اكتشاف الشهوة لفضيلة الفاروق

نزهة أبو غوش، ورفيقة عثمان

 قرأنا رواية الجزائرية فضيلة الفاروق "اكتشاف الشهوة" لأنها طُرحت للنقاش في"ندوة اليوم السابع" في مدينة القدس.

عنوان الرواية: لقد بدا واضحًا أَن عنوان الرواية هو ماركة عالمية كمن يضعها أَصحاب الشركات على بضاعتهم، من أَجل ترويجها وكسب أَكبر ربح ممكن. فقد اختارت الروائية فضيلة الفاروق أَسهل وأَقرب طريق من خلال وضعها كلمة "الشهوة" على الغلاف، وذلك –للأَسف الشديد - تمشيًا مع السوق الذي يتطلب مثل هذا الإنتاج من الأَدب الهابط.

الأُسلوب: بدا أسلوب الراوية واضحًا ومباشرًا غير منضبط بالدين، ولا المجتمع، ولا الثقافة العربية، ولا الأَخلاقية. يبدو أَن الراوية سقطت فريسة لبعض الفلسفات الغربية، التي تدعو إِلى الإِباحية، والحرية  المريضة في التعبير، وأن الكاتبة تكتب من أَجل الغرب، حيث أَنها سعت إِلى تقليد بعض الأَدب الغربي تقليدًا أَعمى، ربما اعتبرت الراوية أَن أسلوبها هذا هو تطبيقُ لمبدأ "حرية الأَديب"، وهل حرية الأَدب تتطلب بأَن نعري أَجسادنا، وأَنفسنا فوق صفحات الكتب؟ هل تتطلب منا الحرية بأَن نخلق لأَدبنا العربي ذوقًا سقيمًا يبعد كل البعد عن الذوق السليم آلاف الأَميال؟ هل يتطلب منا الأَدب بأَن ننحرف به لغويًا وفكريًا؟ وهل يتطلب منا الأَدب بأَن نمرِّغ كتاباتنا بوحل الغريزة والإباحية المفرطة؟ أَعود وأَتساءل، ربما تفننت الراوية في كتاباتها تحت ظل " الحرية والحداثة"؟ وهل تتطلب منا الحداثة بأَن نبتعد عن الرشاد،ونقترب إِلى الغلو والشذوذ؟ وهل تتطلب الحداثة بأَن نهدم تراثنا العربي الأَصيل، بالخروج عن معاييره، وقيمه؟ هل لغة الكاتبة، وذوقها الأَدبي في رواية " اكتشاف الشهوة" هي  أَفكار مستحدثة؟

الفكرة: لم تكن فكرة الراوية واضحة، هل هي وقوع الظلم على المرأَة العربية، أَم هي اختيار الخيانة الزوجية، من أَجل حياة جنسية أَفضل؟ أَم نبذ فكرة الزواج؟ أَم شيء آَخر؟ فهي بأَي حال من الأَحوال كلها  أَفكار بالية، وموبوءة.

نأسف ونحزن على هذا النوع من الأَدب الهابط الذي يلاقي من يقفون وراءَه، ويكثرون من المدح  والنفخ الزائدين؛ ونعتب على الذين يروِّجون لمثل ذلك الأَدب في معارضهم " معارض الكتب".

اللغة:

لغة الكاتبة سلسة وقوية، فيها قدرة واضحة على التعبير، والوصف، والصور البلاغية التي تصور الأَحداث بلغة ترتبط  بالغريزة الجنسية بشكل فاضح.

 اللغة كنز ثمين وهبة الله للإنسان، لتكون له وسيلة يعبر فيها عن احتياجاته ومشاعره ومكنوناته النفسية، فكيف لو كان هذا الإنسان أديبا؟ يفترض بالأَديب أَن يعبر عن عواطف ومشاعر الآخرين، ليجسد آمالهم وتطلعاتهم بأسلوب راقٍ ومؤثر، فالأَدب مسؤولية وأَمانة وفن وتفاعل مع قضايا المجتمع، يوصلها الأَديب للقارئ مع ما يحمله من مواقف، و فلسفته، ورؤيا خاصة به وحده خالقًا الإبداع الذي ندعوه أَدبًا. حبذا لو استخدمت الكاتبة أَو الروائية، الفاروق طاقتها الأدبية وقدرتها الإبداعية  في كتابة الأَدب الملتزم، لتثبت للقارئ مدى وعيها، ومسؤوليتها وإِدراكها ويقظتها ، ولو فعلت ذلك  لاستطاعت بأَن تحلق في آفاق رحبة ليس لها نهاية، تمامًا بعكس ما أَظهرت في روايتها - المتحررة- " اكتشاف الشهوة"؛ وخاصة في خضِّم الحياة التي نعيشها اليوم. الحياة  التي تكثر فيها القيم المتضاربة المليئة بكل المتناقضات، والصراعات والتشوهات الحضارية، والتاريخية في ظل تغيرات سريعة، وغريبة

 حبَّذا لو أن الروائية فضيلة الفاروق تفاجئنا برواية جديدة، تحمل بين ثناياها صورة نظيفة نقية، بعيدة عن الشبهات، صورة مشرِّفة تحمل كل كرامات البشرية فوق رأسها.  

    وأَخيرًا نتمنى على كل الأُدباء والأَديبات العرب أَن يأخذوا بيد القارئ إِلى ما يسمو بروحه، وعقله، وخلقه ودينه

ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع-القدس