في رثاء الحاجّة زينب الغزالي

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

ألقى الشاعر جابر قميحة هذه القصيدة في سرادق عزاء الحاجّة زينب الغزالي بالقاهرة مساء الجمعة 5/8/2005 أمام جمع حاشد من المعزِّين .

    أقدم هذه القصية بمناسبة مرور 6 سنوات على وفاتها .

بـكـيْـتُ، وقـلبي في الأسى iiيتقلبُ
وقـالـ:  أتـبـكـي  والقضاءُ iiمحتم
فـقـلـتُ:  تعالى اللهُ، فالحزنُ iiساعرٌ
ولـو كـان فـضـلُ الراحلين iiمراثيًا
فـلا كـلُّ مـفـقـودٍ يُـراع iiلـفقْدهِ
ولا كـلُّ مـن يـحـيا الحياةَ بحاضرٍ
فـإن خـلـودَ الـمـرْءِ بالعمل iiالذي
أنـاديـك-  أمَّ الـصابرين- iiبمهجتي
سـلامٌ وريـحـانٌ وروْحٌ iiورحـمـةٌ
فـقـد عـشْـتِ بـالحق القويم منارةً
وكـنـتِ-  بحقٍّ- منبعَ الحبِّ iiوالتُّقى
ودارُكِ  كـانـتْ مـثل دار "ابن iiأرقم
فَـرُحْـنَ-  أيـا أماهُ- في كلِّ iiموطنٍ
شـبـابًـا حـيِـيًّـا في شجاعة iiخالدٍ
يـفـرُّون  عـنـد الـمغريات iiتعففًا
ومـن  كـان لـلـحقِّ القويم iiنهوضُهُ
ولا  ضـيـرَ ألا تُـنجبي، تلك iiحكمةٌ
فـقـد  عـشْـتِ أمًـا للجميع، iiوأمَّةً
وكـنـتِ  لـسان الحقِّ في أمةٍ iiغَفَتْ
وقـلـتِـ:  كـتـابُ  الله فيه iiشفاؤكمْ
وقـلـتِـ:  هـو  الإسلامُ  دينٌ ودولةٌ
وإن  الـنـسـاء الـمـسلماتِ شقائقٌ
لـهـن  حـقـوقٌ قـررتـها iiشريعةٌ
وقـد كـنَّ قـبـل الـدين كمًّا iiمهمَّشًا
بـذلـك- يـا أمـاه- كـنـتِ iiمنارةً
وأحـيـيْـتِ  بـالعزم الأبِّي iiضمائرا
فـأغـضبتِِ  فرعونَ اللعينَ وقد iiبغَى
فـقـلـتِـ:  لغير  الله لم أُحنِ iiجبهتي
ولاقـيـتِ-  يـا أمـاه- أبشعَ iiمحنة
صَبرتِ وضجَّ الصبُر من صبرِك الذي
وجـددتِ ذكـرى أمِّ عـمـارِ iiالـتي
فـكـانـت-  بفضل الله- خيرَ شهيدةٍ
وقـلـتِ-  يـا أمـاه-: حسْبِيَ iiأننيِ
فـكـان ظـلامُ الـسـجنِ نورًا مؤلَّقًا
أنـيـسُك  فيه النورُ والفجرُ iiوالضحى
وكـانـت سـيـاطُ الـظالمين iiشهادةً
فـكـانـوا-  بفضلِ الله- أُسْدًا رهيبةً
وخـرَّ  مـن الإعـيـاء جلادُك iiالذي
فـقـلـتـ:  تعالى  الله، يهوى iiمعذِّبٌ
سـجـيـنـةَ  حـقٍّ لم ينلْ من إبائها
وغـايـتُـهـم في العيش مُتعةُ iiماجنٍ
وكـلـهـمـو في الشر والعارِ iiضالعٌ
كـأن عـذاب الأبـريـاء iiلـديْـهمو
أيُـلـقى  بقاع السجن مَن عاش iiمؤمنًا
يُـجـنُّ  أمـيرُ السجن: أنثى iiضعيفةٌ
أعـيـدوا  عـليها موجةً من iiسياطكم
ولـم تـجْـدِ فـيها: لا الكلابُ ينُشْنَها
فـيـصْـرخـ:  أنثى لا تبالي iiببأسنا
فـهـان  عـلـيـهـا سْوطنا وكلابنا
إذن  لـن أُرقَّى، سوف يغضب iiسيدي
"ويـلـعـنُ خاشي" إذ أفاق على iiيدي
ولـم يـدرِ أن الله أقـدرُ iiمـنـهـمو
وأن  فـصـيـل الـمـؤمنين iiيفوقهم
فـإن  غـالـطـوا قلنا: الجنائزُ iiبيننا
مـئـاتُ ألـوف فـي الجنازة iiحُضَّرٌ
ولـكـنـه الإسـلامُ ألـف iiبـيـنهم
فـإن  كـنـتِ قد غادرتِ دنيا iiبزيفها
سـتـلـقـيْـن أمَّ الـمؤمنين iiخديجةً
وحـفـصـةَ والخنساءَ والصفوةَ iiالتي
عـلـيـك سـلام الله في الخلْد iiزينبُ
مـضـيـتِ بـذكرٍ ليس يُكتب iiأحرفًا




























































