"زهرة في حوض الرّب" في اليوم السّابع
"القدس: 13-7-2017 ناقشت ندوة اليوم السّابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس مجموعة نصوص "زهرة في حوض الرّبّ"، للكاتبة الفلسطينية سعاد المحتسب. يقع الكتاب الصّادر عن دار فضاءات في عمّان عام 2016 في 273 صفحة من الحجم المتوسّط.
بدأ النقاش ديمة جمعة السمان فقالت:
عندما تتدفق مشاعر الفقد عند أمّ مكلومة مختلطة بمشاعر الأنثى المقهورة، مغموسة بأحاسيس إنسان حلمه وطن، لا بد أن يتسلل شعاع نور من نافذة الإرادة؛ ليبدد الظلام فيندمل الجرح. ويتغلب الفرح على الترح، ويهزم الأمل الألم، وتمضي الحياة بحلوها ومرها، تنبض بمعانيها، فلم تنته القصّة بعد فلا زال في العمر بقيّة.
عبر 140 نص من نصوص سعاد المحتسب، ضمّها غلاف أنيق، تنام عليه زهرة تحمل ألوان الحياة، شقت حلكة ظلام دامس. كتاب حمل عنوان زهرة حوض الرب، تجلت فيه معاني الحياة بكل ما فيها من شقاء وبؤس وجمال وعشق ورغبة وأمومة وبر وشوق وانتماء ورفض وتمرد وإرادة وتحد وقوة.
كل عنوان من العناوين الفرعية للنصوص كانت رسالة، بعضها خطتها أنامل مجروحة، كان حبرها من دموع، كل حرف حمل آهة وجع. وجزء منها كتب بمرارة المقهور، والبعض الآخر كتب بوعي صاحب خبرة علمته الحياة فأجاد، فبدت نصائح غير مباشرة، ولم تخل النصوص أيضا من مشاعر طفلة حنت لها الكاتبة فزادتها دفئا وبراءة.
ولكن لا داء دون دواء، وقد تجلى عبر عبير الزهرة الذي عبأ المكان، وبث الأمل في النفوس من جديد، فحبس الدمعة، وطلت البسمة ترقص على شفاه لا زال المستقبل ينتظرها؛ ليسكن الفرحة في القلوب، فلكل نفق نهاية مهما طال.
أمّا عن لغة المجموعة، فقد تميزت بجمال صورها الأدبية التي زادت من قوة تأثيرها.
كما بدت مكثفة غير معقدة، لم ترهق القارىء بطولها، ولم تحمل الطابع الفلسفي الممجوج، خاصة وأن معظم مواضيعها مؤلمة .
الكاتبة أرادت أن تكتب، كانت بحاجة إلى أن تكتب، وقد أكدت ذلك من خلال نصها: "أريد أن أكتب"، ربما وجدته متنفسا لها، فالحبر أبقى من الدم. والفكرة تذكرة للقمر، هذا ما جاء في نص زمن الفوتوتشيني.
الكاتبة متمكنة من الحرف، أجادت رسم الكلمة، أبدعت في إيصال مشاعرها وما يجول في خاطرها من خلال نصوصها دون عوائق.
وقال جميل السلحوت:
العنوان: الحوض لغة يعني مجتمع المياه، وعندما أضافته الكاتبة للرّب" حوض الرّبّ" فهذا له دلالة دينيّة، والزّهرة هي طفلها المرحوم "عمرو" الذي اختطفه الموت، فترك آلاما وجراحا في قلب والدته لا تندمل، ولا يدرك لوعتها إلا من جرّب الثّكل، لكنّها تعزّي نفسها بأن جعلت طفلها الرّاحل ينتقل من حضنها إلى حضن الرّبّ خالقه، وهو الأرحم بخلقه، أي أنّ الله استبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، حسب الفهم الدّينيّ، ومن هنا جاء حوض الرّب، فقد جاء في الصّحيحين : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ؛ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا".
