رواية "اكتشاف الشهوة"
رواية "اكتشاف الشهوة"
ودخول العولمة بجسد المرأة
جميل السلحوت
في روايتها"اكتشاف الشهوة"* تخرق الروائية الجزائرية فضيلة الفاروق كل"التابووات"-المحرمات- ظنا منها انها تدافع عن حقوق المرأة، مع أن اعطاء المرأة حقوقها واجب على كل شخص ذكرا كان أم أنثى، ووضع المرأة العربية والمسلمة غير مرض وغير مقبول في كافة الدول العربية والاسلامية، نتيجة للعقلية والتربية الذكورية والعادات القبلية والعشائرية.
والثقافة الجنسية العلمية والدينية الصحيحة، ما عادت من المحرمات، مثلما لم تكن هي كذلك في السابق، واللافت أن من كتب فيها سابقا هم في غالبيتهم رجال دين لتبيان الأحكام الشرعية في هذه القضية، لكن فضيلة الفاروق تعدت حدود الدين وحدود الثقافة في روايتها هذه، فقدمت لنا صورا جنسية فاضحة، مع أنها نفت في مقابلات صحفية منشورة معها أنها كاتبة جنس، واعترفت بأن عائلتها كادت تتبرأ منها لروايتها هذه، وأنها أعلنت توبتها عن الكتابة عن مسقط رأسها ومدينتها "قسنطينة" الجزائرية، ويبدو انها وجدت ضالتها في بيروت التي أقامت فيها بعد زواجها من لبناني. وروايتها اكتشاف الشهوة" يبدو أنها جاءت استجابة للدعوات الغربية التي تدعو الى عولمة الثقافة، وهذا فيه دعوة صريحة لفرض ثقافة الأقوى على الضعيف، أيّ فرض الثقافة الأمريكية والأوروبية على الشعوب الأخرى، مما يعني طمس ثقافة هذه الشعوب، ويبدو أن بعض الكاتبات والكتاب العرب، لم يأخذوا من العولمة سوى الانفتاح الجنسي ان لم نقل الاباحية الجنسية، أما العلوم والاختراعات بشتى أصنافها وأشكالها فليست واردة في حسابات البعض.
وتتجلى الاباحية في رواية "اكتشاف الشهوة" في أكثر من موقع، فالزواج عهر كما جاء على لسان بطلة الرواية ليلة زفافها:" بين ليلة وضحاها اصبح مطلوبا مني أن أكون عاهرة في الفراش، أن أمارس كما يمارس هو، أن أسمعه كل القذارات، أن أمنحه مؤخرتي ليخترقها بعضوه،....ولهذا تطلقت لاحقا"، وبما أن الزواج عهر، فان "الفضيلة" في الممارسة الجنسية مع أكثر من شخص خارج الحياة الزوجية، والعهر ليس حكرا على المرأة، بل يشاركها الرجل أيضا هذه الصفة، فالأزواج لا يجدون سعادتهم مع الجنس الآخر الا من خلال العاهرات والخمور والمخدرات، ومصيبة المصائب على الجنسين تقع من خلال عقد الزواج، فالمرأة الزوجة التي يعاشرها زوجها دون الانتباه لمتطلباتها الجسدية والغريزية تروي البطلة على لسانه عندما احتجت على ذلك:" قال انه يمارس الجنس حسب شرع الله، وهذا المطلوب منه لا اكثر"ص92 وتقول" في مجتمعنا من العيب ان تسأل امرأة متزوجة هل تحب زوجها أم لا؟.........الاعتراف بالحب شبهة، والشبهة تعني ضلالة، والضلالة-والعياذ بالله- تقود الى النار.ما أخطر الاعتراف بالحب! انه كالزنا، كاحدى الكبائر،أو كالقتل"ص99 ولا أعلم بناء على أي شيء اعتمدت الكاتبة في فتاويها هذه، التي فيها تشويه للحقائق وكذب وافتراء على الدين وعلى العادات، فلا الدين ولا العادات يمنعان المحبة بين الزوجين، بل أنهما يحضان على ذلك.
والكاتبة التي لم يرد في روايتها أيّ علاقة سوية بين زوجين، كانت علاقات الحب والجمال بين الزوجات ورجال متزوجين في باريس، بينما طمس شخصية المرأة واضطهادها وتزويجها، واغتصابها من قبل زوجها من نصيب مدينتها قسنطينة. فالنعيم في باريس والجحيم في الجزائر، ونعيم باريس يتأتى بالخيانة الزوجية، فالجزائر بلد الحريم، وباريس بلد الحرية والانطلاق.
والرجل الذي يمارس الجنس مع غير زوجته عاهر وخائن، والمرأة التي تخون زوجها متحررة وباحثة عن السعادة.
غير أن الكاتبة التي رأت بطلة روايتها سعادتها في تعدد العشاق- باستثناء الزوج طبعا في باريس، لم تتحدث عن الآفات الجنسية الناتجة عن الانفلات الجنسي في باريس وغيرها، والتي لا تقتصر على الايدز بل تتعداه الى أمراض أخرى، تقضي على حياة البشر، وتورثها لأطفال أبرياء لا ذنب لهم.
*فضيلة فاروق- رواية: اكتشاف الشهوة- منشورات رياض نجيب الريس-2006- بيروت.