احتفالية كبرى لتكريم المستشار عبدالله العقيل

مركز الإعلام العربي

ضمن سلسلة احتفالاته «رموز في دائرة الضوء»..

مركز الإعلام العربي يقيم:

المستشار عبد الله العقيل

ضمن سلسلة احتفالاته «رموز في دائرة الضوء».. أقام مركز الإعلام العربي مساء الأربعاء (28/9/2011م) احتفالية كبرى لتكريم فضيلة المستشار الداعية عبدالله العقيل "أبو مصطفى" الأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي، صاحب موسوعة «أعلام الدعوة والحركة الإسلامية في العصر الحديث»، وأحد أبرز كتّاب مجلة «المجتمع»، وقد حضر الحفل جمع غفير من الدعاة والعلماء والمفكرين في مصر والعالم العربي والإسلامي، من أبرزها السعودية والعراق وسورية والأردن والمغرب وتنزانيا. وقد تحدث في الحفل عدد كبير من العلماء والدعاة والمفكرين كان في مقدمتهم المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ الدكتور محمد بديع الذي قال: عندما نتحدث عن شخصيات عظيمة مؤثرة وفاعلة في أمتها وقضاياها، وسطرت بأحرف من نور وبمداد الذهب جهادها لله ولنصرة دينه ودعوته وضحت في سبيل ذلك؛ لا نملك إلا أن نتذكر قول الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا)، (الأحزاب 23). كما لا نجد حرجاً من الثناء على السابقين من أهل الفضل والدعوة الصادقة إلى الله؛ الذين نرى فيهم من قدوات صالحة وهمم عالية وجهاد متواصل وعمل دؤوب وخلق جمّ وعلم غزير، وفيهم وفي أمثالهم قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )، (فصلت 33). ففي هذا بيان لفضلهم وعطائهم وبذلهم، وفي ذات الوقت دعوة للاقتداء بهم وبجهدهم الوافر على طريق الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله. ونحسب أن أخانا الكريم المستشار عبدالله العقيل من هذا الصنف من الرجال، ولا نزكي على الله أحداً، وما شهدنا إلا بما علمنا. فلقد عرفناه عالماً موسوعيّاً ومؤرخاً أريباً في تاريخ الحركات والشخصيات الإسلامية المعاصرة عموماً، وفي تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وأحداثها وشخصياتها على وجه الخصوص. ومن أبرز مؤلفاته في هذا الخصوص كتابه القيم الوافي: (من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة) الذي قدَّم فيه ترجمةً رائعةً ومميزةً ودقيقةً لأكثر من مائة من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية والجهاد والتربية، في العالمين العربي والإسلامي في العصر الحديث، وعرَّف بفضلهم الأجيال الصاعدة التي لم تسعد بصحبتهم، وهو ما حدا بالناشرين لترجمته بعدة لغات. فلقد أرَّخ لهذا الجيل الفريد من الرعيل الأول للإخوان المسلمين؛ الذين رحلوا عن الدنيا بعد أن سطَّروا صفحاتٍ من نور في البذل والعطاء نصرةً لدينهم ووطنهم، كما أرَّخ كذلك لغيرهم من رموز العمل الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، ممن كانوا مصابيح نور وهداية للعالمين بإذن الله تعالى.. مما يعد توثيقاًً لهذه المرحلة يصعب مضاهاته، فجزى الله شيخنا خير الجزاء على هذا الجهد الموفور.

 ولقد عرفنا شيخنا الكريم ثابتاً في دعوته، عاملاً على نصرة دينه، واعياً ومدركاً لطبيعة دعوته وعصره في آنٍ واحد، فكانت كتاباته المتنوعة عميقة الأثر والمغزى ومستشرفةً لآفاق المستقبل ودالةً على طريق الحق. عرفناه عالي الهمة دائم الأسفار، مهتمّاً بشؤون الإسلام والمسلمين، داعماً للدعوة باذراً لبذور الخير في كل قطر من الأقطار التي زارها لتشهد له بالخير يوم القيامة إن شاء الله. حب ووفاء وقال الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين خلال كلمته:

إن أسمى مراتب العاطفة هو الحب، وأسمى مراتب العهد هو الوفاء، وإذا اجتمع الحب والوفاء كان عبدالله العقيل. وأضاف: أعرفه منذ الأربعينيات، كان يأتي من السعودية والعراق شوقاً للدعوة.. وكان ولعاً بالقراءة، وكنت يوماً أبحث عن كتب مهمة فلم أجدها، بينما وجدتها لديه، وأهداني عقب خروجي من الاعتقال الأخير مكتبة كبيرة وكاملة أهديتها للإخوان في مصر الجديدة؛ حيث إن مؤلفاته جميعاً تجسِّد معنى الحب والوفاء. وأكد د. محمد عمارة، المفكر الإسلامي الكبير وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن التاريخ هو ذاكرة الأمة، وعندما يكون المؤرخ صادقاً مع نفسه وربه ودينه تكون ذاكرة الأمة حية، ويكون التاريخ لديه تأثير وحركة من الوعي يصبح سلاحاً حيّاًً في يد الأمة تواجه به التحديات.