ومن هنا جاء إهداؤها الكتاب أيضا:" إلى ملاكي الصّغير"عمرو" الزّهرة في حوض الرّب. ولا نملك هنا إلا الدّعاء بالرّحمة للرّاحل" عمرو" والصّبر لوالديه.
المضمون: خصّصت الكاتبة عددا من نصوصها كمراثي لطفلها الرّاحل، وفيها تظهر لوعتها وحسرتها وصدق عاطفتها، مع التّذكير بأنّ المراثي ليست جديدة على الأدب العربيّ، وعلى الأدب العالميّ أيضا، وهي غزيرة جدّا، وبالتّأكيد فإنّ الرّاثي يرى الموت والفقد من منظاره الخاصّ ومن خلال الشّخص الذي فقده، مع أنّ العواطف الانسانيّة مشتركة في هكذا حالات.
والكاتبة هنا طرقت أكثر من موضوع في نصوصها التي نحن بصددها، فهناك نصوص حول الحبّ، حبّ الانسان للانسان، حبّ الوطن، حبّ الجمال، وتطرّقت إلى علاقة الرّجال بالنّساء، والعقليّة الذّكوريّة السّائدة في المجتمع، فتنتقد سلبيّات ثقافة المجتمع، ولنأخذ النّصّ "في هذه البلاد" ص 190 كنموذج لذلك. فهي تطرح تناقضات المجتمع التي نراها جميعنا بهدوء أكثر مرارة من العلقم فتقول:
"في هذه البلاد، يُمحق الحق ويعلو الباطل" وهذه إشارة ذكيّة إلى غياب العدالة واختلال القيم. ومن هذه المنطلقات تضيف للتّدليل على صحّة ما تقول:
" يتغنّى النّاس بعهر الرّجل، وتذبح المرأة بتهمة الحبّ"؟، ويتكرّر ذلك مرّة أخرى، " بئس مجتمع يشرّع العهر للرّجل، ويمحق الحبّ في قلب امرأة" ص 198. وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا - مع الأسف-وثقافتنا الشّعبيّة تعجّ بالأمثال والحكايات التي تمجّد الذّكور وتنتهك إنسانيّة الإناث. ولهذا فإنّ:
"تفضح المدن عناق العشّاق بأزقّتها، وتتستّر على المومسات بالشّوارع"
ولغياب العدالة فإنّ القوانين تطبّق على الفقراء فقط: "تقتصّ من فقير يسرق كسرة خبز، وتدافع عن اللصوص بالبزّات السّوداء". وتتعدّى المظالم حدودها عندما تصل المثقّفين:" تُخرس المثقّفين وتصفّق للسّفهاء".
ويبلغ الظّلم الاجتماعيّ مداه فيما يبيحه للذّكور، ويحرّمه على الإناث:
"في هذه البلاد، تموت الزّوجات الأرامل جوعا للعطف ويتزوّج الرّجال أربعا"
وهذا ما نشاهده كثيرا في مجتمعاتنا، فهناك رجال أرامل يتزوّجون وهم في سنّ الشّيخوخة من نساء في مختلف الأعمار، بينما يحرمون المرأة الأرملة من الزّواج حتّى لو كانت في العشرينات من عمرها.
اللغة والأسلوب: استعملت الكاتبة لغة فصيحة بليغة، فيها تشبيهات واستعارات لافته، ولغتها شعريّة، بل إنّ بعض نصوصها تتوافّر فيها شروط قصيدة النّثر، كما أنّ بعض نصوصها لم تخل من السّخرية.
وماذا بعد: واضح أنّنا أمام كاتبة تملك ناصية الكلمة، وعندها القدرة على مواصلة الكتابة بخطى ثابتة، وهذه القراءة السّريعة لا تغني عن قراءة الكتاب كاملا.
وتحدّثت هدى عثمان أبو غوش فقالت:
"زهرةٌ في حوض الرب" مجموعة نصوص أدبية للكاتبة الفلسطينية سعاد المحتسب لدار النشر فضاءات عمان -الأُردن في 265 صفحة .
