وقفة مع اللغة(717)...

في معنى المعاقرة

كان العرب في الجاهلية إذا أرادوا ذبح جمل عقروه أي قطعوا إحدى قوائمه بالسيف ليسقط ثم نحروه عند أسفل الرقبة حتى يتمكنوا من ذبحه. فالعقيرة هي الساق المقطوعة، أما المعاقرة فهي مباراة في الجود والسخاء بين رجلين فيعقر هذا وهذا الجمل تلو الجمل حتى يُعْجِزَ أحدهما الآخر. قال ابن الأثير: وكانوا يفعلون ذلك رياءً وسمعةً وتفاخرًا ولا يقصدون به وجه الله تعالى، لذا نهى عنه الإسلام لما فيه من تعذيب للحيوانات، فقد جاء في حديث ابن عباس: "لا تأكلوا من تعاقر الأعراب فإني لا آمن من أن يكون مما أُهلّ به لغير الله".

وعَاقَرَ صاحبه: فاضله في عقر الإبل كما يقال: كارَمه وفاخره، وتعاقر الرجلان عقرا إبلهما يتباريان ليُرى أيهما أعقر لها، وهو نوع من المفاخرة وكان الموسرون يتعاقرون يفاخر بعضهم بعضًا.

وأشهر معاقرة عند العرب كانت بين عامر بن صعصعة وسحيم بن وثيل الرياحي حيث عقر سحيم خمسًا ثم بدا له، وعقر غالب أبو الفرزدق مائة.

وفي الحديث : لا عَقْرَ في الإسلام. قال ابن الأثير: كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى أي ينحرونها ويقولون: إنّ صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته.

وأصل العقر قطع قوائم الفرس، أو الإبل، أو الشاة بالسيف وهو قائم كي لا يشرد ويسهل ذبحه. يقول أمرؤ القيس:

ويومَ عَقَرَتُ للعذارى مطيّتي*** فيا عجبًا من كورها المُتَحمّلِ

والعقيرة: الساق المقطوعة. وصوت الباكي إذا بكى، أو صرخ، أو صوت المغني.

أما رفع عقيرته، فقيل أصله أن رجلاً قطعت رجله في سوق عكاظ فرفع عقيرته المقطوعة على الصحيحة وبكى عليها بأعلى صوته، فقيل رفع عقيرته ثم درج هذا التعبير اصطلاحًا للدلالة على رفع الصوت في البكاء، أو الصراخ، أو الغناء.

العُقار: بالضم الخمر سميت بذلك لأنها عَقَرَت العقل، والمعاقرة إدمان شرب الخمر.

وامرأة عاقر: مقطوعة النسل، عقيمة.

والعَقَّار ج عقاقير: الدواء الذي يحسم الداء أي يقطعه.

وفي اللغة العبرية עקר بمعنى قلع الشجر أو السن.

راجع مادة (عقر) في تاج العروس للزبيدي، ولسان العرب لابن منظور، ومختار الصحاح، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير.

وقفة مع اللغة(724)../د.محمد عقل

التفريق بين الفعل المتصرف والجامد

1-الفعل: وَهَبَ، يَهَبُ، هِبَة بمعنى أعطى، رزق، منح. ومنه فعل الأمر: هَبْ، فهو فعل متصرف. قال تعالى في سورة ابراهيم الآية 39: (الحمد لله الذي وَهَبَ لي على الكبر اسماعيل واسحاق إن ربي لسميع الدعاء)، وقال في سورة آل عمران الآية 8: (ربنا لا تُزع قلوبنا بعد إذ هديتنا وهَبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).

2-الفعل: هَابَ، يَهَابُ، هَيْبَة، ومهابة بمعنى خاف. ومنه فعل الأمر: هَبْ. فهو فعل متصرف. يقول زهير بن أبي سلمى:

ومن هابَ أسبابَ المنايا ينلنه ***وإنْ يرقَ أسبابَ السماءِ بسُلّمِ

يُقال: هَبِ الناسَ يهابوك.

3-أما هَبْ،  بمعنى افترض، احسب، اعدد - فهو فعل أمر جامد غير متصرف، وليس اسم فعل.

-فعل الأمر الجامد: هو كل فعل ملازم لصورة الأمر ولا يمكن أن نشتق منه ماضيًا أو مضارعًا.  يقول المتنبي:

وهَبْني قلتُ: هذا الصبحُ ليلٌ ***أيعمى العالمون عن الضياء؟

وهو من أفعال القلوب ويأخذ مفعولين نحو: هَبْ عليًّا حاضرًا.

4-وَهَبَ: كذلك من أفعال الظن ملازم للمضي، نحو: وَهَبَني الله فداك. بمعنى صيرني، جعلني.

أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام الأنصاري، ج2، ص 48-54.

شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ج2، ص 44(المكتبة الشاملة)

شرح ديوان المتنبي للواحدي، ج1، ص 65(موقع الوراق)

معلقة زهير بن أبي سلمى.

وسوم: العدد 689