قراءة في قصة "الرمان المر" لميسون اسدي

سهيل إبراهيم عيساوي

قراءة في قصة "الرمان المر" لميسون اسدي

سهيل إبراهيم عيساوي

قصة الرمان المر ، تأليف الاديبة ميسون اسدي ، والتي اصدرت عشرات الكتب المخصصة للأطفال ، ونجحت في التقدم والارتقاء في صدارة المشهد الثقافي والادبي ، وخاصة في مجال ادب الاطفال ،زينت القصة برسومات الفنان اسامة المصري ، اصدار أ.دار الهدى ، بإدارة الاستاذ عبد زحاقة ، سنة الاصدار 2013 ، تقع القصة في 36 صفحة ، صفحات داخلية ملونة ، غلاف سميك مقوى .

القصة : تتحدث القصة عن عائلة فقيرة من ناحية اقتصادية ، حيث تم تهجير العائلة من القرية ، لتنتقل الاسرة للعيش في قرية اخرى ،الوالد متوفي والام تقوم على اعالة طفليها منى وسامر ، في بيت مكون من تخشيبة من الزنك ، والتخشيبة هي غرفة واحدة مقسمة بين غرفة نوم وصالون وحمام ، ولا مكان محدد لتناول الطعام ، بالقرب التخشيبة يقطن " ابو صلاح " رجل ثري بيته حجري ،وفي حاكورته تكثر اشجار الرمان المعروفة بمذاقها اللذيذ ، ولعاب منى وسامر يسيل عندما يتخيلان انهما يفلقان الكوز ويأكلان حباته الارجوانية . وفي احدى الليالي خطط الولد والبنت لغزو حاكورة " ابو صلاح " وبعد وضعا خطة محكمة في اقتحام الحاكورة من طرف السياج المثقوب ، دخل سامر الحاكورة واخته كانت تراقب عن كثب واتفقا على كلمة سر وهي عبارة عن اغنية، للتنبيه اذا اتفق واقتحم المكان احد الاشخاص ، وهناك واجهته عدة عقبات :قن الدجاج والكلب والسياج الشائك وخز القراص المؤلم والعتمة ، وباب بيته الذي يخرج الاصوات ، لكنه تغلب عليها ، سرق اربعة اكواز رمان لكن احدها سقط منه في الحاكورة ، لكن في الصباح تعالى صوت ابو صلاح حتى بلغ اخر القرية يشتم ويسب السارق اللعين ، ادركت الام فعلة اولادها وحدقت بأيديهما المدبوغة باللون الاحمر القاني ، لم ترض بعمل الحرام ، اصطحبتهما الى دار "ابو صلاح" وحددت لهما العقاب ليعملوا طول اليوم عند "ابو صلاح" دون اجر فأصبحت ايديهما سوداء واصبح مذاق كل طعام مر كالعلقم .

رسالة الكاتبة : حملت القصة في طياتها عدة رسائل قصيرة ولكنها قوية منها :

-         الفقير ليس فقير المال ، انما فقير الكرامة ، الام رغم فقرها لم تقبل التستر على جريمة سرقة اولادها لأكواز وهي بنفسها اقتادتهما وحددت لهما العقاب .

-         السرقة مرفوضة اجتماعيا واخلاقيا ودينيا واقتصاديا ، والسارق يجب ان ينال عقابه ، لكن هنالك فئات معينة في المجتمع تشجع السرقة عن طريق غض الطرف او اعطاء شرعية للسرقة من الاغنياء او الاموال العامة او الحكومية بحجج واهية وشعارات براقة جوفاء ، السرقة هي سرقة لا يهم قيمتها او مصدرها .

-         ليس بالضرورة الغني هو شرير وظالم ، ابو صلاح كان يمنح الاطفال اكواز الرمان المعطوبة من طرفها ،ومنح الاسرة قطعة ارض لبناء تخشيبة لقاء العمل لديه .وهنا الكاتبة حاولت تغيير الفكرة والصورة النمطية عن الاثرياء .

-         اللاجئ في الداخل او الخارج ، هو انسان له كرامته وله كيانه واحلامه ، في الاصل قد يكون ترك خلفه البيوت العامرة والقصور واراضي والخيرات ، لكن الظروف اجبرته على حياة اخرى مجبولة بالفقر والعوز ، على المجتمع دعم مثل هؤلاء نفسيا واقتصاديا من باب " ارحموا عزيز قوم ذل ".

