من أنت حتى افترش روحي بحضرتك

خليل مزهر الغالبي

وفاء الربيعي

خليل مزهر الغالبي –الشطرة

[email protected]

في بدئك المتناول لنصوص الشاعرة –وفاء الربيعي – ومن خلال تلقيك الموقن لها، ستشدك الدمعة الرومانسية الشجاعة المنساحة من عين النص ،بما تعني من حزن لذيذ قد تماها وقساوة اشيائها الحياتية الأخرى ،هذا الحزن الشفيف والموغل الذي امتد كثيراً على طول نصوصها...راح يفعل ذاته كفجيعة في الوقع النفسي للنص ، وهذا متأتي من السايكولوجية الصادقة  لها كحلم ومطلب ثار لطول تغيبه وبعده عن الملامسة كفرح انتظرت إطلالته ،حتى  طفحت بدخوله لنصوص الشاعرة ، لكن الشاعرة –وفاء الربيعي - لن تهرب مذعنة لأذعان ألامها وكما قالت في تنهيدة قصيدة - تنهيدة –

 لكن لهباً

 التصقَ بلهب

مسافات تضيق

تسقط ورقة ُ التوت

فيتصاعد ضجيج الغابات

محتفياً بالاباحةِ

وانا

أذعن لألام تتصاعد

ومع طول انثيالات تلك الألام التي تشب في الجسد العقلي الشاعري لها ، راحت تناشد قلمها الذي حملته للخلاص او للابحار نحو الفرح من خلال تركيب الاحرف والخيوط باتجاه أطلالة الشمس وهطول الغيمة وكل اسباب العطاء التي رمزتها في تداعي قولها الشعري ، كغسيل ماء المطر الذي يعطر قصائدها ،تلك القصائد التي تسعفها او تطيبها من الحزن الملقى على كل اطراف حياة الشاعرة كما هو في حلم حروفها المنشد لذلك...

قلمي الذي يحملُ

جوى الحرف

منشداً

أن يمدَ خيوطاً

لكلماتٍ

تشربُ نورَ الشمسِ ِ

 تبحثُ عن غيمةٍ

تسبحُ في المطرِ

وتُلّحْنَ

في قصائدٍ مُسْكِراتِ

نعم لقد حملت احلاماً لشروق شمسها التي تملؤها بالفرح الابدي المنتظر وأول هذه الحمولة لمرادها اللذيذ ، ذلك الوطن البعيد في فرقته وبعده، والتي تريده بكل ما فيه من طعناة وخرائب اودعتها انظمة الموت الغابرة فيه ،فقد شيدت له صور ملونة ، لكن الصور هذه لوثتها الخفافيش في استبدادها الذي انطلى لها بلا خشية لتردي الأتي المنتظر الذي ادى بطيورها الجميلة الى الرحيل ، كما وصفته الشاعرة في قصيدة – خفافيش –

في سكون

تعبث الخفافيش

كأنها مومس تصاحب لذاتها

تبيع لياليها الملاح

كادت أن تكون شاطئاً

يحتمل الهواية

وبغداد لا تعد قتلاها

تغلق أبوابها مبكرة

والخَفَافيش

تحتل الطرقات

وتُرحّلَ الطيور

 وقد امتلأت القصيدة هذه بعصف مطاليب  الشاعرة الأليمة لثقل الفجيعة التي ألمت بامتدادات عزيزة لها كبغداد التي  فرحت وحملت حقائبها لأعتناقها، لكنهم ملؤوها اولائك الجمع الكافر بالقتل ، وقد أشارت الشاعرة  له بقصر جلابيبهم السيئة الصيت والذوق الانساني ....

وبغدادَ تشربُ الردى

من..

خصوم الحضارة

يرقصون في عتمةٍ ..

تُشّيْعها طبول الانتصار

وأنغام ..

ترتدي جلابيب قصيرة

لكن الشاعرة اطلت كثيراً في حلمها ورغبتها الموغلت كبهجة تشاكل او تماهي ذلك الحزن العنيد وقد تسألت ُ عن كيفية تلاقي النقيضين لديها، و الذي ولد البهجة الموسومة بالحزن فهي شاعرة العاصفة الجميلة التي تحلم بالمطر والريح وقد تناثرت جمالية مدلولات الكثير من المفردات التي تعني الافق والطيران فيه والعوم في البحر ،و لا تريد الشاعرة أن ترى جثة تطفو عند نصوصها لكنها بقت تحوم وتحدق  في صعب الموج وهي تلوح بفرح شموسها وقطاراتها المسافرة وهذا من امتيازات روح اللغة الشعرية الخاصة لديها في تكاثر هذا النوع الخالق لحركة الحياة والاشياء ومن خلال تصريح مرادها وما يصاحب ذلك من ألم.

أيتها القادمة هنا

والباقية هناك

بانتظار

أن ينقشع الضباب هنا

والجليد هناك (9 - صوتي التائه-)

كذلك يبان التقطيع الإيقاعي لذلك الصوت الشعري الجميل الذي تمتاز بها قرائاتها الشعرية وكما يبان في تساؤلها – من أنتِ؟-

من انتِ؟

كي يسهر الليل

يترقب شوقك

والفجر يحرس اغفائتك

ويلامس بحذر

اهداباً ندية

لقد احتشدت الشاعرة بأسباب الحزن لذا راحت تصفها كمدججات دفعت  بقمرها الطيب بالرحيل...

 في ليلك المدجج

بالانين

خجلا يرحلُ القمرُ

يصحب معه

دعواتَ لأرض ٍ

لم ينبت فيها

عشب........ (قصيدة لعل )

لقد بقيت –وفاء الربيعي – بحمولة أسئلتها المضنية والباحثة عن بقايا حياتها من ايام وذكريات، هذه الأسئلة المجانبة واللصيقة بشدة والعابرة لانشاد حلمها،حيث الوطن المنتظر وذلك الحبيب وكل مراميها النبيلة الاخرى وهذا واضح في شديد السؤال وتداعياته المعلقة عند قصيدة – من انت؟-

من انت؟

حتى افترش

روحي

في حضرتك

أتوسد همسساتك

من عرق

حياتك 

 وأخيراً هل يمكننا القول  بأن الشاعرة –وفاء - تضغط اللغة وتمددها كذلك كي توسع  ما لها وما عليها من قول شعري اكتظ وتثاقل بهول وتكالب الحلم الذي جلس بقدر أنساني عند نصوص الشاعرة لمؤازرة روحها التي لا تميل.