المناهج النقدية الحديثة
في ضوء التصور الإسلامي/ الحلقة الأولى
رمضان
عمر
رئيس رابطة أدباء بيت المقدس / فلسطين
لم ينسلخ النقد الادبي عن غايات متعددة،لازمته، منذ النشأة حتى اللحظة.ولا يستطيع دارس ان يزعم ان عبثية الفن تمثل انزياحا فعليا يلغي غاية النقد ومبرررات وجوده.
ولا يمكن الانسياق مع نظرة البعض الذين يرون في الشكل الأدبي غاية في حد ذاته، تحت مسميات المدرسة الجمالية أو الشكلية او الفنية أي الفن للفن، بحيث تتساقظ الغايات الأخلاقية والقيم المضمونية التي تشكل جدلية العلافة بين الشكل والمضمون في الابداع الأدبي.
والوقوف على المناهج النقدية الحديثة، في دراسة تقويمية، من وجهة نظر اسلامية ، لا يعني- بحال من الاحوال- محاولة صبغ الشكل الأدبي بقيمة عقدية وعظية تحيله الى مجموعة نصوص طقسية تحدد غايتها المضامين. وهنا نصطدم مع عبارة نثق بها كثيرا" المعاني مطروحة في الطريق"، ومع هذا فان ارتباط النقد والادب بالقيم الفكرية الفلسفية -التي تشكل في النهاية معين التجربة ومنطلقات التشكيل الابداعي- يجعلنا نتناول اول هذه المدارس من خلال التصور الرؤيوي، الذي لا يقف على حدود المضمون ، بل لا بد من اشتباك الرؤية بالمضمون لتحديد وجهة النظر، والوظيفة التي يؤديها المنتج الادبي او النقدي.
ومن هنا؛ فان حديثنا سيطال البناء "النص " من حيث تركيبته الفنية، والمضمون الذي يلازم النص من خلال القيم الدلالية.
ولعل أول منهج نقف معه في حلقاتنا المتتابعة هو النقد التاريخي، والنقد التاريخي ربما اعتبر اكبر المدارس واقدمها واكثرها مناسبة لتطور الآداب ومتابعتها من خلال السياق الخارجي.
من المهم جدا ان لا يفهم من كلامنا، ونحن نتناول هذا المنهج أو ذاك أننا نرفضه، بل ربما تكون المتابعة العلمية والتناول السليم، يؤكد ضروة تطوير المناهج المناسبة لنا مستفيدن من ايجابيات هذا المنهج أو ذاك.
بداية المنهج التاريخيي بحث في مدى تاثر العمل الادبي أو صاحبه بالوسط الذي وجد فيه، وهذه الحقيقة لا غبار عليها الا انها ليست مطلقة ولا يجوز ان تصبح قانونا طبيعيا كما اراد لها سانت بيف ان تكون ، بل ان المنطلقات الثلاث التي تحدث عنها تين " العصر،العصر والجنس والبيئة ستبقى نسبية التاثير لا حتمية.
وان معيارية النقد التاريخي غير ملزمة حكما وتقييما، خصوصا حينما نتحدث عن القيم الفنية، والفروقات الفردية ، أو الحديث عن عبقرية الفرد، ولعل طه جسين قد حمل التاريخ اكثر مما يحتمل وهو يحاكم الشعر الجاهلي او الشعر الاموي او شعر ابي العلاء المعري.
إن الاكتفاء بدراسة النص من الخارج وان كانت ستقدم تفصيلات هامة في تحديد هوية النص وجذوره ومنطلقاته افكرية والسياسية والاقتصادية ،إلا انها ستحرم النص من اهم قيمة تلتصق به وهي القيمة الابداعية، وهنا، قد يتحول النص الى مجرد وثيقة تاريخية تتساقط معها القيم الاسلوبية الفنية التي تميزه عن اي جنس لغوي اخر.
والاكتفاء بهذا النهج التناولي سيحرم النص ايضا من الكشف عن الرؤىالمتمثلة في التحليقوالخيال والبعد المثالي.
أما أن النص الادبي سيفقد الكثير من متعلقاته اذا لازمه جهل بالتاريخ -كما يرى (اندرسون انبرت)- في كتابه النقد الادبي فهذا صحيح الى حد كبيرح فالنص الادبي ليس مجرد نص لغوي ،مكتف بعناصره،بل هو ايضا حقيقة تاريخية واجتماعية كذلك، وهنا يتشكل البعد الزطيفي للنص.