أمسية أدبية في رابطة الأدب الإسلامي العالمية
أمسية أدبية في مكتب الأردن الإقليمي
لرابطة الأدب الإسلامي العالمية
اللجنة الإعلامية:
أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية في مقرها الدائم في عمان أمسية أدبية في تمام الساعة الخامسة مساء يوم السبت 14\4\2012م، واشتملت الأمسية على إضاءات نقدية ألقاها الناقد الدكتور محمد السعودي على ديوان "شموخ في زمن الانكسار" للشاعر عبد الرحمن العشماوي، وأدار الأمسية الأدبية الشاعر الدكتور سليم ارزيقات عضو الرابطة.
وقد ناقش الباحث ثلاثةً من الانزياحات هي الانزياح الإسنادي، والانزياح التركيبي، والانزياح الدّلالي في ديوان الشاعر؛ ليكشف دورها في إظهار اللغة الشعرية، والتجديد في علاقة المصاحبات المعجمية مع بعضها البعض، وأثر هذا كلّه على المعنى. ومن الأمثلة على الانزياح الدلالي المصاحب للإضافة ما جاء في المقطع الشعري التالي:
دعوني يا بني قومي أحدّثكم
عن الآهات في وجدان زيتونِ
عن الدّمع الّذي يجري
دماً في مقلة التينِ
عن الإجرامِ..
كيف يعشِّعش الإجرامُ في أهداب صهيون
يتبدّى أمامنا نموذجان للإضافة، أضاء كلّ منهما مساحة في النّص. هما: "وجدان زيتون"، و"مقلة التّين". فالوجدان سمة معنويّة لازمت الإنسان منذ الأزل كونه يمتلك مشاعرَ وأحاسيسَ. وهذا لا يكون في الأشجار في فَهمنا العام. إذن ما الفائدة المستقاة من هذه الإضافة؟ إنّ الفائدة تتجلى في إثارة المتلقي ودفعه لاتخاذ موقفٍ واضح تُجاه الظلم. فلو قال: وجدان إنسان أو أي اسم له، لما كان هذا السّطر مضيئاً في النّص. خاصّة إذا عرفنا أنّ الزيتون رمز من رموز الثّبات والعمق في بلاد الشّام منذ العصور الرّومانية. وهي شجرة مباركة أقسم بها الله العظيم " وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ " وتمثّل في أيامنا رمزاً من رموز الثّبات للإنسان الفلسطينيّ على أرضه المغتصبة. فالظلم لم يضج منه الإنسان الفلسطينيّ وحده، بل تجاوز ذلك ليصل إلى الزيتون الذّي يشهد هذا الدّمار. والحال في " مقلة التين" هي نفسها في وجدان زيتون، وهي الأسلوب نفسه في إغناء النّص، فالمقلة تكون للحيّ، ولا تكون لغيره. إلاّ أنّ الأمر اختلف عندما يريد المبدع أن يرتفع بالنّص إلى مستوى لغويّ وإيحائيّ جديد؛ فالتين له مقلة تجري دماً لا دمعاً. وبذلك لم يكتف المبدع بالانزياح المعهود: تجري دمعاً، بل أبدل لفظة "دمعاً" بلفظة جديدة "دماً" أغنى النّص بها في الجانب الإيحائيّ. وأعتقد أنّه تقدّم بلغة النّص وفتّح أفقاً ما كانت تبدو بهذه الصّورة لولا استخدامه للفعل "تجري " بدلاً من "تذرف" مثلاً أو...
النّعت:
لم يكن لانزياح النّعت حضور واضح في ديوان الشاعر خلا بعض الأمثلة التي لا يشكل جلّها انزياحاً يعرف به المبدع، أي يتميّز به عن غيره؛ ولذا آثرتُ ذكره والوقوف عند مثال واحد؛ لأبيّن للمتلقي ماهيّة هذا النّمط من الانزياح، ولا يعني هذا أنّ تجربة الشاعر تخلو منه، فقد اطلعت في دواوينه الأخرى على أنماط متعددة تحتاج إلى وقفات طويلة. ومن صوره عند الشاعر في الدّيوان الّذي أتناوله قوله:
قَدَمٌ تحنّ إلى الوقوفِ
ولا يُطاوعُها الوقوفْ
قَلَمٌ يحنُّ إلى الحروفِ
ولا تُطاوعُه الحروفْ
.......................
وقصائدٌ مذعورةٌ
ملّتْ إقامَتَها الرُّفوفْ
إنّ المثير اللّغويّ هنا هو قوله "قصائد مذعورة"؛ فلا يمكن أن تكون القصائد مشابهةً للإنسان أو الحيوان في المشاعر، إذاً اللفظة ليست منسجمةً في جانب التلاحم اللّفظيّ. فالقصائد الشعريّة، المعبّرة، أو في مرحلة انزياحية ثانية: القديمة أو الحديثة، في ثالثة نقول القصائد الموجّهة أو المؤلمة. أمّا مذعورة فهذا سَبقٌ يُسجّل للشاعر؛ لأنّها استوحشت في ظلمتنا التي نعيش فيها، وحُقّ لها ذلك.
وفي الختام فتح باب التعقيبات فأدلى العديد من الحضور بمداخلاتهم وتعقيباتهم حول المحاضرة.