( إلى روح الأخ الكريم الشيخ حسن عبدالحميد يرحمه الله
في جنَّات الخلود إن شاء الله )
هوامش :
(1)موقع الأدباء : موقع رابطة أدباء الشام الذي كان الشيخ رحمه الله ينشر فيه مقالاته
(2)حسن الرواء : الرُّوَاءُ : حُسن المنظر في البهاء والجمال .
(3)السدرة العصماء : شجرة على يمين عرش الرحمن . والله أعلم .
*إشارة إلى أننا كنا في مدرسين في مدارس مدينة نجران لمة طويلة ، وكان المرحوم أحد أعز مَن تعرفنا عليه في تلك الأيام ، ولا تخفى على أحد قسوة الغربة التي قاربن نصف قرن ، ومن في الغربة من منغصات عديدة متنوعة في كل المجالات . والحمد لله على كل حـال .
عبراتٌ تجتاحُ وجهَ عـزائي = وشجونٌ تفورُ في أحنائي
في ليالٍ نعيشُها مثقلات = بالمآسي والجَـورِ والأرزاءِ
رحلَ الشيخُ والإخاءُ تجلَّى= بدموعٍ فيَّاضةٍ ودعــاءِ
واكتئابٍ قد أثقلَ النَّفسَ همًّـا = لـم يزلْ في دوَّامـةِ الأعباءِ
أيُّهـا الراحلُ الحبيبُ تمهَّلْ = فالرزايا تعجُّ في الأرجاءِ
ورحيلُ الدعاةِ يأتي بخطبٍ = لرحيلِ الأكفاءِ والعلماءِ
هم تخطَّوا عرضَ البلاء وردُّوا= ماعرانا من قسوةِ الإيـذاءِ
وتنادوا يوم النوازلِ جندًا = في وجوهِ الطغاةِ والعمـلاءِ
وكطيفِ الأحلامِ مـرُّوا سراعا = وتواروا عن عالَـمِ الأحياءِ
وهو الموتُ إنْ تقضَّى امتدادٌ = لحياةِ الإنسانِ في الآناءِ
رحلَ الشيخُ فالمنابرُ تبكي = والبيانُ المزهوُّ بالسَّمحاءِ
دعوةُ اللهِ في قلوبِ أناسٍ = تتثنَّى بالصِّدقِ لا الأهـواءِ
قد رعى الشيخُ أمرهـا كخطيبٍ = ومُـوالٍ لنخبـةِ الأدباءِ
فمقالاتُه الأثيرةُ تُنبي = عـن حـفـيٍّ بصحبِه النُّجباءِ
ثم كانت رسائلَ القلبِ تأتي = بيِّناتٍ في موقعِ الأدباءِ (1)
يتهادى من صدرهِ الكَلْمُ يُنبي = عن فـؤادٍ يفيضُ بالغـرَّاءِ
بالمثاني وبالحديث المصفَّى = من إناراتِ سيِّدِ الأنبياءِ
والصِّحاب الكرام عاشوا فكانوا = أسوةً للأنامِ في الغبراءِ
و وفــيٍّ لصحبةٍ قد تآخوا = في ظلالِ العقيدةِ السَّمحاءِ
ماونــى في نجـرانَ يوم التقينا = ورفيفُ الإيمـانِ في الأحناءِ *
يحملُ الحبَّ في ابتسامةِ بَــرٍّ = وبردنيه نفحةُ الأوفياءِ
كم على وجهه النَّضيرِ رأينا = طلعةَ النُّبلِ والوفا والهناءِ
وأبو حمدي إذ يغيبُ ولكنْ = ليس تُطوَى صحائفُ النُّجباءِ
لايُلامُ الأهلون يوم أكبُّوا = بين باكٍ وبين ذي لأواءِ
أكرمَ الصَّبرُ أمرَهم في مصابٍ = فاطمأَنُّـوا بالحمدِ عندَ القضاءِ
أيُّهـا الراحلُ الحبيبُ وهـذي = سُنَّةُ اللهِ البَرِّ في الأحياءِ
عشتَ عمرًا بالصَّالحاتِ تثنَّى = بجميلِ الأفعالِ والآراءِ
يُحسبُ العمرُ بالهدايةِ والتقوى . = . وحُلوِ المسيرةِ الزهـراءِ
لاأُزكيك عند ربِّك لكنْ = عشتَ صنوَ القرآنِ حُسْنَ الرُّواءِ(2)
تطلبُ النهجَ من كتابٍ مبينٍ = ثم تشدو لنورِه الوضَّاءِ
ومن السُّنَّةِ الشريفةِ تحثو = من كريمِ الإرشادِ واللألاءِ
ولعلَّ الرحمن يؤتيك فضلا = في جنانِ الخلودِ دارِ الثَّنـاءِ
حيثُ تلقى وجوهَ قومٍ كــرامٍ = يـومَ أفضوا للسِّدرةِ العصماءِ(3)
فعجاف السنين ولَّى أذاها = واضمحلَّت إلى مهاوي الفناءِ
ومضتْ تلكم الليالي وفازتْ = زمــرُ المتقين بالنعماءِ
كم فقدنا من الكرام ولكنْ = هـو هذا المآلُ أغلى عــزاءِ
فهنيئًا لمَن يموتُ تقيًّا = يتهادى في الجنَّـةِ الغنَّاءِ