قراءة في مجموعة (الاختيار)

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

 " الاختيار وقصص أخرى " مجموعة قصصية للقاص " رضوان ناشد " تتسم ـ بكل وضوح ـ بالواقعية التسجيلية ذات البعد الاجتماعي لا عن طريق الاختيار ، وترتيب الحوادث ، بل عن طريق التصوير الفوتوغرافي كما عرفناه بلونيه الأسود والأبيض .

 ولكن هل هذا ينقص من قيمتها في وقت تزخر فيه المكتبات بالأدب المكشوف ، والفن العاري ، والقصص الغامضة ؟!

 إن فن القصة ليس خاصاً بالطبقة ذات الفهم المتميز ! لقد غدا فناً جماهيرياً تتذوقه شتى المستويات ، وتجد المتعة في سماعه وقراءته ، وما تفوق الفن الروائي على الفن الشعري في عدد القراء والمهتمين ، وكثرة الطبعات للقصة الواحدة بالمقارنة مع ديوان الشعر إلا دليل على ذلك .

 إن هناك أعداداً غفيرة من القراء يحبون أن يروا الواقع ممثلاً أمام عيونها مع اختلاف الوسائل التي تجسد لهم ذلك ، وليست القصة أقل هذه الوسائل شأناً ، إن لم تكن من أكثرها . فكيف إذا غدت متوافرة وميسرة ؟!

 ومن هذا الباب تلج هذه المجموعة ، إذ يجد فيها القارئ صوراً كثيرة يعرفها في الحياة ، وقد عايشها ، أو سمع عنها .

 فالاختيار ـ وهي الأقصوصة التي حملت المجموعة عنوانها ـ تحدثت عن الوسيلة الصحيحة في اختيار الزوجة ، من خلال تجربة مخفقة لأحد المدرسين ، تعقبها تجربة ناجحة ولكن كما يريد الإسلام ، وأما (الحصاد) فتتحدث عن ابن جانح ، أهمل والده تربيته ، وانشغل عنه فحصد نتيجة هذا الإهمال جنوحاً وعقوقاً !!

 وفي أقصوصة (الرسالة) تصوير لمشاعر الانتظار عند شاب يطمح أن يكون شاعراً .

 وفي (لا ، لن أسير وحيداً) إصرار على فعل الخير مع ما يلقاه أحدهم من مقالب ونتائج عكسية ؟!

 وأما (فردوس الأشواق) فتتحدث عن ضياع بعض الشباب الذاهبين إلى العمل ، أو الدراسة في العواصم الغربية ، وافتقادهم التربية والتوجيه ، مما يوصلهم إلى هاوية الانحراف ، وضياع المستقبل .

 وفي أقصوصة (يا رب) نقرأ عن شاب يعيش وحيداً ، تطرق فتاة غريبة بابه ليلاً ، فيضطر إلى إيوائها ، ليعيش ساعات من الصراع مع النفس والشيطان ، ثم ينتصر عليهما ويكافئه والدها بعد أن عرف الحقيقة ، بالزواج منها !

 ومع كل أقصوصة عبرة يستخلصها القارئ ، لا كما يريد الكاتب ، ولكن كما يجب أن تكون في واقع الحياة . ولعل المؤلف نجح في أكثر قصص هذه المجموعة إذ جعلنا نعايش أحداثها ، ونتفاعل مع أبطالها ، فنتخذ الموقف ذاته قبل أن يعلن بطلها عنه ، وكأننا نحن الذين رسمنا له طريق الخلاص ، أو خاتمة المطاف .