هي نصوص من رحم الوجع، وحروف حزينة مُتعبة، تتنهد الآهات تتسلق حبل الاشتياق لملاكها الصغير عمرو، زهرة في حوض الرب الذي خطفه المرض، ولأن الوجع كبير فإن الكاتبة تكتب له .
تقول في نص" أُريد أن أكتب" ص 226" أكتب عن قطعة من الروح حجزت مقعدا في الجنة ، تركتني بين الحلم والحقيقة أنتظر وأكتب."
جاءت نصوص الكاتبة مليئة بالمشاعر الجياشة لأُمّ ثكلت صغيرها، فعبّرت عن ألم الفراق والغياب بصورة مؤثرة من خلال مناجاتها ورجائها له .
تقول في نص" سألتني" ص202 .
"تعال ونم قريرا في سريري
أُخبئك تحت جلدي في عظامي
فأنا لا أقوى على الفراق."
عبّرت الكاتبة عن وِحدتها، حالتها النفسية، جُرحها، وحالتها المتعبة، كما وعبّرت عن مدى اشتياقها لصغيرها من خلال رسائل مؤثرة له، فتستذكر خصاله وعلاقته معها، وطفولته التي سلبها المرض في عدة نصوص.
"مساء الخير يا صغيري"، "قطعة القلب تستعجل الرحيل " .
ومن خلال مراثيها لإبنها نكتشف تمرد الكاتبة وعصيانها على أفكار المجتمع، فهي أُنثى ترفض حواجز الأحلام، وحياتها سلسلة من الرفض.
تقول في نص "حفنة نفاق" ص39" امرأة لا تنوي الستر كما تقول جدتي المستلقية بقبرها، المفجوعة بالحياة والناس، امرأة تعيب على الشرق وتشرق كل ليلة من نافذة التمرد .
وتنتقل الكاتبة من الهمّ الخاص الحزين إلى الهمّ العام حيث الموت والشهداء أصبح عاديا، وإلى الخيبة والخذلان من العالم . وتنتقد الكاتبة المجتمع الذكوري وتصفه بالمعطوب، كما وتنتقد خطابات الساسة المزيّفة وحتى مشاعر البشر التي أصبحت منظمة وباردة، وتثني على الأُم لما تقدمه من تضحيات .
استخدمت الكاتبة أُسلوب المناداة، الخطابة، والتساؤلات وكذلك التكرار والتأكيد والإستعارات، وكانت اللغة شعريّة ،كان للشهور حيز في نصوصها "مايو المقدس" "آذار العظيم " "أغسطس المبارك " وذكرت أيلول في إحدى نصوصها.
وكتبت هدى خوجا فقالت:
أهدت الكاتبة كتابها إلى ملاكها الصّغير عمرو؛ حيث أسمت نصوصها زهرة في حوض الرّب إشارة إلى طفلها الذي لم يبلغ السّادسة وتوفي إثر مرض.
حيث كتبت في عدّة نصوص عن طفلها عمرو وفاجعة الرّحيل والفقد، والحب والمرأة والرّجل والحياة والمأساة.
ما هي صفات المرأة والرّجل الّتي ظهرت في النّصوص؟ وكيفية ظهور الشّهور والسّنين والسّاعات والفصول والأزهار! والرمزية المستوحاة! الحزن واللهفة على فاجعة طفلها الذي لم يتجاوز السّت سنين. مثال ص 8 "عمرو.
سوف تصير ملاكا صغيرا، يتدفق النور الإلهي من أجنحتك"، ص10" خمسون ألف طفل ينزحون كل يوم وأنت يا صغيري في المقدمة، تقود سرب الأطفال إلى الله..."
عام مضى بين ألم الجراح وإطفاء الشّموع ومحاكاة النسيان،وصعوبة النّسيان.
ص12" أنا لا أريد أن أنسى وأعرف أنني لن أشفى".
