درس في المنهجية والمصداقية؛ لصاحب كتاب(الصالونات الثقافية)!
هل كانت السرعة والاستسهال؛ والرغبة في الانتهاء من الكتابة بشتى السبل؛ نتيجة حتمية في إحساس القارئ المتخصص بضعف الكتابة؛ وغيبة المنهجية فور قراءته؛ لبحث(الصالونات الثقافية وفعالياتها في الوعي العام) الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤخراً؛ كما كانت؛ سبباً في قلة المصادر التي اتكأ عليها المؤلف الأكاديمي/ محمد حسن عبد الله؛ لا؛ بل في محاولته تمريرهذا القصور الفادح؛ من خلال هذا الاعتذار الفج؛ بالتماس التبريرات الواهية؛ حتى إنه قال معتذراً- ويا ليته ما اعتذر هذا الاعتذار الذي لا يُتصوَّر من أمثاله- للقراء: "إننا نعتمد على عدد محدود من الكتب المؤلفة في هذا الموضوع .."! ولذلك؛ ندَّت وخفيت عن ذهن المؤلف الأكاديمي المخضرم مؤلفات أصيلة في هذا الباب؛ فلم يسمع بها؛ وربما لو اطلع عليها؛ لكان لبحثه قيمة أعلى قدراً، وأكثر تماسكاً؛ مما خطَّ بمراجعه الشحيحة العليلة العقيمة؛ وأغلبها من الإنترنت؛ فمن ثم؛ فهي لا تغني الباحث الجاد شيئاً ذا بال!
إذاً؛ فهل سمع الدكتور الكبير/ محمد حسن عبد الله عن كتاب(وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره) وهو في مجلدين عن دار القلم بدمشق، والذي صدر قبل عقد من الزمان؛ وفيه حديث عن الصالونات؛ وأعلامها. وهناك كتاب آخر للأديب الكبير/ وديع فلسطين(93 عاماً) بعنوان(من مقالات وديع فلسطين في الأدب والتراجم) وهو صادر عن مركز فهد دبوس بالكويت قبل عدة سنوات؛ وفيه حديث مستفيض عن مي زيادة وصالونها، والعقاد وصالونه، وهذه الأجواءالثقافية غير الموجودة الآن؟!
وهل قرأ الدكتور/ محمد حسن عبد الله كتاب الأديب/ أنور الجندي(الشرق في فجر اليقظة) الصادر قبل أربعين عاماً بالقاهرة؛ ففيه معلومات جمة؛ وغير متوافرة في أي مرجع آخر عن الندوات، والصالونات في مصر؛ بإسهاب يُحسَد عليه؟!
وهل اطَّلع المؤلف على كتاب(الأدب المقارن أصوله وتطوره ومناهجه) للعلاّمة الدكتور/ الطاهر أحمد مكي؛ ففيه حديث بليغ، ومكثَّف عن صالون مدام دي ستايل، وغيرها من الأوربيات والأندلسيات؟!
وهل قرأ المؤلف كتاب(في الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية للعلامة/ الطاهر أحمد مكي أيضاً؛ ففيه فصل كامل عن الصالونات الأدبية في الشرق والغرب؛ فلو سمع به؛ لكان لكتابه وزن في دنيا المؤلفات الجادة؟!
أما؛ عن صالون العقاد؛ فقد ظلمه الدكتور/ محمد حسن عبد الله؛ باستسهاله واستخفافه؛ وتحامله الواضح على العقاد وعلى مدرسته الأدبية والفكرية؛ واعتماده على كتاب وحيد مطعون فيه؛ وفي مصداقية صاحبه؛ وفي قيمته العلمية والبحثية؛ ألا وهو كتاب(في صالون العقاد كانت لنا أيام) للصحفي/ أنيس منصور؛ الذي أساء فيه للعقاد؛ ولصالونه؛ بشهادة الدكتور(أبي همّام)/ عبد اللطيف عبد الحليم رحمه الله؛ تلميذ العقاد النجيب! وكيف لم يطلع الدكتور/ محمد حسن عبد الله على مؤلفات عامر العقاد؛ وما أكثرها الدائرة حول عمه العقاد، ومعاركه وأدبه وندوته؟! وكذلك مؤلفات طاهر الجبلاوي عن العقاد وندوته؟! وأيضاً مؤلفات الدكتور عبد الفتاح الديدي عن العقاد وصالونه؟! وكيف لم يسمع المؤلف الكبير عن كتاب(ندوة العقاد) للأديب السوداني صالح محمد؛ والذي أنار لنا كثيراً من الجوانب عن هذا الصالون الفذ؛ وما دار فيه من موضوعات قيِّمة؛ بخلاف كتاب أنيس منصور؛ الذي أراد منه محاكمة العقاد محاكمة ظالمة؛ ولكن بعد رحيله! فلماذا إذاً لم يكتبه أنيس منصور في حياة العقاد؟! ولماذا انتظر حتى مات أغلب تلامذة العقاد؟! إن كل هذه الأسئلة وغيرها؛ تطعن في كتاب أنيس منصور؛ وفي اتكاء محمد حسن عبد الله؛ الناقد الكبير عليه؛ وإلا؛ فهو حاطب ليلٍ؛ يخبط خبط عشواء؛ بلا دليلٍ، ولا منهجية؛ طالما أن ما يذكره يخدم فكرته المُغرِضة؛ إلا وهي؛ الإزراء بالعقاد، وبندوته، وبتلامذته؛ ولو كان الشاهد على ذلك لم يزر الندوة، ولم يقرأ للعقاد، ولم يلتقِ به إلا لِماماً، ولم يعرف العربية؛ لا من قبل، ولا من بعد! المهم؛ أن رأيه الأهوج الأعرج الأكرج هذا؛ يخدم فكرة صاحب الصالونات الثقافية؛ فهَلَمَّ به؛ لكي نطعن في عملقة العملاق العقاد؛ هكذا أراد الناقد/ محمد حسن عبد الله من كتابه، ومن بحثه، ومن سخرية القارئ به وبما اقترفه من إساءة بحق نفسه كأكاديمي!
