كتابة القصص القصيرة
البحث عن موضوع
أحمد ناصر نور الدين
هذا المقال مقسم إلى ثلاثة أجزاء. الجزء الأول سوف يوضح الإمكانية الهائلة و الفرص اللامحدودة لتوليد مواضيع لكتابة القصص و الجزء الثاني سوف يتكلم باستفاضة و شرح أكثر تفصيلا عن مصادر الحصول على المواضيع و تقنيات كثيرة فعالة لخلق هذه المواضيع و تطويرها. أما الجزء الثالث و الأخير فيتحدث عن صياغة الموضوع بعد ان يكون قد اختمر في الذهن و اتضحت ملامحه في مخيلة الكاتب مهما كنت متمرسا في حقل الكتابة. و بصرف النظر عن أسباب تعلقك بهذا الميدان الشائك. انتقاء الموضوع الذي تختاره لكتابة قصة ما أو رواية أو أي ضرب اخر من ضروب الكتابة أقول يبقى انتقاء موضوع الكتابة أمرا عسيرا. ربما هو أصعب ما في عملية الكتابة بأسرها أو من أصعب مراحلها على أقل تقدير.
هنالك أشخاص مبدعون يحملون بين جنوبهم مواهب مشتعلة لكنهم يعانون الأمرين عندما يفكرون في موضوع ما يكتبون حوله قصة قصيرة و قد يدفع شح المواضيع الشخص الى صرف النظر عن موضوع الكتابة نهائيا رغم امتلاكه لموهبة فذة قد لا يجاريه فيها أحد على الأطلاق.
و لا يخامرني شك من قريب او من بعيد . في أن مسألة الموضوع محور الكتابة هاجس يؤرق الكثير ممن يتعاطون الكتابة. و منهم كتاب كبار و لهم تاريخ عريق في هذا المجال. لكن يجب أن تعرف بأن هاجس الحصول على مواضيع صالحة للكتابة هو شرط اساسي في عملية الابداع باكلمها. و ان الهاجس الذي يساور الكاتب ما هو في الواقع الا نشاط يقوم به العقل الباطن ليضمن استمرار الحصول على مواضيع صالحة للكتابة و عدم نفاد المخزون منها. لذلك.
فان هذا الامر ليس محرجا و لا يحصل مع الكتاب المبتدأين فقط و انما هو أمر ايجابي و نشاط مفيد يقوم به العقل الباطن و الواعي على السواء.
لكن اذا كنت ممن يشغلهم هاجس العثور على مواضيع صالحة للكتابة الى حد الارق. و ربما مررت بفترات من الاكتئاب و الاحباط شعرت خلالها بأن فرص الحصول على مواضيع صالحة للكتابة نادرة و صعبة. فيسعدني ان اقول لك بانك واهم واهم واهم .... الى ما لا نهاية!!
هنالك بعض الحقائق المؤكدة و البسيطة تجعلك تتخلص من احباطك و تنطلق لاقتناص الفرص و المواضيع دون هوادة! هل تعرف بأن الولايات ا لمتحد تنتج من الأفلام ما لا يقل عن 800 فيلم و ربما اكثر في ا لسنة الواحدة فقط؟؟! و ان الهند تفوقت عليها في هذا العدد ايضا!
هذا الامر يدل على ان العقل البشري اي عقلك له قدرة لا تنضب و ليس لها حدود على توليد مواضيع جذابة و صالحة للكتابة لا بل مواضيع تصلح لروايات طويلة و مذهلة! و ليس بالضرورة ان يكون موضوع الروايات الكبيرة و المهمة خطيرا جدا. على العكس فأن شجرة ضخمة تنشأ من بذرة صغيرة. و الأمر نفسه فيما يتعلق بمواضيع القصص و الروايات.