كان لشهور السّنة نسمة رائعة في النّصوص مثال مايو المقدّس، ظهور شهر أيّار بالمحبّة والجمال، ثم قلب باردعلى شرفات الانتظار بابتسامة باهتة، ص9 "مايو شهرها المفضّل، في العام 2014، صدى ابتسامتها بارد، وقلبها معلق برجل بعيد..." أشهر وفصول تتناثر بين الحروف والكلمات، وللخريف أثر الارتعاش والغربة.
ص41" أيتها العصافير الّتي ترتعش في أواخر الخريف " وتستمر الحكايا مع أشهر السّنة وشتاء عاطفي طويل" "أبذل كل ما في من حزن لأضحك في منتصف مايو اللعين"ص252، أمّا عن فصل الرّبيع "وحدث أن ذبلت أقحوانة مباركة في مراسم الربيع"وربيع كاذب.
وهنا تبرز عاطفة الأمومة وعدم النسيان،"يا صغيري ما غبت عن التجوال في أروقة البال، تدندن لي مرة وتئن مرة، وأبكيك مرات"
أيام وأشهر وفصول ولكن ما الحدث؟ والآن لماذا لم تقسم بشهر آب
"وأن لا أقسم بأغسطس المبارك"ص249، وآذار مولد طفلها له الحصّة الكبرى"آذار يا رب الفصول، آذار يا سخي الدهشة باذخ العطاء"ص233
"لآذار الّذي منحني أجنحة ومقاما لنبي صغير "ص 243
وماذا عن برودة الشتاء؟"عن شجرة سرو تتهاوى كلما زارها شتاء لئيم"ص227
"في الشتاء الماضي أمطرت السّماء وكنت معي "وتصحو في الشّتاء على خوف.
وردت بعض الكلمات العامية مثال"واشتقت له قدّ الدنيا" ص213
" تلهو وتغني معهم أناشيد الربيع.."ويبكي نيسان من غضبها.
وشبّهت جسد الطفل المريض بالخريف الذّابل، تطرقت لصفات ذلك الرّجل في النّصوص ومنها: رجل من فضّة بقلب مهشّم، رجل الثّورات والأنانية والغرور، ورجل خارق للعادة.ورجل من ثلج، ورجل شاهق من نار ونور وسيد الحكايا، ورجل النّسيان.
ومن صفات المرأة في النصوص يائسة وحزينة وبائسة وناضجة، ص29"يائسة تبحث عن ربيع في جسد رجل من ثلج"والغجرية المذبوحة، وامرأة زئبقيّة وعاشقة ككليوبترا.
والأنثى المذبوحة والأمّ، والغارقة في البحث عن الذّات، امرأة غير عاديّة من كحلها تكتب القصائد. والمرأة الطفلة، ونصف امرأة، والمراة الوحيدة.امرأة المستحيل التي يزهر البنفسج على مشارف أنوثتها.
ص99"من دموع امرأة مهزومة"امرأة متكبّرة ومتمردة وشرسة ومعجزة وخارقة.
ويستمر حلم ودمع وخيبة. "أخبرني أيّها البعيد الذي لا أتوب عن حبّه كيف تموت المرأة وحيدة ؟"ص244
ص40 " ولا تنسى بطريقك لقلبي أن تحمل له الزّهور" الزّهور الّتي ستضعها على ضريح الانتظار"زهرة برونزية وزهرة بكر. الزّهور الحزينة التي ستوضع على ضريح القلب المتوفى. ص42"مساء الخير أيها الوطن المنكسر فينا، أيها القناصون الذين أصابوا قامة الزّهر فأردوها شوكة"
الوطن المنكسر والزهرة تتحول لشوكة موتى.
"وأسأل حين يراق دم زهرة أين عطري"ص 258
من شدّة الحزن والأسى عطر من دم زهرة " كيف لوجه عابس ان ينجب الزّهور"ص235، النّظرة السّوداوية والتشاؤم واضح في أغلب النصوص،
وتتناغم تارة مع صباحات فيروز المخمليّة وألحان الرّحباني؛ وأخرى مع ذوبان قطعتي سكر وماجدة الرّومي وقراءة الجريدة وحيدة.