وأضاف: عرفنا في عصرنا الحديث حكاماً يستجلبون «الخواجات» ليكتبوا تاريخهم مثلما فعل الملك فؤاد في مصر، وحافظ الأسد في سورية، والقذافي في ليبيا، في مقابل هذا التزييف عرفنا مؤرخين للأمة، ومنهم عبدالرحمن الرافعي، أما المستشار العقيل فهو مؤرخ الأمة واليقظة الإسلامية، وأحتفي بموسوعاته التي أشهد أنها أسعفتني كثيراً، وفتحت الأبواب أمام البصائر للوعي والصحوة. وأكد أن التأريخ لأعلام الحركة الإسلامية جعلنا نشعر أنه تأريخ لحركة التحرر في عصرنا، والتي حركت الحمية في صدور الأمة؛ لمنازلة الاستعمار الذي جثم على صدر الأمة عقوداً عديدة، موضحاً أننا بصدد شهادة الثورات والتي ستجتاح العالم بأسره ليتحرر العالم الإسلامي كله. وأضاف أن مؤلفات العقيل تضع أيدينا على دور الحركات الإسلامية في الثورات وعلى معانٍ عظيمة وعميقة تعد إضافة كبرى للتاريخ اليقظ للأمة.

ومن جانبه، قال سيف الإسلام حسن البنا، الأمين العام لنقابة المحامين الأسبق: أتمنى أن يكون احتفاء الليلة سلسلةً من حلقات استرداد التيار الإسلامي لوجوده واسترداد الأمة لعزتها؛ حيث إن المستشار نموذجٌ للأخ المسلم في جماعة الإخوان؛ حيث لا توجد صفة من الصفات القيمة إلا واتصف بها الرجل من ثبات وجهاد وعمل للإسلام وعلو للهمة والصدق. وأوضح أن العقيل إخوانيّ الطبع والسجية؛ حيث خلقه الله ليمثل الإخوان المسلمين بصفات الإيثار والتحلي بالقوة، والصفاء، والجود، والعطاء، الزاخر، لا منّاً ولا كرماً، وإنما أصوات في تسبيح زاهد، مؤكداً أن الدعوة تمكنت من العقيل وعاشت فيه ورحل من موطن مولده إلى مصر شوقاً إلى الدعوة ورجالها، وكان دارساً طموحاً لم يكتفِ بالدراسات الشرعية فقط بل كان دارساً للقانون. وأضاف أن العقيل رجل ذو كفاءة عالية لديه من الملكات العديدة العقلية والذهنية والإرادية مما أهله لأن يكون ناجحاً في كل أعماله بالأوقاف، والدعوة، والإدارة؛ فهو عالم جليل قرأ كثيراً وطاف العالم من أقصاه إلى أقصاه، وكتب كتابات نهضت بالمكتبة الإسلامية، والتي لم تنسَ الوفاء للشهداء ورجالات الدعوة، ومجدد الإسلام في القرن الرابع عشر الإمام الشهيد حسن البنا.

وقال الشيخ السيد عسكر، الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية: إن المستشار العقيل هو الأديب الداعية المؤثر، والفذ، والمؤرخ المنصف؛ حيث دافع في كتبه عن أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة، وجسَّد بطولتها على أرض فلسطين، وسعى إلى الحفاظ على هويَّة الأمة ودافع دفاعاً مستميتاً عن الإسلام والمسلمين، وتناول في كتاباته منهج الإسلام في الدعوة إلى الله، وأدب الحوار والمنازلة. وأشار إلى أن تلامذة الإمام الشهيد حسن البنا تربوا على القرآن الكريم؛ فكانت الثمار اليانعة التي سادت العالم كله، وعندما تنظر واقع العالم قبل دعوة الإخوان تجد أن الحركة كان لها تأثير كبير في إيقاظ الأمة.

