رواية "ظلام النهار" للشيخ جميل السلحوت
رواية "ظلام النهار"
للشيخ جميل السلحوت
جميل السلحوت
موسى أبو دويح
كتب الشيخ جميل السلحوت رواية "ظلام النهار" صدرت طبعتها الأولى في أيلول سنة 2010م عن دار الجندي للطباعة والنشر والتوزيع في القدس.
سمى الشيخ روايته "ظلام النهار" ومعروف أن النهار منير والليل مظلم، ولكن النهار الذي تحدث عنه الشيخ في فترة الأربعينيات والخمسينيات أي قبل حرب حزيران سنة 1967 وعلى الأخص في منطقة السواحرة وما جاورها من الأعراب والقرى مثل عرب التعامرة وعرب الجهالين وعرب العبيدية وقرى سلوان وأبوديس والعيزرية؛ حيث الفقر والجهل والمرض والتعصب للأهل والأقارب والعشيرة، وكسر الرأس وحتى قتل النفس -التي حرم الله قتلها- لأتفه الأسباب من أجل دابة لدخولها بستان فلان أو رعيها في أرض علان. تماما كما قتل كليب ناقة البسوس لمجرد دخولها المرعى الذي حماه لإبله، وكانت نتيجتها حربا أحرقت الأخضر واليابس بين الأخوة، قبيلتي بكر وتغلب واستمرت أربعين سنة.
فالفترة والبقعة والناس الذين تحدث عنهم الشيخ قريب من ذلك. ولا أجد عذرا للشيخ فيما كتب إلا التأريخ لفترة مضت، وقد يرى البعض أن طيها أفضل من نشرها؛ ولكن عذر الشيخ أن الأدب مرآة العصر وأن أصدق الأدب ما صور عصره تصويرا حقيقيا كما هو الواقع. فإذا قست تلك الأيام التي تحدث عنها الشيخ بغيرها من الأيام السابقة واللاحقة كانت أياما مظلمة سوداء.
أهدى الشيخ جميل روايته إلى الذين عملوا ولا يزالون يعملون على مقاومة العتمة، وإلى الأجيال الصاعدة من أبناء شعبنا على أمل أن لا تسقط الشعلة من أياديهم. (وكان الاولى أن يقول: من أيديهم وليس أياديهم؛ لأن اليد الجارحة والتي تحمل الراية و الشعلة تجمع على أيدي. واما اليد بمعنى النعمة أو الفضل والإحسان فتجمع على أيادي فتقول: "له أياد علي كثيرة" وأما اليد بمعنى القوة فتجمع على أيد، "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" الذاريات الآية 47).(انظر تهذيب اللغة للأزهري).
بدأ الشيخ روايته بعمل الصبيان ممن هم فوق الثانية عشرة في الحفريات في قرية سلوان في الجنوب الشرقي من المسجد الأقصى مقابل ما نسميه طنطور فرعون. بطل الرواية خليل، طفل أكتع، يشفق عليه المستر ستيفن الإنجليزي ويتقرب منه ويعلمه بعض الكلمات بالانجليزية. وفي العام التالي يأتي المستر ستيفن بولده براون إلى القدس ويعرفه على خليل الذي يعلم براون العربية ويتعلم منه الانجليزية. ويعرض براون على خليل أن يأتي إلى لندن للتعرف على أمه التي حدثها عنه كثيرا، ويذهب خليل إلى لندن وهناك يقارن بين عيشه في السواحرة والعيش في لندن.
وهناك في لندن تضطرب شخصية خليل، فهو لا يشرب البيرة لأنها حرام، ويقع في حبائل المومسات وهو دون الرابعة عشرة من العمر. والغريب العجيب أن ستيفاني المومسة تعطيه عند سفره ثلاثة آلاف جنيه استرليني، فلا أدري أمومسة هي أم محسنة.
لقد أفرط الشيخ في استعماله اللغة العامية المحكية عند عرب السواحرة، وكان بإمكانه أن يخفف من استعمالها، ويستعمل لغة عربية فصيحة بسيطة سهلة، ولا يستعمل اللغة المحكية إلا عند الضرورة القصوى وعلى ألسن رجال طاعنين في السن، لا يعرفون إلا العامية.
حاول الشيخ في روايته أن يثبت بعض الأقوال والأغاني التي ترددها النساء في ليلة الحناء وفي الفاردة وفي الزفة وعند خروج العروس من بيت أبيها إلى بيت الزوجية. وفي هذا محافظة على التراث وتوثيقه وتثبيته.
كما وركز على الأمثال المتداولة بين العربان مثل: "يا مرة عاقل، يا سياق حاقل". "لا تحلف بالله لا صادق ولا كاذب". "يا شايف الزول يا خايب الرجا" وغير ذلك كثير.
ومما يلفت النظر حديث الشيخ عن الانجليز عن معاملاتهم وأخلاقهم وتصرفاتهم، فهل نسي الشيخ أن البلاء الذي نحن فيه –أقصد أهل فلسطين- مرده الى جرائم الانجليز في حق أهل فلسطين منذ عهد بلفور وحكومة الانتداب في فلسطين وإلى يومنا هذا. أم أن الشيخ يريد أن يبين أن الشعب الانجليزي شعب عاهر فاجر، إلا أن ذلك لم يظهر واضحا في الرواية.
رمز الشيخ جميل في روايته للخير والمعروف بالشيخ الطيب ذي اللحية البيضاء والملابس البيضاء، والذي كان يظهر لخليل كلما حزبه أمر، أو أحاطت به معضلة فيدله على طريق الخلاص، ويريه مستقبله.
