رؤية لديوان الشاعر سيف المري
حول ديوانه الأغاريد والعناقيد
عبد الواحد محمد
صدر للشاعر الأماراتي سيف المري ديوانه الجديد الأغاريد والعناقيد عن دار الصدي ويضم العديد من القصائد التي تجسد روح الموائمة بين الحلم والواقع بكل أرهاصاته التي كشفت عن فلسفة عميقة الوجدان وناقلة لكل ماهو عربي أصيل في بعض من سطوره ومن بين هذه القصائد التي توقفت عندها وتحمل عنوان ( الغادر )
لوتجمعين اليوم أشلائي
بي من هواك رديف الجنون
ياحزني المر الذي لايفيق
أشكو إلي الظالم طوال العذاب
ماهمه مابي ولازادني
إلاعذابا صار لاينتهي
في الروح مني بقية من سكون
كذاك أهل العشق لا يضحكون
في الليلة الأولي كتمت الوميض
وعدت أبحث عن ظلها
ياجنة الأشواق يامحنتي
يأكل شئ ممكن في الوجود
بينا الأماني علي رسلها
وكأن الشاعر سيف المري يئن من جرح خفي فيه نداء يحمل العديد من علامات الأستفهام وهو يمضي في دربه يبحث عن حلمه وكيف صار في قافلة ربما لم تعترف بحبه لمن هام به ؟
وهذه علة عقل وضمير متأرجح بين ضوء وعتمة ؟
لتصبح القصيدة عنوان لسفر قد يأتي للخروج من أوهام حبيسة لمن لايعرفون كيف يكون العشق رسالة ووطن ؟
ومع سيف المري نعيش الحدث لحظة بلحظة وهو ينقلنا لقصيدته ( في غمرات النيام )
الليل مر فأيقظوا جثث النيام
مازال رغم الشمس في وطني ظلام
ياتائهين
الصبح أن تحيا النفوس من السبات
الصبح آت
رغم كل النائمين
الصبح آت
كم تجلدون العقل بالأفكار كم تتمردون
وطني فديتك بالذي لايملكون
حريتي روحي
وهبتك كل شئ
لتكمن عند شاعرنا روح القصيدة وهو يحاول بكل جهد أفاقة النائمين والتائهين من عبثية يوم فيه عذابات لا أول لها من آخر وعلي من يتوهم أن يعي حقيقة الوطن وكيف يعشق هذا التراب المقدس بدلا من النوم وقراءة الكف والبحث عن صوت متقطع الأوصال فيه الشقاء والليل البغيض ؟
وسيف المري يملك حس شعري بالمعني الجلي جدا والغني بالحوار المرئي وغير المرئي وهنا تكمن نداءات القصيدة لكل قارئ أن يلامس حلمه في النجاة من هول الدجل
عجبا لعمرك ما أعاني
شوقي إليك وأنت قربي
وتنهدي والحزن يهدم في كياني
وأظل أجتر الدقائق والثواني
فلعل قلبك أن يرق إذا رآني
ورأي فلول الشوق وهي تدك قلبي
وفتي تناوشه الأسي من كل صوب
ورمته عين لاترق بسهم حب
عجبا لعمرك ما أعاني
رغم انكسار الريح وهي تهز روحي
وتراجع الأنواء حين رأت جروحي
أخشي هواك كأنك الخطر الملم
وأظل أبحث عن رضاك متي يتم
وأراقب الوجهه الذي كالبدر حسنا
أتري تبسم ؟
ومن منعطف قدري يتواري الشاعر سيف المري حول المعني المحمل بكل معاناة العاشق لها رغم طول الطابور الذي لا ينتهي بل يحير الضمير الجمعي ويدفع الوجدان صوب هدف قد يأتي أو لا يأتي مفارقة تستحق الوقوف بل تردد لأن الشاعر يستلهم من المعاناة روح جديدة وكاشفة عن العديد من الأجواء التي لا تعترف بغير حبيبة واحدة ؟
مهما تعددت فلسفة من يحلم بمؤانسة كل العاشقات في طابور ينتهي سريعا ؟
لتبقي الحبيبة نافذة مضيئة في عتمة الليل والجهل تروي الظمأ وتهزم كل الأعداء ؟
باتت تؤرقه الهموم
يرجو بأن تخبو ويدفعها التفكيرأن تزيد
فيصبح من شجن يلين له الحديد
فكأنه من سهدهيرعي النجوم
خذني إلي أرض بلا بشر فإني لا أطيق
إني وجدت الناس ليس لهم أمان
جبلوا علي التقلب والتلون كالزمان
خذ ما تشاء وأعطني بممالك الدنيا صديق
مازلت أخترق المتاهة معلنا سفر الضياع
والليل حولي قد أقام قيامة للمستحيل
أبحرت فيه فهل بربك من دليل ؟
والريح عاصفة وألقي البرق صارية الشراع
روح تلازمني كأنبل ما تكون
هموم يفتح لها الشاعر عالمه الذي يغوص في أعماق بشرية بحس جياش ووعي مبكر لطبيعة الظرف الطارئ ومقدرات مزعجة فيها البعض يتلون كحرباء لاتعي غير القبح بنون مفتوحة ؟
وشاعرنا سيف المري من النوع الذي تشعر منذ الوهلة الأولي أنه صديق لك لا يكلفك مشقة البحث عن داره وكوامنه التي لخصت الظرف وفتحت باب الحوار الداخلي والذي يمنح قصائده عفوية شاعر ؟
ربما نتفق ونختلف حول بعض من قصائده الثرية جدا بالواقع وغياب اللحظة أحيانا ألا أن قصائدة تفجر روح شابة واثقة من نفسها وساعية نحو طريق وهدف لا يعترف بكل الحواجز التي قد تعرق المسيرة وهذا ما يحسب له شاعرا متميزا يصر علي المضي بلا هوادة
ليبقي ديوانه الأغاريد والعناقيد همزة وصل بين مبدع ومتلقي عربي يؤمن أن لكل قضية حل وللشعر ريادة مهما تعددت الأراء وتنوعت حول غياب القصيدة التي هاجرت من أنبوب ضيق إلي ردة الشتاء ؟