نصوص خولة سالم والأصالة
صدر كتاب "كرمة" للكاتبة الفلسطينيّة خولة سالم عام 2016 عن مكتبة العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل، ويقع في 134 صفحة من الحجم المتوسّط، وهو عبارة عن مجموعة نصوص نثريّة.
كلماتها "تمرّد" لم تخل من الحكمة.. وحروفها "أصالة وكبرياء".
اصطحبتنا الكاتبة من خلال مجموعة نصوصها في رحلة بين أصالة الماضي وعبقه.. وتطوّر الحاضر وما يحمل في طيّاته من تساؤلات تفرض فلسفة تشتمّها عبر طرحها العميق..عناوينها تمسّ القلب.. مباشرة صريحة لا لبس فيها ولا تمويه.. قويّة.. صارمة كصاحبتها.. كنت أرى الكاتبة تطلّ بين السّطور تلوح بيدها تفرض رأيها، وتدلي بدلوها بثقة العارف.. صاحب التّجربة.. صاحب الفكر الواعي.. صاحب المبدأ.. فهي من قالت: " لن أحيد قيد أنملة عن فكر أرتئيه.. أصوّب قلمي باتّجاه الفكر الذي أنشد.. وأمضي باتذجاهه واثقة.. غير أبهة بمن يخالفني فكرا.. بل وحتى منهج حياة.. إن لم يكن قلمي خلق ليصنع حراكا في داخلك.. وان لم يكن انبرى ليرسمك: لا أريد منه أن يحيا قط".
بهذه الكلمات حدّدت الكاتبة الهدف من قلمها.. فهي صاحبة رسالة تؤمن بها.. تريدها أن تصل ويكون لها التّأثير.. بهدف التّغيير.. والا فستحكم على قلمها بالاعدام.. فلا داعي لوجوده أصلا. هكذا هي خولة سالم.. تقسو حتى على نفسها في الحق.. تدافع عن المظلوم والمضطهد بكل الأدوات التي تملكها باندفاع صاحب قضيّة.. وقضيّة المرأة ومنطق الفتاة المنبوذة المهمّشة تقلقها.. الحرّيّة لا تتجزّأ.. والكلام على حساب الأفعال ترفضه.. الهروب من الماضي خطأ.. فالتّعلم من أخطائنا يمنحنا الثّقة للمضيّ نحو أهدافنا بثبات.
بالحب نسمو ونرتقي.. والصّراع الأزليّ داخل النّفس البشريّة بين الخير والشّرّ في ظلّ الظّروف القاسية التي يحياها الانسان وقد تغلَب الشّرّ فيه.. ولكنّ النّخلة تعيش في ظروف صحراويّة أكثر قسوة.. ورغم ذلك تثمر، بالعطاء بالأمل والتّفاؤل نحيا.. والحياة تستمرّ، تمضي في طريقها تاركة وراءها من ليس أهلا لأن يعيش فيها.
في كلّ نصّ من نصوصها تظهر لنا خولة سالم جانبا من شخصيّتها. الحنين.. والأصالة والتّمسك بالتّراث.. واحياء الذّاكرة يطلّ بقوّة من بين كلماتها.. فلا مستقبل لمن لا ماضي له.
أمّا وهي تخاطب الموت.. وكأنّها تؤمن تماما بقول: (داوِها بالتي كانت هي الدّاء).. تخاطبه قائلة : (قم يا موت.. اجلد الميّت فينا) وتقول: "اجلد الحياة فينا.. ثم أكمل غفوتك لنبعث من جديد." تنوّعت خولة سالم بنصوص " كرمة" .. فلكلّ مذاقه ولونه وشكله.. ولكنّنا ما تهنا بين الكروم.. فنقطة النّهاية توحّدت مع نقطة البداية.. والحكمة كانت سيّدة الموقف.
وسوم: العدد 656