حملت
فما بخلنا بمجهود و مدكر
نبصر القوم بالآتي لعلهم
أن يدركوا ما تداعى من رؤى النذر
فدى العراق بفتيان مضوا قدما
صاغوا الفداء بأشكال من الصور
فلم تلامس لذيذ النوم أعينهم
وهم يرون عراقاً غير منتصر
شبابه في ظلال الطهر منبتهم
ما شانهم دنس أو لوثة القذر
وكان القرآن دستورهم ، منه ينهلون ، وعلى مائدته يربون شبابهم ، ونساءهم ، وأطفالهم :
ومن هدى الله في القرآن هم رشفوا
نبع الهداية في الأفعال والفكر
وشيبه قد تربوا في مرابعه
على الوفاء وحسن الفعل والسير
إذا تناجوا فبالإحسان منطقهم
لم يعرفوا قط بالتهريج والهذر
خمسون عاما من الآلام ما جزعوا
وما اشتكوا من عناء القهر والضرر
كانوا مع الركب في عسر وميسرة
فهم حماة الحمى في الحل والسفر
ويخاطب ( الإخوان ) ويطلب منهم أن ينتفضوا على الوهن والعجز والخور ، فالمعالي لا تنال إلا بالتضحية :
يا إخوة الدرب جد السير فانتفضوا
من رقدة الضعف والتوهين والضجر
فلا تنال العلى إلا بتضحية
والنصر يدرك بالآلام والسهد
ما كان من خطأ أو عثرة وقعت
فلتجعلوها لكم درسا من العبر
فانه الموكب الميمون تلكؤه
عناية الله عن سوآت منحدر
مهما يكيد له الأشرار إن له
جند السماء وأبطالاً من البشر
حقاً إن الله لن يتخلى عن نصرة من ينصر هذا الدين
وبعد :
فهذه صفحات من عطاء الشاعر الإسلامي فاضل فرج الكبيسي الذي تتلمذ على شاعر العراق وليد الأعظمي – رحمه الله - وراح يكمّل رسالة الشعر الملتزم الهادف التي رفع بيرقها الأعظمي العظيم ، أمد الله بعمر شاعرنا ، وإلى مزيد العطاء يا خيرة الرجال .....