كامل نصيرات

كامل نصيرات (والمقال ..)..

الصباحي الساخر..(..!!..)

سامح عوده/ فلسطين

[email protected]

سأعترف للمرة المليون وواحد أنني من تلك الفئة العريضة الصامتة في مجتمعنا العربي، ممن يعيشون على هامش الحياة، يراقبون كل ما يجري عن كثب ، متابعون بشغف لكنهم لا يحركون ساكناً إمام مشهد أسود ٍ وهيكل الاستبداد القائم، ربما هم من اختاروا ان يكونوا هكذا تجنباً لملاحقة العسكر والشرطه،  فحالة القهر أو الحرمان أو ربما العَوَزّ يدفعهم إلى أن يبقوا جانباً لا يحركون سكناً في المشهد العام بالرغم من أنهم يشكلون غالبية ..!! إنها صورة مؤلمة للوجع المبكي  دماً لحالة صمت طالت طويلاً ولا تلوح في الأفق بشائر قريبة  لان ينجلي ذلك الصمت.

البقاء على الهامش هي الحالة الأسلم  لضمان الاستمرارية والبقاء على الأقل كي نشبع رغيف الخبز الذي صار الحصول عليه صعب المنال ..!! فالمواطن المغلوب على أمره المقيد بقيد الحكومات واستبدادها يلهثُ وراء قوت يومه، تاركاً  السياسة  لعلوجها انها عجلة تدور رحاها وهو من يطحن صباح مساء تحت رحاها، في كل يوم تدور أكثر فتجده صريع الامعاء الخاوية التي بدأت تتصحر..!! فهل يفكرُ في حصار فلسطين أو جرح العراق النازف ؟ أم يفكرُ في حبة البندورة التي لا يراها الا في الاحلام او في دور العرض ..!! الكرامة ايها المواطن المسكين ذهبت ادراج الرياح منذ زمن طويل ولم يعد منها موجوداً الا حروفها الخمسة ( كَ رَ اْ مّ ه ْ ) إذا فما عليه إلا إن يمسكَ بحبة البندورة قبل ان تطير هي الأخرى ( فلا يطول عنبَ الشام أو بلح اليمن ) على ذمة المثل الشعبي ..!! كامل نصيرات كاتبٌ صحفي عربي كما عرفته يكتب عن وجع تلك الفئة العريضة المسحوقة  في مجتمعنا بأسلوبه الساخر، في صحيفة الدستور الأردنية تحت زاوية تنفيس  ومواقع عدة على الشبكة العنكبوتيه ، فهو يعبر بقلمه غمام الوجع الرابض على  صدور البشر كأكوام حجارة ثقيلة، مذكراً إياهم    بوجعهم  اليومي وبغاء السياسة التي أوغلت في إهدار ابسط حقوقهم، وعندما قلت بأسلوبه الساخر لم أكن اقصد إن الهدف من كتاباته  هو ( الضحك .. ) .. بل على العكس انه نبشٌ في الجرح الغائر في الروح، إنها تعرية للواقع هدفها الوقوف أمام مرآة الذات  بوضعنا الطبيعي دون أن نضعُ ( مكياجاً ..) .. تجميلياً فنرى انفسنا في صورة أخرى ربما نعجبُ بها ..!! نعم انه يضعنا امام الواقع الأليم فلنتخيل ذواتنا  كم نحنُ عراة ..؟!   عراة الجسد عراة الفكر والإرادة ..