(قال الشيخ الطيب لخليل: بإمكانك أن تدرس في أي كلية تريد يا بني، وبإمكانك أن تختار أي مكتب يا بني كي تعمل فيه... فرعي الأغنام وفلاحة الأرض ليست لك) صفحة 107.
أما ما ورد في الرواية من أخطاء مطبعية فسأترك الحديث عنه؛ لأن باستطاعة القارئ معرفتها. أما الأخطاء اللغوية النحوية والصرفية فسأذكر بعضها:
صفحة 14: (كافة) هذه الكلمة حال منصوبة دائما "وما أرسلناك إلا كافة للناس" سبأ الآية 28. فنقول: صحيح أنه لم يتجول في حواري وأسواق وأزقة القدس كافة. ولا نقول: (لم يتجول في كافة حواري وأسواق وأزقة القدس).
صفحة 16: في هكذا حمام والأحسن في حمام كهذا الحمام.
صفحة 20: (حتى التبس عليه الأمر عن المتنزهين، هل هم العجائز أم الكلاب أم كلا الطرفين؟) والأولى حتى التبس عليه أمر المتنزهين، هل هن العجائز أم الكلاب أم كلاهما معا؟ لأنه لا يليق أن تجعل الكلاب طرفا والعجائز طرفا آخر فتكون قد ساويت بينهما.
صفحة 21: (وهنا جاء الشيخ الطيب ذو اللحية البيضاء والملابس البيضاء) وكان الأولى أن تقول: وهنا جاءه شيخ طيب ذو لحية بيضاء وملابس بيضاء؛ لأننا لم نعرفه من قبل، وهذه أول مرة تذكره لنا، أما بعد ذلك فيجوز لك أن تعرفه لأنه صار معروفا لدينا.
وفيها أيضا: فغفا قبل أن يستبدل ملابسه، وفي الفقرة التي تليها، استيقظ خليل من نومه... استبدل ملابسه ونزل إلى الصالة، وهذا يعني أنه خرج في ملابس النوم.
صفحة 23: (ما عليك سأضيف اسمي) والصحيح لا عليك. إلا اذا قصد الشيخ الاستعمال العامي عند السواحرة، لكن هذا الكلام جاء على لسان السيدة الانجليزية أنطوانيت.
صفحة 24: (فرحة فاطمة بتوأمي الذكور الذي أنجبته في البيت لا توصف) والصحيح اللذين أنجبتهما. وفيها (يا ابن الحلال) والصحيح تحذف ألف ابن بعد النداء. وفيها (مبروك من أنجبت) والصحيح مبارك ما أنجبت.
صفحة 25: (من بطون أمهم) والصحيح من بطن أمهم أو بطون أمهاتهم؛ لأنه ليس للأم إلا بطن واحد.
صفحة 29: (وانهالوا عليه ضربا.. وساعدهما كل من مر في الشارع من القريتين) والأصوب وساعدهم.
صفحة 39: (قبل البدء بدراسة الزرع) والأحسن بدرس الزرع أو بدراس الزرع.
صفحة 40: (وقف على ظهر حجرين تحت الجحر المغلق) والأولى وقف على حجرين وضعهما تحت الجحر المغلق.
صفحة 42: رضعيه يا فاطمة (دفع بلا عنك) هذه الجملة تحتاج إلى توضيح أي دفعا للبلاء عنك وعن أولادك. وفيها (ينحر خاروفا) والأحسن يذبح خروفا لأن النحر للإبل والذبح للغنم. ولقد تكررت كلمة (خاروف) كثيرا والصحيح خروف بحذف الألف.
صفحة 49: (جاءه شيخ بلحية بيضاء وملابس بيضاء) والصحيح جاءه الشيخ ذو اللحية البيضاء والملابس البيضاء؛ لأنه هنا صار معروفا لدينا.
صفحة 53: (لم يسمحوا لللعريس) والصحيح للعريس بلامين فقط لا بثلاث لامات.
صفحة 54: (كي يطلقونها يوم الفاردة) والصحيح كي يطلقوها.
صفحة 56: (وثلاث كيلوات حلاوة وثلاث كيلوات لبن جميد) والصحيح ثلاثة كيلوات حلاوة وثلاثة كيلوات لبن جميد. وفيها (في حين أن النساء يمشين خلف الحمار ببضعة أمتار) والأحسن يمشين خلف عبد الباري ببضعة أمتار أو خلف حمار عبد الباري.
صفحة 57: (قامت بوضع جزء منه على راحتي يدي العروسة) والأحسن العروس.
صفحة 64: (النساء يعددن الشاي في قدر على النار) والأحسن يغلين الشاي.
صفحة 65: (يمتطي ظهر قديش أبي العبد التي أحضروها) والأولى قديشة أبي العبد.
صفحة 77: (ينط على السلاسل) والأحسن ينط عن السناسل، ما دمت تستعمل اللغة العامية.
صفحة 86: جاء في الطباعة فصل بين كلمتي عيني والطفل، وكان الواجب أن يصل بين الكلمتين ويجعلهما فقرة واحدة لا فقرتين.
صفحة 110: (ضمد جراحه بالشايش الأبيض) والصحيح بالشاش الأبيض.
صفحة 145: (للخبيزة فوائد أخريات) والأحسن فوائد أخرى.
صفحة 147: (والبنت يا عمي ما هي مثل بنتي) والأحسن هي مثل بنتي بحذف ما.
صفحة 168: (وأخبرتهم أنه معمول للبنت سحرا) والصحيح معمول للبنت سحر.
وغير هذا كثير.
وكان بإمكان الشيخ أن يجتنب كل هذه الأخطاء وغيرها لو دقق في مراجعة روايته ولم يستعجل في نشرها.