فـجـاء  رفـيقي مُفزعًا، وهو iiيَعتبُ
ولـيس لنا من قبضةِ الموتِ iiمَهرب؟!
قـويٌّ، عـتـيٌّ، والـفـقـيدةُ iiزينبُ
لـجـادَ  بـمـرْثاها الحطيمُ، iiويثربُ
ولا كـلُّ حـيٍّ فـائـقٌ، iiومـحـبَّبُ
ولا  كـل مـن في القبرِ ماضٍ iiمغيَّبُ
يـقـودُ مـسـارَ الـخـير لا iiيتهيَّب
وكـلِّـي دعـاءٌ ِمْـن سـناكِ iiمُطيَّبُ
عـلـيـكِ، ومـمدودٌ من الظل iiطيبُ
تـشـدُّ  إلـيـهـا كـلَّ قلبٍ وتجذبُ
ومـدرسـةً فـيـهـا العطاءُ iiالمذهَّبُ
تـخـرجَ  فـيـهـا من بناتِكِ iiأشْهُبُ
يـربِّـيـن  أجـيالاً على الحقِّ iiأُدِّبوا
لـه الـحـقُّ نـهجٌ، والشريعةُ مذْهبُ
وحـيـن يـنادي الرْوعُ هَبُّوا iiوأجْلبوا
فـلـيـس  لغير الله يرضى iiويغْضبُ
طـواهـا  عـن الأفـهام سرٌّ مُحَّجبُ
يـبـاهـي بكِ التاريخَ شرقٌ iiومغربُ
كـأنـهـمـو عـن عالم الناس iiغُيَّبُ
وبـالـسـنـة الـسمحاء نعلو ونغْلبُ
وقـومـيـةٌ  نـعـلو بها حين iiنُنْسبُ
لـجـنـسِ  الرجالِ المسلمين iiوأقْربُ
مـن الله حـقٌ نـاصـعٌ iiومُـطـيَّبُ
كـسـقْـط مـتـاع يُـستباحُ ويُسلبُ
فـأهْـوَى صـريـعًا جاهلٌ iiمتعصبُ
تـعـاورهـا  بـومٌ ضـريرٌ iiوأذْوُبُ
لـتـسـتـسـلمي  للظلِم أيّانَ يرغبُ
ولـلـحـقِّ صـولاتٌ أعـزُّ iiوأغلَبُ
يـخـرُّ  لـهـوْلـيـهْا شبابٌ iiوشُيَّبُ
أذل  كـبـارًا فـي الـفـجور iiتقلبوا
تـحـدَّتْ  أبا جهلٍ ومن كان iiيصحبُ
ولـيـس كـتـحصيل الشهادة مكسبُ
عـلـى درب طـه أسـتقيمُ وأَضْرِبُ
مـن الـمـلأ الأعلى يطوف iiويُسكبُ
كـمـا يُؤنس الإنسانَ في التيه iiكوكبُ
بـأنَّ  دعـاةَ الـحـق أقوى iiوأصلبُ
وهـل  يـغلب الأسْدَ الرهيبةَ iiأرنبُ؟!
تـعـهـد أن يُـرْديَـك وهـو iiيُعذِّبُ
ويـبـقـى رفيعَ الرأس حرًّا iiمعذَّبُ!!
عـتـاةٌ  عـلـى قـتل العباد iiتدربوا
وعـدتُـهـم فـي الحكم نابٌ iiومخلبُ
ولـلـحـقَّ  نـهَّـاب عُـتلٌ iiمخرِّبُ
ألـذُّ مـن الـشـهـد المذاب iiوأعذبُ
ويـطـلـق لـصٌّ آثمُ القلب iiمذنبُ؟!
تُـذِل رجـالـي بـالثبات iiوترعبُ؟!
وركْـلاً  وصـعـقًـا عـلَّها iiتتذبذبُ
ولا  الـقـيـدُ والسجان بالسوط يُلهبُ
فـلا الـسوط جبارٌ ولا الكلبُ iiمرعبُ
أذلـك سـحرٌ؟! بل من السحر iiأغربُ
ويـا  ويـلـتـاهُ إذ يـثورُ iiويغضبُ
وقـد  كـان في أُنْسٍ يهيصُ iiويشربُ
وأن  سـيـاطَ الله أقـوى iiوأغـلـبُ
ثـبـاتًـا وعـدًّا، لا يـخاف ويرهبُ
سَـلُـوها؛  فحكم الموت ما كان يكذبُ
ولـم  تْـدّعـهـم أمٌ ولـم يدعهم iiأبُ
وجَـمـعـهـم  حـبٌّ مـكين iiمقرِّبُ
إلـى عـالـمِ الـخلْد الذي هو iiأرحَبُ
وفـاطـمـةَ الـزهراءَ فرحى iiترحِّبُ
ظـلـلـن  شموسًا للهدى ليس iiتغربُ
وإن  نـعـيـم الله أبـقـى وأطـيبُ
ولـكـنـه بـالـنـورِ والعطرِ يُكتبُ