الأدب الذي نريد

الثاني والعشرون:

د. موسى الإبراهيم

[email protected]

إن الأدب الذي نريده هو الدب الإسلامي ومعناه:

التعبير الجميل عن الإنسان والكون والحياة بما يتفق مع التصور الإسلامي.

ومن أبرز خصائص هذا الأدب المعاني التالية:

1- أدب هادف.

يهدف إلى الإشادة بالفضائل والمكارم ويرقى بالإنسان إلى القمم الشامخة من المعاني والتصورات والآمال العظام.

2- أدب يهتم بالفكرة والشكل معاً.

فالشكل البراق دون مضمونٍ راقٍ تافهٌ ومصطنع، والفكرة العظيمة إن لم يتوفر لها نوع من الأداء الجميل الجذاب فلن تجد آذاناً صاغية وبالتالي تموت في مهدها ويحرم الناس من خيرها.

3- أدب واقعي.

إن أهم ما يشد الناس ويجذب اهتمامهم ذلك الأدب الذي يعايش حياتهم ويتفاعل مع مشاعرهم، ويصور همومهم وآلامهم وآمالهم ويحاول النهوض بهم والإقلاع إلى حيث الكمال البشري المطلوب. أما التحليق في الخيال والتعبير عن أفكار وقضايا لا تحس بها الجماهير دون ربطها بواقع الأمة، أما هذا فهو أدب يعيش في الفراغ ولا يغني ولا يسمن من جوع.

4- أدب شامل.

الإنسان سيد هذا الكون وله من المشاعر والعواطف والأحاسيس ما يغطي ساحة الحياة كلها بجدها وهزلها وضيقها وسعتها وثوابتها والمتطور منها. وخير الأدب هو الذي يحسن التعبير عن هذه الجوانب المختلفة ويشبع نهمة الإنسان العقلية والعاطفية، يرّوح عنه حالة إعيائه وتعبه، ويوجهه عند نشاطه واجتهاده، وكل ذلك انطلاقاً من التصور الإسلامي الواضح النظيف العف الكريم.

5- أدب صادق.

الصدق مع الله والصدق مع النفس والصدق مع الحياة والأحياء.

هذا الصدق يصوغ من الأديب نفساً عظيمة ويلهب في أعماقه شعوراً ووجداناً حياً متحركاً، يبعثه على حمل هموم أمته والبحث عن سبل إصلاحها والرقي بها بأحسن أسلوب وأجمل بيان وأعذب خطاب.

6- أدب كمال وارتقاء.

الإنسان بشر يعلو ويهبط ويسمو ويسف والحياة كذلك فيها النقاء والطهر وفيها الخبث والدنس. والأدب عادة يصور الإنسان والحياة والكون كله. وهنا يجيء دور الأدب الكامل والراقي ليركز على الإنسان في حال طهره ورفعته ويرسم لنا جماله وكماله وأخلاقه وسماته.

وإن نظر الأدب إلى حالة هبوط الإنسان وإسفافه فهو نظرة من علٍ تمد الحبال لذلك الإنسان لترتفع به وتنقذه وتعيده إلى فطرته الأصيلة السوية.

أما أن يعيش الأدب في حالة الضعف البشري والتردي الخلقي فيبالغ في تصويرها وعرضها والإغراء بها بل مدحها أحياناً، أما هذا فهو أدب أحمق وأخرق وأدب عابث سفساف جدير به أن يعزل عن الحياة وأن يميته الناس بالإعراض عنه والسخرية منه ومن أهله الصغار.

7- أدب عالمي إنساني.

إن إسلامنا العظيم دين عالمي يخاطب الإنسان بعيداً عن شكله ولغته وأرضه وجنسه. والأديب المسلم يجب أن يكون معبراً عن هذه الإنسانية والعالمية، خصوصاً ونحن في عصر تقاربت فيه المسافات وطوي فيه الزمن وصار العالم كما قيل قرية صغيرة.

وهل يليق بالأديب في عصر البث المباشر والعولمة وشبكة المعلومات (الانترنت) أن يعيش هموم قريته أو وطن صغير تحيط به حدود ضيقة؟؟

إن الأدب الذي نريد أدب عالمي ولغته عربية.

وبعـد:

فهل يعي أدباؤنا دورهم ورسالتهم؟ وهل يكونوا رواداً لأمتهم يحلقون بها نحو الكمال بأقلامهم السيالة وكلماتهم العذبة الجميلة الرقراقة وأدبهم السامي الرفيع؟ نأمل ذلك.