-         مهما كان اللص ذكيا قد يترك الاثر ويعرف .

-         الاعتراف بالذنب فضيلة .

-         العقاب يجب ان يكون تربويا لتصليح الخطأ وليس العقاب الجسدي هو الحل.

-         الطفل يتمتع بذكاء كبير وقادر على التخطيط والتدبير مثل الكبار .

-         السارق وان نجا لا يمكنه ان يذوق الطعم الحلو او ان يرتاح نفسيا ،لان شبح فعلته السوداء يطارده في كل زمان ومكان "ومال الحرام لا يدوم" .

-         ضرورة المحافظة على النظافة مثل غسل الايدي بعد تناول الطعام ولملة قشور الرمان حتى لو كانت مسروقة !.

اسلوب الكاتبة : نجحت الكاتبة ميسون اسدي دخول عالم الطفولة وروعته وشقاوته وعالم الفقراء والصراع بين الفقر والكرامة وقامت بتوظيف العديد من الكلمات بصورة ناجحة وموفقة مثل " يغزوا " ص2 ، " حاكورة " ص2،" يفلقان الكوز " ص 8 ." البرميل الرابض " ص 24 ،فاختبأ في أجمة القراص " ، ص26 ،" اخذت تقرقر " ص 26 ، " عنتر كلب ابو صلاح " ص 28 ، " انبطح على بطنه وزحف خارج الحاكورة " ص 30 ، "لملما القشور " ص 30 ،" " خلدا الى النوم فرحين " ص 30 ، "واكفهما مدبوغة باللون الاحمر القاني .."، " شك الدخان " ص34 ، ونجحت الكاتبة في شد القارئ من بداية القصة حتى نهايته ، للقصة ابعاد فلسفية واخلاقية وتربوية ، وتحاول معالجة ظواهر معينة تطفو على السطح بأسلوب ادبي شيق .

 ملاحظات على هامش القصة :

-         الكاتبة ذهبت بعيدا في الضربات التي تلقتها الاسرة : التهجير ، خسارة الاملاك ، اليتم وموت الاب المعيل الوحيد ،الفقر المدقع ، ايدي الاطفال "اصبحت سوداء ومذاق كل طعام يلمسانه مرا كالعلقم " ، قد يشعر القارئ ان الكاتبة حملت النص الكثير من الصور القاتمة ،وهذه المرة تجنبت النهاية السعيدة للقصة .

-         الحوار الداخلي غير مقنع ص28 " كيف لم يعرف سامر بوجود الكلب داخل الحاكورة ؟..عرف بالطبع ، وكان قد احضر معه قطعة لحم اذا هجم عليه "

خلاصة : نجحت الكاتبة في ايصال رسالتها بشكل واضح ، وفي طرح قضايا هامة سياسية واخلاقية وفلسفية واعطاء بعض الحلول ، وان كانت الصورة قاتمة ، وربما الصورة في الاصل والواقع ايضا قاتمة والكاتبة فقط رسمت الواقع دون رتوش او انها تعمدت طرح الموضوع بهذا الشكل المتطرف لجذب واستنفار القارئ وتفاعله ، وهذه القصة من انجح قصص الكاتبة ميسون اسدي ، لأنها وصلت الى عالم الطفل وافكاره والطفولة وشقاوتها وحلاوتها .

اسئلة حول القصة :

-          صف العلاقة بين سامر واخته منى

-         لماذا حلم كل من سامر ومنى بغزو حاكورة ابو صلاح ؟

-         ما هي العقبات التي وقفت امام اقتحام سامر للحاكورة ؟

-         كيف تغلب سامر على كل هذه العقبات ؟

-          كيف عرفت الام بان سامر ومنى هما السارقان ؟

-         كيف عرف ابو صلاح بانه تعرض للسرقة ؟

-         ما رايك برد فعل الام ؟

-         ما رأيك بالعقاب الذي فرضته الام ؟

-         صف شخصية " ابو صلاح " .

-         كيف انقلب حياة الاسرة بعد تهجيرها ؟

-         اكتب نهاية اخرى للقصة .

-         هل نجحت الكاتبة في ايصال رسالتها ؟

-         اقترح حلولا لمعالجة مشكلة الاسرة ؟

-         ما الفرق بين سرقة كوز الرمان واغراض اخرى ؟

-         شخصية اعجبتك من بين شخصيات القصة ولماذا ؟

-         اذكر حادثة وقعت معك مشابهة لأحداث القصة .