السياسة والثقافة والهوية للدكتور فيصل درّاج
قضايا فلسطينية
موسى أبو دويح
أصدر مركز صخر حبش للدراسات والتوثيق في رام الله الطبعة الأولى سنة 2008، والثانية سنة 2010 من كتاب قضايا فلسطينية / السياسة والثقافة والهوية للدكتور فيصل درّاج، في 148 صفحة من القطع المتوسط.
قسّم الكاتب كتابه إلى ستة عناوين رئيسة هي:
1. ما هي الهوية الفلسطينية اليوم؟
2. صعوبات الحديث عن الثقافة الوطنية الفلسطينية.
3. السياسة الثقافية والمثقفون الفلسطينيون.
4. السياسة الفلسطينية عمل منجز أم لم ينجز بعد؟
5. ما خسرته اسرائيل ولم يربحه الفلسطينيون.
6. هل الكفاح الفلسطيني: نعمة ونقمة؟
وقسّم كل واحد من هذه العناوين الستة الرئيسة إلى بضعة عناوين فرعية.
تحدّث الكاتب عن كل هذه المواضيع بلغة ليست سهلة، وليست في متناول الجميع، بل استطيع أن أقول: إنها لغة الخاصة لا لغة العامة، لغة أقرب للفلسفة منها إلى الواقع، لغة فيها تعقيد، وفيها تتزاحم الأفكار، فيطغى الغموض على الوضوح وبخاصة في موضوعي الهوية الفلسطينية والسياسة الثقاقية. استمع إلى الكاتب يقول عن الهوية في صفحة 18 و 19: "يتوزع بناء الهوية الوطنية، بهذا المعنى، على المعيش العفوي والمتوارث والثقافة الشفهية، من ناحية، وعلى عمل مؤسساتي منظم له دوره الفعال في الكتابة والقراءة والحوار وتبادل الأفكار، من ناحية ثانية. لا تختلف دلالة الهوية كثيرا عن دلالة الذاكرة. فمثلما أن الذاكرة تتوزع على شكلين متحاورين متكاملين هما الذاكرة الشفهية والذاكرة المكتوبة، فإن الهوية، المتماسكة الواعية لأهدافها، تتوزع بدورها على هوية عفوية، فالفلسطيني فلسطيني لأن وطنه يختلف عن وطن الآخرين، وعلى هوية مدركة لأهدافها، تعرف أن الفلسطيني فقد وطنه بسبب آخر اغتصبه بقوة السلاح. يؤدي الحوار بين شكلي الهوية إلى ايضاح الذاكرة و"السيطرة" على عناصرها لأن وعي الضحية لأسباب اضطهادها، ينقل طاقتها الهائلة من مستوى الانفعال، الذي لا يفكر كثيرا، إلى مستوى عقلاني يدفع الفعل التحرري إلى الامام".
ويقول في صفحة 39 و40: "من أين تأتي قوة الهوية الوطنية؟ تأتي من تصور يؤمن بالتنوع يفتحها على الهويات الأخرى، ويؤمّن لها حوارا داخليا يمنع عنها الانغلاق والتكلس، ويوحّد بين النظري والعملي والوطني والكوني والحديث والموروث، ويجعل من حياة الهوية امتدادا لسلطة الحياة، القائمة على التنوع والتعدد والحركة. إن أفق الهوية الفلسطينية، المتطلعة إلى وطن حر، يجعل الهوية المنشودة بدورها أفقا، أي جملة عناصر متحاورة لم تعثر على صيغة أخيرة. ذلك أن الصيغة الأخيرة تعني "نهاية الكفاح الوطني" واستعادة الوطن".
ويقول عن سياسة الهوية في صفحة 44: "لا توجد الهويات جاهزة ثابتة، فهي تتكون وتتبدل، فإن لم تقبل بالتطور كانت هوية ساكنة، أو ميتة. وما سياسة الهوية أو السياسة الهواياتية إلا محاولة "تربيتها"، وتعديلها ونقدها اعتمادا على تجربة إنسانية محددة".
ويقول في صفحة 56: "فالذين اطمأنوا إلى الوجاهة قبل سقوط فلسطين، تمسكوا بها بعدها، وحتى حين اقترب بعضهم من العمل الوطني بعد صعود منظمة التحرير في ستينيات وسبعينيات القرن، فإنهم لم يقوموا بذلك إلا كضرورة لوجاهاتهم المتناتجة، أو لذلك الشئ الذي يدعى ب"التجمل الاجتماعي"".
ولقد كانت لغة الكاتب تسهل وتتضح وتصفو عند الحديث عن آراء الآخرين وأفكارهم مثل: خليل السكاكيني وجبرا إبراهيم جبرا وهشام شرابي وغسان كنفاني وإحسان عباس وغيرهم. استمع إليه يتحدث عن المدرسة عند السكاكيني في صفحة 95: "فعلى خلاف القاعدة القائلة: "من علّمني حرفا كنت له عبدا"، قالت مدرسة السكاكيني بقاعدة أخرى: "من علّمني حرّرني، ومن حرّرني ساعدته على توسيع أفق حرّيته". فالمدرسة التي لا تعلّم التلميذ معنى الحرّية مدرسة للعبيد، حتى لو كانوا عبيدا يحسنون القراءة والكتابة".
والمدرسة عند السكاكيني هي "مصنع للرجال" وقال أيضا مؤكّدا أن "ثورة السلاح" هي أهون الثورات وأن الثورة الكبرى هي بناء الانسان الجديد القادر على الدفاع عن الوطن. صفحة 100.
ولقد استعمل الكاتب في كتابه ألفاظا ليست من مشتقات لغتنا مثل شكلانية، ومثل تاريخيتها أو لا تاريخيتها صفحة 10. ومثل التصور الشكلاني صفحة 14.ومثل الهواياتية صفحة 44. ومثل المتناتجة صفحة 56.
أما أخطاء الكتاب فقد جاءت قليلة بالنسبة لأخطاء كثير من الكتب التي تصدر في هذه الأيام مثل:
صفحة 9 "فمن وبدون" والصواب فبدون.
صفحة 20 "غير ال جدير بالإقامة" والصواب غير جدير بالإقامة.
صفحة 34 "اعتمادا على تجربة عمرها ستين عاما" والصواب عمرها ستون عاما.
صفحة 145 "ولا تقتل أحد" والصواب ولا تقتل أحدا.
وختاما لا بد لكل من يتعامل مع يهود أن يضع في حساباته بداية أمورا منها:
1. أن يهود لا يعطون شيئا ولو ملكوا الدنيا وما عليها. قال تعالى في سورة النساء آية 53: "أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا".
2. لا تجوز موالاة يهود لقول الله تعالى في سورة الممتحنة آية 13: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ" ولقوله في نفس السورة آية 9: " إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
3. "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ" سورة الأعراف آية 167.
فلا قيمة لأي حديث أو مفاوضات مع يهود، وهم إلى زوال بإذن الله، ولكن على أيدي المؤمنين المخلصين.