إلى شهداء الشام
يحيى بشير حاج يحيى
سلام الله عليهم ورحمته ورضوانه :
في حواصل طيور خضر , يتنقل الشهداء في عرش الرحمن ولو سئل أحدهم عن حياته لأجاب : لقد كانت رحلةً قصيرةً لمسافر استظل بظل شجرة , ثم تركها ومضى .. ثم لو سئل عما إذا كان يَوَدُّ أن يعود إليها لأجاب : نعم وقد نَعجبُ قبل أن يكمل الجواب : أيتركُ الظلالَ والعيون ونعيمًا لا ينفد وسرورًا لا ينقضي إلى ظلٍ زائلٍ , نصيبُ المسافر منه قليل .
ولكن يزول العجب عندما يكتمل الجواب : أوَدُّ أن أعودَ لأُقتَلَ في سبيل الله مراتٍ ومرات , لِعِظَم ما وجدتُ من الثواب .
أيتها الأرواح الطاهرة التي تحمل عبقَ الشام وتتنقل في جنان الله .. أيَّةُ نسائم هذه التي تتنسمون , وأي تكريم هذا الذي به تكرمون ؟!
يا أحبابنا في حواصل الطيور الخضر : إن الدماء التي سالت في شامكم , ولونت ترابه بلون العندم وحمرةِ الأرجوان كانت تغسل الدروب أمام السالكين ! بل وتطهرها وتمهدها للقادمين ! هكذا هي في الدنيا .
ولكنها في عالم الرضا , في ظل ذي العرش المجيد , يتغير ريحُها ويبقى لونُها : اللون لون الدم , والريح ريحُ مسك , هنيئًا لكم , وهنيئًا لنا بكم .
أَخْبِروا مَن عندَكم أننا إليكم قادمون وبرضا ذي الجلال والإكرام راغبون , وأننا بُلِّغنا رسائلكم , وأنكم بمَنْ بقي بعدكم تستبشرون وتبعثون لهم : بأنكم لا خوفٌ عليكم ولا أنتم تحزنون .
وأما نحن فخافوا علينا إذا انحرفنا عن الطريق الذي أوصَلكم إلى رضا الرحمن , واحزنوا علينا إذا فرَّطنا بالأمانة والعهد الذي جمع بيننا !
يا أحبابنا في حواصل الطيور الخضر : اطمَئِنوا فنحن لن نفرط , ولن ننحرفَ بإذن الله , وعلى طريقكم ماضون .
فالسلامُ عليكم يومَ وُلدتم , ويوم استُشهدتم , ويوم تُبعثون .
إخوانكم الذين ينتظرون