وفي النهاية جاء الأسلوب سهلا والكلمات بسيطة جميلة معبّرة، وتنتهي النّصوص بالتّشرد والدّمع.
وقالت آمال القاسم:
هل تشبهك النساء أم أنت كل النساء في امرأة؟
طالعتنا سعاد المحتسب بنصوصها "زهرة في حوض الرب"التي صدرت عام 2016 بمشاعر أمّ مكلومة امتطت العبارات وطوعت الكلمات والمعاني والكنايات لتجود بها، وتروي عطشها من فقدان ابنها، تعدد كل المستحيلات، تحصي الدمعات، وتقف خلف الأيام، يصعب عليها محو الذكريات فلا زالت تصدح شفتيها كلما أطبقتهما باسمة.
استعرضت أمومتها وبذخت في استخدام مشاعرها، وتطايرت بين مختلف المواضيع، إلا أنه في جوهرها بقيت تدور في فلك الحب، حبّ الابن والرجل والوطن وحب الذات، أحبّت نفسها ودللتها، أعلنت ثورة من الغضب على المجتمع والرجل، منتقلة بذلك إلى ذاتها كامرأة، استعرضت كبريائها وشموخها على الرجل. اختلفت مع نفسها تارة هي مغرمة بذاك الرجل وتعشقه، وتارة أخرى تبغضه وتصده، فهل هي مشاعر المكابرة والثأر لكرامتها المجروحة من ذكورية مجتمع يؤمن بالرجل سيدا مطلقا؟ ذلك الرجل في – أبي يا وجعي حيث الأب التقليدي المحافظ جدا، يؤرق مضاجع ثورتها، مسكين فقد هدمت معبده فوق رأسه.
خلعت قلب الأمّ وخلعت ثوب القبيلة، وارتدت ثوبا أنثويا فضح تمردها، وكشف عورة تفكيرها، حيث اختارت لنفسها موتا أنيقا، ولكنه غير آمن، إنه قلب الرجل الذي هجته في معظم قصائدها.
كيف لهذه المتمردة أن تهجو ذلك الرجل، الذي تحررت على يديه ناكرة لهذا الجميل وكانها تعض اليد التي امتدت له؟
كم قناعا تختفي خلفه على شكل امرأة؟ هل أنت امرأة التناقضات تطلقين نساءك على شكل امرأة عاشقة ثائرة غاضبة، حاقدة مستحيلة حالمة مكابرة متفائلة ومتشائمة، جريئة وخائفة متجبرة قوية وضعيفة؟ هل كل النساء أنت؟
متمردة تجيد التحدي وتهزم اليأس اختارت أن تموت بأناقة ورومانسية،
كررت نفسها أحيانا من حيث المضمون ومن حيث استخدام بعض الكلمات والتشبيهات، وبعض العناوين وبعض الأفكار، وأطالت مما أفقد النصوص عنصر التشويق لدرجة الملل تقريبا.
إلا أنها لا شك امرأة ذات ثقافة واسعة، ولغتها قوية، ظهر ذلك في تنوع المواضيع التي تناولتها ما بين انسانية واجتماعية وجمالية وطبيعية، إلا أنها بقيت تدور في فلك الرجل والحب.
تعددت الأوصاف والحب واحد، حب الابن والرجل والوطن والمدينة، وحتى الموت الذي أعدته بأناقة تامة "كفنا أخضر وقلبك مدفن". تعود الى رشدها وواقعها لتعترف أنها ليست نبية، وليسقط الوطن إن كان كل من فيه أنبياء، ليسقط الوطن إذا أصبح لون الطحين بلون الدماء.
على الرغم من ادراكها لحقيقة أن الرجل الشرقي لا يغفر لامرأة، إلا أنها تستجدي حبه بكل ما أوتي من غرق؛ لتحبه بكل ما أوتيت من نجاة، وتدين نفسها أنها امرأة حالمة، وامرأة من خيال ووهم.
وسوم: العدد 729