ريم النهاري وتضحية حتى الموت
نسيبة بحرو
في اللحظات الحاسمة .. وحين يكون القرار الحتمي عسير ومحاصر بين فكين ،
تتجلى الصفات الأساسية وتنكشف القيم الذاتية الأصلية لدى الإنسان ..
وهناك ..
حين تعالت الصيحات .. وسالت العبرات .. وتخبطت الخطوات بحثاً عن سبيل الأمان ،
كانت ريم هي ذلك السبيل لبراعم كادت أن تذبل قبل تفتحها ..
وبدلاً من أن تردد : نفسي نفسي ، كانت تردد : الطالبات الطالبات ..
ريم النهاري ، المعلمة التي وافتها المنية جراء الحريق الذي شب في مدرسة ( براعم الوطن ) بتاريخ 19/11/2011م ..
وذلك بعد أن أنقذت أطفال الروضة برميهم من النافذة إلى قطار النجاة .. ثم فاتها هذا القطار ..
لم تثنها ألسنة النيران الممتدة عن موقفها النبيل .. ولم تنجح أبخرة الدخان المتصاعدة من ملأ قلبها الأبيض بالسواد .. ولم تستطع حرارة النيران التغلب على حرارة الإيمان ..
وأبت ريم إلا أن تقوم بدورها الإنساني رغم الظروف الحالكة .. فكانت أماً لعشرين طفلة أو يزيد ..
أماً لم يكتب لها أن تعيش أمومة حقيقية في حياتها القصيرة ..
وعاشتها احساساً صادقاً وعملاً نبيلاً في لحظاتها الأخيرة من هذه الحياة ..
عاشت من هذه الأمومة معنى البذل والعطاء .. معنى التضحية والإيثار،
وكما تفعل الأم وحدها فإنها آثرت انقاذ أطفالها على انقاذ نفسها ..
ريم التي كانت تسقي تلك البراعم بمباديء الحياة .. ألقت بهم الى الحياة .. ثم فارقت الحياة
رحمها الله رحمة واسعة .. وغفر لها وأحسن مثواها وتقبلها مع الشهداء والصالحين
وإنا لله وإنا اليه راجعون