رواية غفرانك قلبي والتّطوّر
صدرت رواية "غفرانك قلبي للأديبة المقدسية ديمة جمعة السّمان قبل أيّام عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس.
تبدأ الرّواية بإطلالة لشمس الصّباح على واحة تسكنها قبيلة بدويّة أصابها القحط، وتدور أحداثها حول التّقدّم الحضاريّ بدءا بحياة القبيلة وجريها وراء الماء والكلأ إلىلى الاستقرار بالزّراعة، والتّمسك بالأرض لدرجة الموت في سبيلها، وما تبعه من اهتمام بالغ بالتّجارة والصّناعة والتّقدّم العلميّ، إضافة الى العلاقة مع الأنثى، مع الآخر المحتلّ، ومع النّفس، ومع شجرة الجمّيز الشّائخة التي رمزت إلى الخير النّماء والعطاء والامتداد من الجذور؛ لتقول لنا أنّ من لا تاريخ له لا مستقبل له، ولا حياة.
و يأتي التّحليل على النّحو التّالي:
طور القبيلة:
تجري الكاتبة مقارنة بين جيلين؛ جيل الشّباب وتسرّعه، وطموحه لكشف المجهول والبحث عن مستقبل مضمون وجيل الشّيوخ وحكمته.
كذلك مقارنة بين نوعين من الشّباب الذين مثّلهم ابنا الشّيخ سالم (عثمان وعمران )، عثمان الذي يمثّل التّشدّد والتّمسك بوالده وأفكاره والموازنة ما بين الأمور، وعمران الذي يرى في ترك والده وأفكاره من أجل التّجديد والابتكار، والرّحيل إلى مكان آخر للنّجاة بالقوم لدرجة أنّه ارتكب جرما بقتله للقاضي وعزل أخاه عثمان..
مرحلة الزّراعة:
حيث عاد القوم برئاسة شيخهم عمران إلى الارض التي تركوا فيها عثمان؛ ليموت وتتعفّن جثّته فيها، ليجدوا أنّها أعطتهم لهم الخير من البذور التي زرعوها، ولم يصبروا حتى تأتيهم بالخير، فاستقرّوا في المكان؛ ليصبح بين الانسان والأرض علاقة عشق وحبّ أبديّ.
مرحلة التّجارة:
حيث تحوّلت من نظام المقايضة الى التّعامل بالنّقود، الاهتمام بالعلم حيث أصبح لكلّ عمل تخصّص يتمّ تدريسة في الجامعات، فيعطى الأبناء الحقّ باختيار التّخصّص الذي يرونه مناسبا لشخصيّاتهم، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ لكلّ فرد في المجتمع حقّ الحرّيّة باختيار الحياة التي سيعيشها في مستقبله.
وورد في الرّواية عن العنف الذي يمارس ضدّ المرأة، بدءا بالشّيخ سالم الذي كان يلوم زوجته لأنّها لم تخلذف له الكثير من الأبناء، وحتى الاعتداء عليها بالألفاظ الجارحة.
من خلال الجدّ الذي يذكر لرئيس البلدية أصل وفصل الغرباء الذين استولوا على أرضهم، وضرورة الاحتفاظ بالوثائق التي تثبت ملكيّتهم للارض، سيثبت جذورهم فيها ويخلع هؤلاء منها، لأنّه في النّهاية لا يصح إلا الصّحيح، حيث يقول ص 111
اسمع يا سعد .. الأمر جدّ خطير، الوثيقة التي بحوزتكم يجب الحرص عليها .. إنّها ثروة قوميّة لا تقدر بثمن.
وقوله له أنّ الأسرة الحاكمة شجرة ملعونة حملتها عواصف شيطانيّة إلى بلادنا وغرستها في أرضنا.
هذا التّمسك بالأرض، والتّاريخ، والحضارة، ورفض الآخر وظلمه وتجبّره أدّى إلى قتل الجدّ على يد الحاكم، ومقتل الابن ومن ثم محاولة قتل الحفيد فارس الذي كان لموقف زملائه في الجيش موقف الثّورة فتحرير البلاد.
تعليم المرأة في الجامعات مثلها مثل الرّجل والذي مثلته هنا حنان، منى، وعبير.
وأخيرا قصّة الحبّ العذريّ ما بين وحيد سعد سالم ومنى شقيقة زوجة أخيه، والتي جاءت في الرّواية على لسانه، تمثّل فيها الصّراع ما بين الحبّ والمستقبل العلميّ والإحياء لجذور الأجداد، فكان تخليه عن محبوبته ظلما لها ولنفسه.
وسوم: العدد 644