نصر الدّين برهك, المنتصرُ على الموتِ
نصر الدّين برهك, المنتصرُ على الموتِ
نارين عمر
الموتُ قدرٌ محتومٌ لا بدّ منه ولا غرابة في مجيئه عاجلاً كان أم آجلاً, ولكنّ الذي يضفي عليه سمة التّميّز والغرابةِ من الكائناتِ كلّها هو الإنسانُ ذاته, الذي يقفُ أمامه بثقةٍ وبسالةٍ, لا يبدي أيّة خشية منه, ولا يلفظُ أمامه بمفرداتٍ تتضمّن معنى الخوفِ أو الوجل, قد يهزمُ هو الموتَ أو قد يغلبه الموتُ ولكنّه لا يُعتَبَرُ ميتاً كالآخرين, بل يظلّ حيّاً في ضميرهم ووجدانهم ومكمن حسّهم, وحتّى عند ملك الملك ذاته يظلّ خصماً عنيداً ومتكافئاً.
هكذا كنتَ أيّها الإنسانُ النّبيل, ترفضُ الموتَ, تصارعه, تغلبه حتّى لحظة وداعك لأنفاسكَ الأخيرة, تماماً كما كنتَ تعيشُ حياتكَ الدّنيويّة قويّاً على الظّلم, مناصراً للحقّ, منتصراً لقضيّة شعبك وأمّتكَ التي استثمرتَ كلّ لحظةٍ فيها, كلّ همسةٍ وبوح لأجلها, فظللتَ لديهم ذلك الرّجلَ القويّ الودودَ, المناضلَ, فنقشتَ اسمكَ بأحرفٍ من مدادِ العشقِ والتّقديرِ في نفسهم وقلبهم وعمق ضميرهم.
أيّها الشّهيدُ الحيّ!
لا شكَ أنّكَ كنتَ تتساءلُ مع الآلافِ من أبناءِ وبناتِ شعبكَ الكرديّ وشعبك السّوريّ بكلّ أطيافه وأجناسه الذين رافقوكَ إلى حيثُ مهدك الأثير:
-هل سنعيشُ –نحنُ الكردَ- على أعصابنا خشية اختطافِ طعناتِ غدرٍ ممّن كان والغدر إخواناً!!؟؟ وهل سنتساءلُ:
-مَنِ المناضل القادم الذي سيتحدّى غدرَ الموتِ, وشباك مَنْ يحاولونَ الإمساكَ بزمامه!!؟؟
فيأتينا صدى صوتكَ وصوتِ كلّ كرديّ خذل الموتَ, وتغلّبَ عليه روحيّاً ومعنويّاً:
-دعوهم في طغيانهم يعمهون, دعوهم في غيّهم يتجبّرون, فالكردُ كانوا مع كينونةِ الكون, والكردُ أبداً كائنون.