قراءة لرواية هناك في سمرقند لأسعد الأسعد
قراءة لرواية هناك في سمرقند لأسعد الأسعد
خولة سليم-دورا
صدرت في نيسان 2012 رواية"الطريق إلى سمرقند" للأديب المعروف أسعد الأسعد عن منشورات دار الجندي في القدس
"سمرقند مثل غيرها من المدن لها ذاكرة لا تختلف عن ذاكرة البشر ، وكما يلفظ البشر الأطعمة الغريبة فان المدن تلفظ الغرباء أيضا، حتى وان دخلوها عنوة "ص(59).
الرواية تلك تقع في ثمانية فصول ،،، تتوزع على 172 صفحة من القطع المتوسط ،،، تعيش معها رحلة بين أسماء مناطق وشوراع وأزقة غريبة في أسمائها ... في عاداتها... في تقاليدها... في فكرها... يخيل اليك أنك تعيش حياة مختلفة كليا .
تبدأ أحداثها بزيارة بطل الرواية"اليشير" لضريح دانيال في سمرقند…يشكو للضريح وجعه وألمه لفراق محبوته "ثريا " والتي يتمنى لقاءها ،،، وقد غادر بلاد الرافدين بحثا عنها… يتجه اقصى شمال العراق… الى أوزباكستان… ثم طشقند الى أن يستقر به المقام أمام الضريح... يطلب المساعدة للوصول...تبدأ الأحداث بالتتابع ... تسرد قصة شاب من أحياء بغداد- ينجو من الموت بأعجوبة من قصف صاروخي مباغت يفقده أسرته كاملة، ويقرر الهرب الى الشمال ..يلتقي فتاة تدعى ثريا من سمرقند...يحس أنها ملاذه الآمن...يفقدها في لحظات يخيل اليه دوما أنه على موعد مع الفراق... يتجول مكرها في بلاد لم يشأ أن يطأها إلّا باحثا عن حبه الذي سار به هناك الى سمرقند... يبقى يعيش بين قدرين لا ينفكان يطاردانه ردحا من الزمن....القدر الأول كوابيس الصواريخ تضرب الكرادة ويفقد أهله فجأة ويهيم الى الشمال هربا للنجاة... وقدر الحب الذي يربطه بتلك الفتاة... وكيف رمى به القدر بين أحزانه وهمومه ويبقى كابوس حبه المزمن يطارده...يهاجر متنكرا ومنتحلا أسماء أوزباكية ؛ كي يستطيع الوصول عبر عدة محطات تفيتيش مقيتة ...يهرب منها بشق الأنفس الى أن يصل الى بر الأمان... كان القدر على موعد معه ودون سابق ميعاد وبعد أن فقد الأمل عدة مرات في لقاء مع من أحب...الى أن يشاء ويحن عليه بلقاء أبدي...يكمل مشوار حياته من غربة الى غربة...يأمل في حياتة تنسيه أنه غريب في بلاد لا تحترم الغرباء
أسلوب الكاتب مميز جدا في صور وتشبيهات ولا أجمل... ويستخدم أبياتا من الشعر المحكي في قديم الزمان على لسان أبطال الرواية فيعيد للاذهان زمان خلت ... أشعار قيلت في سالف العهد والزمان...وقصص من التراث الإسلامي والعربي ترتبط بشرقي آسيا ...وبعض الأحداث أيام الثورة البلشفية...وحرب الأوزبيك ...ويعرج في أحداث القصة على تهريب الأسلحة والمخدرات وضحاياها... وكيف أن الشاب أثناء رحلته الطويلة تلك يمر بتاريخ يتحرك أمام عينيه يكاد يعرج بنا الكاتب على بلاد جميلة رائعة زاخرة بكل ما فيها...تستحق أن يبحر فيها الكاتب بكل عذوبة ويسر لينقلنا الى أجواء مغايرة... يشدك الشغف الى نهاية الرواية في أسرع وقت ممكن...فعنصر التشويق يسلب وقتك لتكمل الرواية ولا تتركها لحظة.