لستُ مغرماً في نظم قصائد وتلقي القلائد عن المديح او الثناء على احد كان تقول لاعورٍ انت قائد ..!! ولو فعلاً أتقنها لكن حالي غير الحال ..!! ولم يكن ايضاً الهدف من وراء كتابة المقال هي البهرجه والتملق.. لان كامل ليس فقير الحال مثلي وكوم الفواتير التي تأتيه آخر الشهر تكسر ظهره ( طبعاً هذا الكلام ليس من محض الخيال او التجني على الواقع  انه عنوان أفرده لاحد المقالات التي كتبها قبل ايام – الموجوعون بالفواتير -   ) ولو كنت ارغب في شيء ما في نفس يعقوب كما يقولون  لبحثت عن شخصيه وزير فما فوق .. !! ولتغير الحال الى الافضل فأصحب الفخامة والجلالة والسياده يغرقون في شبر من المديح،  ربما هي الصدف تجتمع، وتأتيك فكرة مفاجئة لتكتب عن شيء  تأثرت به حتى لو كان الأمر يتعلق بإنسان أكل الدهرُ عليه وشرب، حتى لو كان مهمشاً بسيطاً لا يملك قوت يومه، لذلك ربما كان من الاسباب الحقيقية إعجابي بالنموذج اليومي الذي يقدمه كامل نصيرات هو كم الالم الجمعي الذي يقذفنا به كل صباح عبر الاثير، لان الأثير هو الوسيلة الأفضل للتواصل الان فهناك ما يفصلنا أسلاك شائكه وحدود،  كامل كما عرفته إنسانا بسيطاً عاش المعاناة بكافة تفاصيلها، فحتى الفقر قد زهق منه ..!! وبالتالي فان مقاله اليومي في صحيفة  الدستور الاردنيه يأتي متناغماً مع وجع الناس وهمومها، ولأنني موطناً بسيطاً فانا شريك الوجع شريك المعانة التي لن تتوقف ..!! فلا الخبز متوفراً ولا الديمقراطية التي نكتب فيها القصائد في متناول اليد، إنها حبة دواء مسكنه  ليست في متناول اليد تقدم لنا وقت اللزوم حتى نلتزم الصمت، ويبدو أننا أدمنا صمتاً غليظاً، فلا شيء بات يحركنا حتى لو احتلت بغداد أو حوصرت غزة، كثيرون من يجدون في مقالة كامل نصيرات متنفساً لم َ يدور في تفكيرهم فلذلك تراهم يقرأون زاويته تنفيس وهم يضحكون، بل ويفتخرون بذلك ربما لان ليس لهم الجرأة في التعبير، فهم يحمدون الله على هذه النعمة اذ يجدون من ينفس لهم ضغطاً يكاد يقتلهم ..

كثيرة هي المقالات التي قرأتها له في كل مرة فكرة جديدة عنوان جديد متجدد، فالحمد لله أينما ذهبت تستطعُ أن تتحسس الوجع، حتى في الحسبة.. !!   - وهي مكان بيع الخضار لمن لا يعرفها- ففي الفترة الأخيرة  زادت  كتاباته عنها، يبدو لان قوت المواطن الشاغل أصبح مربوطا بحبة الخضار التي أصبحت نادرة الوجود في أوطان وهبها الله من الخيرات الكثير كي تكون جنة ً لكننا بجهلنا وعبثيتنا وتبعيتنا للآخر حولناها الى جحيم  فبتنا نشتهي لقمة الخبز الحاف، او بالاصح بات الخبز الحاف غالي الثمن الامر الذي سيمنعنا يوماً من مليء بطوننا وتضخيم كروشنا، فنحن امة معروف عنها حبها للكروش ..

 بهذه الصيغ الكثيرة والصور المضحكة المبكية يستهل كامل نصيرات مقاله الساخر ربما هي محاوله منه لتخفيف عنا فنحن مثقلون بالأوجاع وكم الافواه، ولهذا جاءت زاويته تحت عنوان   تنفيس حتى ينفس عن النفس ضغطاً قابعاً فينا ً سيأتي يوم يقودنا إلى ان ننفجر، في زاويته الكثير الكثير مما يستحق القراءة وأسلوبه الراقي في الكتابة هو ما يجعلنا لا نمل القراءة له، وضوح الفكرة واختصارها والإيجاز في المقال يجعلان القارئ مسترسلاً في القراءة لا يمل العودة إلى نفس الزاوية، ولانه لا يتقن الفزلكه ولا   المطمتة في الكلام لا أتوقع له أن يكون مسؤولاً ..!! ممن يخطبون ليل نهار ولا يتعبون ..

في اسلوبه الساخر نهر متجدد من اللغة التي لا تنضب وله اسلوب خاص وطريقه خاصة في رصف المقاله وفق رؤياها الخاصة التي تنسجم مع المزاج العام للمواطن المسكين، وهو يسمي نفسه ناقص هزيمات وهو عكس اسمه لم اساله عن ذلك لقناعتي التامه ان الامة كلها ينقصها الكمال و النصر الذي غاب عنها طويلاً، وفي مقالته اليوميه الكثير من الإشارات التي تثبت ذلك ..

نميل نحن الغالبية الصامتة لان نبحث عن من يمثلنا من يكتبنا حبراً على الصفحات، من يرسم وجعنا وهمنا وكل شيء فينا دون ان نغير في المشهد شيئاً، لذا فضلنا ان نقف متفرجون نتابع بشغف كل ما يكتبها حتى يظل صوتنا موجوداً ولا نغيب ، وحتى لا اكون  فزلقياً ولا  مطماطاً في الكلام أضع نقطة النهاية لمقالي، رغم قناعتي الاكيده بان هناك ما يقال في حق كامل نصيرات وأسلوبه الكتابي  ..