وأمّا عن تندُّرِكَ أيها الناقد الضليع؛ بـ(بيجامة) العقاد؛ فيا رجل؛ يبدو أنك من أصحاب المذهب الظاهري؛ الذي يؤمن بالحس، والماديات فقط؛ أمّا ما وراء القشور، والطِّلاء؛ فأنتَ أبعد خلق الله عنه! فأين جوهر الصالون، وما اشْتُهِرَ به على الصعيد العربي والعالمي، وما قدَّمه من فكر، ونقد، وثقافة؟! يبدو أن الناقد/ محمد حسن عبد الله؛ مأزومٌ من العقاد؛ لسببٍ لا نعرفه؛ أو قد نُخَمِّن؛ من خلال الحدس والفراسة والبديهة؛ فنقول؛ إن الدكتور لم يفهم العقاد؛ فعاداه؛ مصداقاً؛ للحكمة العربية القديمة القائلة: مَن جهل شيئاً؛ عاداه!
وأمّا عن؛ احتكار العقاد للحديث في صالونه؛ فمَن يمتلك ثقافة العقاد يا دكتور حسن عبد الله؛ لكي يُجاريه في الموسوعية، والتفلسف، والتمنطق، والتبحر في الآداب، والعلوم، والأديان، واللغات، والثقافات؟! حتى مَن استشهدتَ بهم؛ كـ(خليفة التونسي، وغنيمي هلال، وغيرهم)؛ فما أدرانا؛ أنهم صادقون في نقل ما يقولون، ويفترون؟! فلقد نسيتَ أيها الناقد الهمام؛ قاعدة إسلامية علمية؛ تقول:(قل؛ هاتوا برهانكم) صدق الله العظيم.
فلماذا لم تسألهم أيها الناقد الكبير هذا السؤال؛ وكان الأجدر بكَ أن تسألهم؛ وأنت الدرعمي؛ دارس الشريعة الإسلامية، والفلسفة، والمنطق؛ لكنك لم تفعل؛ لماذا؟! لأن لكَ غرضاً في نفسك؛ وصدق مَن قال: الغرض مرض!
لكن؛ ما فهمناه؛ من أول صفحةٍ من كتاب محمد حسن عبد الله(مجازاً) فهو ليس كتاباً ولا يحزنون .. أن صاحبه أراد أن يجعل الريادة لصالونه؛ بعد انطفاء صالونات: مي زيادة، وآل عبد الرازق، والعقاد، ومحمود محمد شاكر، وغيرهم من الأعلام! أي أنه يريد أن يقول: صالوني اليوم؛ أهم صالون في مصر؛ فأنا الصالون؛ والصالون أنا!
ولا نملك إلا أن ندعو الله مخلصين قائلين: اللهمَّ رُحماكَ؛ من هذا العذاب!
فأين صالون محمد حسن عبد الله هذا؟! وماذا قدَّم من ثقافةٍ وتنويرٍ للمجتمع؟! إن صالونه موجود بالقوة في عقل صاحبه فقط؛ أما في الواقع والحياة والثقافة؛ فهو نسيٌّ منسيٌّ؛ وجنينٌ مات في الرَّحِم؛ فلم يسمع به أحد؛ فلم يقترب من صالون إحسان عبد القدوس مثلاً؛ في التأثير في الناس!
ولا نريد أن نقول؛ إن صالون محمد حسن عبد الله؛ صالون احتفائي ورنيشي خاص؛ بشيوخ الخليج؛ ومَن لديهم السلطة والمال هناك!
أمّا الثقافة؛ فهو آخر صالون يتكلم عنها!
وأرجو منك يا دكتور حسن عبد الله؛ ألا تخوض في عِرْض العقاد مرةً ثانيةً؛ فأين أنتَ يا رجل منه؟! ومَن أنتَ حتى تخوض مع الخائضين في شرفه؛ وهو بين يديَ مولاه؟!
إذاً؛ فالصمت لكَ علاجٌ؛ والخَرَس لكَ عقوبة؛ حتى تقف أمام ربِّكَ؛ فيسألك عن ترديدك لكلام المجانين المسيئين للعملاق/ عبَاس محمود العقّاد!
فرحمة الله على عبّاس العقّاد؛ الذي حجب اسمه الشمس والقمر ..!
ووقانا الله شرَّ النكرات؛ التي تردد ما تسمع؛ وتظنه علماً ونقداً؛ فإذا به؛ إجرامٌ وعربدةٌ وشيطنةٌ!
وقانا الله أمثال هؤلاء ..!
وسوم: العدد 683