أجل. ان عقلك يولد المواضيع. انت تمتلك هذه القدرة دون شك فليس عليك ان تتوقع ان تجد مواضيع صالحة للكتابة جاهزة تتنظر فقط ان تستولي عليها و تقولبها في اعمال قصصية! بل ان امور كثير و في غاية البساطة تصادفك في كثير من الايام دون أن تعريها اهتماما. لكن اذا تأملت فيها بعين القاص الذي يبحث عن موضوع للكتابة لوجدت فيها فرصا كثيرة جدا لكتابة اكثر من عمل قصصي. مثال بسيط: أنت في بيتك تفطر مع أمك و ابيك.
قالت امك لابيك مثلا: جيراننا الذين يسكنون في الطابق السابع يرحلون غدا.
فيقول لها ابوك:
لكنهم اتوا الى هنا منذ فترة قصيرة جدا
فتقول امك:
صحيح. لا اعرف ربما لم تعجبهم السكنة في البناية هذا الحوار ا لقصير قد يمر على البعض مرورا عابرا و قد لا يجد فيه البعض اي ميزة تربطه بموضوع الكتابة القصصية لكنني سوف اريك الان كيف سأولد من هذا الحوار البسيط مواضيع لخمسة قصص قصيرة مختلفة:
أولا: ناطور العمارة ينظر الى امراة من سكان البناية نظرات مريبة فقرر زوجها مغادرة البناية كلها و يفكر فيما بعد كيف يؤدب الناطور لانه تعرض لزوجته.
ثانيا: أسرة لم يمضي على اقامتها في البناية اكثر من شهر واحد تغادر البناية نهائيا في ظروف سريعة و كتومة. تنشأ اشاعات كثيرة في البناية عن سبب الرحيل الغامض. الناطور يروي روايته الخاصة و عدد من النسوة في البناية يروين رواياتهم الخاصة حول الموضوع لكن يبقى السبب الحقيقي سرا من الاسرار.
ثالثا: في منتصف الليل يستفيق احد السكان على أصوات شجار و صراخ يتلصص من الباب فيسمع جاره يتشاجر مع زوجته ثم يفتح بابه و يرمي بها خارجا فتتعلق به و يدور بينهم شجار حامي و تنفضح اسرارهما الزوجية. و الجار يستمع لهما.
رابعا: زوجان متزوجان حديثا يقوم احدهم بدس رسائل غرامية من تحت الباب مرسلة للزوجة من عشيق مزعوم. الزوج ادرك ان زوجته بريئة. قام بتغير مكان السكن اكثر من مرة و ظلت هذه الرسائل تلاحقهما اين ما حلوا.
خامسا: عائلة تنتقل للعيش في بناية. ام و اب و اولاد. يحبهم الجيران كثيرا. لكن بصورة مفاجأة و غامضة ترحل الزوجة دون ان يعرف احد السبب. لا يفصح الرجل للجيران و لا حتى الاولاد يفصحون حاولت الجارة العجوز ان تستدرج الاولاد للكلام لكنها فشلت. بعد عام و نصف يرحل الاولاد و الاب لا يبدو عليه شيء و كان كل شيء في حياته طبيعي ثم بعد فترة و تكون الاقاويل قد كثرت و تشعبت يختفي الاب ايضا كليا.. و الجيران في حيرة من امرهم ....
كما رأيت لقد صنعت كما متنوعا من القصص فقط من نتفة حديث مبتورة. (و كلها قمت بتأليفها الان و انا اكتب المقال) فكيف لو ركزت في الاعداد الهائلة من الاحاديث التي تعرض امامك كل يوم في مفارق الحياة؟ نعم .. صحيح انه منجم من القصص لا ينضب أبدا.. و تذكر ان هذا باب واحد من الاف الابواب التي تهبك مواضيع رائعة لكتابة قصص حولها ناهيك عن الشارع و السوق و التلفاز و نشرات الاخبار....
للتوسع اكثر في الموضوع و لعرض تقنيات أخرى مفيدة و فعالة في توليد مواضيع قصصية اقرأ تكملة الموضوع في الجزء الثاني و الثالث الذين سأنشرهما عما قريب بإذن الله.