وقال د. محمد فريد عبد الخالق: إن الحفل الذي نحضره الليلة تحضره معنا الملائكة، ويجب أن يعيد العالم كله، وأمريكا والكيان الصهيوني خصوصاً، نظرته للإسلام ودعوته؛ لأنه دين الوسطية والاعتدال. وأضاف: يجب أن نعبر عن حقيقة الإسلام ونوضحه للعالمين حتى يذهب الناس إليه بلا جهد؛ لأن الناس بطبعهم خيّرون ويريدون الخير إلا من طبع الله على قلوبهم المظلمة، ويجب أن نصبر على الناس لأنهم بحاجة إلى الإسلام، وهذه أمانة في رقابنا جميعاً يجب أن نتحملها بصدق وأمانة وإخلاص وجهاد. وقال الشيخ عبدالخالق الشريف، مسؤول قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين: إنه قرأ للمستشار العقيل كثيراًًً قبل أن يراه، وبحث عنه فلم يجده إلا عندما التقاه وشاهده جندي فكرة وعقيدة متواضعاً ومنكراً لذاته وصادق اللفظ لا يتحرك إلا وفي قلبه حمية للإسلام والمسلمين، موضحاً أنه رأى في العقيل التربية الصادقة والإيمان بالفكر إيماناً عميقاً.

وقال د. جابر قميحة، الشاعر والكاتب الكبير وأستاذ الأدب العربي: إن قلم العقيل ضرب في كل اتجاه لينفع الإسلام والمسلمين؛ لأنه تربى في مدرسة الإمام الشهيد حسن البنا، وكان من الذين استجابوا وأجابوا داعي الحق، وبلغوا بما استقوا مع الجيل الذي عاشوه للأجيال التي أتت بعد ذلك. وأوضح أنه اعتمد في كتاباته على الرؤية الإيمانية، واعتمد على أرضية ثقافية واسعة المدى. قلب نقي وقال الشيخ معوض عوض إبراهيم، أحد علماء الأزهر، الذي تجاوز المائة عام من عمره: إن الإمام البنا ما غاب عن خاطري يوماً؛ حيث كنت كلما زرت المستشار العقيل في مكتبه وجدت لديه علماء الأمة ووفود الحركة الإسلامية؛ حيث اتسم بالقلب النقي والأخوَّة الوفية. وأضاف أنه كان حبيباً وسيبقى طبيباً لقلوبنا جميعاً؛ لأنه فرع دوحة من أدواح العلم والفضل لهذه الدعوة التي بقيت دعوة البر والحق، معرباً عن سعادته البالغة بلقاء فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ود. محمد فريد عبدالخالق، داعياً للمرشد بأن يسدد الله خطاه ويوفقه دائماًً في نصرة الحق ومواجهة الباطل.

وقال المستشار عبدالله العقيل في ختام الاحتفال: أنا الذي تعلمتُ من هذه الدعوة ومن رجالها الحب والوفاء؛ حيث كان الإمام البنا يقول لإخوانه: سنقاتل الناس بالحب ويطالبهم بملاقاة خصومه بقوله: "كونوا معهم كالشجر، يقذفونه بالحجر فيلقي أطيب الثمر". ودعا الله أن يحفظ ثورة مصر من مكائد الأعداء، مضيفاً: كنت أتمنى أن ألقى الإمام الشهيد البنا، وعند استشهاده بكيت بكاءً شديداً ابتلت به أنحاء جسدي وردائي، فقالت لي أمي حينها: لماذا كل هذا البكاء؟ فقلت لها: لقد استُشهد من له فضل في هدايتي فبشرتني بعدها لتهوِّن عليّّ بالسفر إلى مصر للدراسة ولقاء رجالات الدعوة الإسلامية. وأكد أنه مدين لهذه الدعوة بالكثير الذي لا يُحصى؛ حيث إنها دعوة الحب والوفاء منذ وضعت أول قدم لي في مصر وجدت العناية والاستقبال الرحب من زملائي قيادات الدعوة بالجماعة، ووجدت منهم ما لم أجده من أشقائي وأبي وأمي.

وأضاف: أنتم لا تعرفون قدر مصر على مدار العصور؛ حيث تصدَّت للقوى الغاشمة الصليبية والتترية التي اجتاحت العالم كله؛ لأن روح التدين في مصر، موضحاً أن مصر إذا صلحت قادت العالم كله. وهنَّأ الشعب المصري بثورته العظيمة، قائلاً: أبارك لكم ثورتكم التي منَّ الله عليكم بها، وهذه بداية الطريق، ويجب أن تحموها من أعدائها في الداخل والخارج؛ الذين يدبرون ليل نهار لينالوا منها، مضيفاً: أحمِّلكم يا شباب وعلماء مصر أمانة الإسلام في أعناقكم وأنتم لها لتقودوا العالم بالإسلام. وسلَّم فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف درعاً تكريماً للمستشار العقيل، وسط ترديد المشاركين للتكبيرات.