كلمة تأبينية في حق المرحوم الأخ الفاضل السيد عبد الناصر بلبشير
كلمة تأبينية في حق المرحوم الأخ الفاضل السيد عبد الناصر بلبشير مفتش مادة الرياضيات ومدير الموقع الرقمي وجدة البوابة
ودّعت كل من هيئة المراقبة التربوية ، والأسرة الإعلامية بجهة الشرق أحد أبنائها الذين أبلوا البلاء الحسن تربويا وإعلاميا. ومما يسجل لأسرة التربية في هذه الجهة نهوضها بالمجال الإعلامي ، وقد كان لها قصب السبق في ذلك ، وهو ما أسهم في تنوير الرأي العام جهويا ووطنيا ودوليا أيضا .
ولقد كان المرحوم السيد عبد الناصر بلبشير من أوائل من وضعوا اللبنة الأولى للتجربة الإعلامية الرقمية في الجهة الشرقية إلى جانب الأخ الفاضل السيد الحوسين قدوري أطال الله عمره مدير موقع وجدة سيتي .
ولقد سبقت معرفتي بالمرحوم الذي جمعتني به الزمالة في مهمة المراقبة التربوية معرفة مبكرة بشقيقه الفاضل السيد محمد بلبشير وهو رجل تربية، ورجل إعلام أيضا حيث جمعتنا الدراسة الإعدادية بثانوية الجاحظ بمدينة وجدة في سبعينيات القرن الماضي .
ومعلون أن أسرة المرحوم يجمع أفرادها بين التربية والإعلام والفن التشكيلي ، ولا يكاد يخلو بيت في الجهة الشرقية من لوحة من اللوحات التشكيلية من إبداع ريشة شقيق المرحوم الفنان التشكيلي المشهور السيد عبد القادر بلبشير .
السيد عبد الناصر رحمة الله عليه معروف ببشاشته وبابتسامته العريضة في وجه كل من يلقاه بل وبقهقهته المتميزة التي تدل على روح مرحة .أما بلاؤه في المجال التربوي فلن أخوض فيه ، ذلك أن زملاءه الأفاضل في التخصص أولى مني بذكر سعيه المحمود ، وقد عرفت من خلالهم أنه كان حريصا على التفاني في مهمته كمراقب تربوي لمادة الرياضيات ، وهي المادة التي شغلت وتشغل دائما الناشئة التربوية في كل مراحل التعليم وأسلاكه لأن من أتقنها ذللت له سبل ولوج ما يحلم به من شعب تفضي إلى ما يطمح إليه من أهم المعاهد العلمية العليا.
ولقد كان المرحوم صاحب طموح علمي انتهى به إلى نيل شهادة الدكتوراه، هو وبعض زملائه في التخصص الذين عقدوا العزم على بلوغ نهاية مضمار البحث العلمي ، وقد وظفوا لذلك منهجيتهم الرياضية على غرار علماء السلف الصالح الرياضي الذين برعوا في مختلف الفنون العلمية والمعرفية بفضل ذكائهم الرياضي المتميز
ولقد جمعني بالمرحوم النضال المستميت من أجل شرف مهمة المراقبة التربوية التي كانت مستهدفة في وقت من الأوقات من عدة جهات لأنها كانت تقوم بمهمة حراسة المنظومة التربوية من كل ما يتهددها ، وقد استقبلني الاستقبال الحار في موقعه الرقمي وجدة البوابة ، وكان يخجل تواضعي بوصف قلمي بالذهبي، وما هو بذهب ولا بفضة ولا حتى نحاس ، وإنما كان المرحوم يصدر في وصفه ذلك عن دماثة خلق حباه به الله عز وجل . ولقد كانت عبارة : " الله يطول عمرك" لا تفارق شفتيه في حديثه مع من يحاوره ، وهي تعبر عن طيب قلبه، وسمو خلقه .
ولقد كان رحمة الله عليه صبورا على مزاجية قلمي الجموح وأنا أوافيه بمقالاتي المستفزة التي جر بعضها عليه متاعب انتهت بنا معا ذات يوم إلى مخفر الشرطة للمساءلة ، ومع ذلك لم يضق ذرعا بها ، وإنما كان دائما يستزيد منها ، ويثني عليها ، ويدعو لصاحبها بطول العمر .
ولقد وقع بيني وبينه من الاختلاف في وجهة النظر ما يقع بين من تجمع بينهما علاقة وعشرة من اختلاف خصوصا وأن المجال الإعلامي هو مجال متاعب كما يقال حيث يجد المسؤولون عن المواقع الرقيمة أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه بين جموح أصحاب الأقلام من أمثالي الذين يفسحون لها صفحات مواقعهم ، وبين الرقابة التي لا تعذر ولا ترحم .
ولم يكن المرحوم وحده من عانى مع قلمي الجموج بل شاركه في ذلك إخوة كرام آخرون أذكر منهم على وجه الخصوص الأخ الفاضل الحاج الحسين قدوري الذي لا زال صابرا محتسبا على جسارة قلمي ، وقد بدأت نشر مقالاتي على موقعه أول الأمر ثم تحولت إلى موقع المرحوم بعد خلاف كان بيننا لأعود إليه من جديد إلى يومنا هذا إلا أن انتقالي بين الموقعين لم يفسد المودة بيني وبين صاحبيهما ، وقد خبروا ما كان يعتري قلمي بين الحين والآخر من جموح وشغب ، وأنا أكن لهما كل الاحترام وكل التقدير .
ولقد كان الأخ الحاج الحسين قدوري أول من هتف لي ليخبرني برحيل الأخ الفاضل السيد عبد الناصر بلبشير، وقد نزل علينا خبر وفاته كالصاعقة بل لم نصدقه أول الأمر حتى تأكد لدينا من طرف بعض الإخوة ، وخلف رحيله ألما في القلب كما يحصل ذلك كلما فارقنا الأحبة ، وكنا نود لو طال عمره كما كان دائما يدعو بطول العمر للجميع . ولقد فقدنا برحيله أخا عزيزا علينا شاركنا شرف الانتماء إلى مهمتي المتاعب التي بينهما نسب وصلة: مهمة التربية ، ومهمة الإعلام ،وقد خلف فيهما ما يرفع ويخلّد ذكره، لأن الإنسان كما قال الشاعر مطران له عمران : " عمر الفتى الفاني وعمر مخلد ببيان "
لقد رحل الأخ الفاضل عبد الناصر، ولكنه بقي حيا بيننا بما يجعل ذكره مستمرا في قطاع التربية ، وفي مجال الإعلام على حد سواء ، فالله عز وجل نسأل ضارعين أن يرفع ذكره في الآخرة كما رفع ذكره في الأولى ، وأن يجازيه خير الجزاء عن سعيه في الدنيا ، وأن ينور قبره ، ويسكنه الفردوس الأعلى مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . والعزاء موصول لأهله وذويه ومحبيه . وما أحسبني قد وفيته حقه في هذا التأبين ، وعذري في ذلك أنني صدمت برحيله، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وسوم: العدد 935