رسالة المراقب العام
بسم الله الرحمن الرحيم
لجماعة الإخوان المسلمين في سورية إلى إخوانه
بمناسبة حلول العام الهجريّ الجديد
(1432هـ)
فضيلة المراقب العام
أبو حازم محمد رياض الشقفة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
أيها الإخوة الكرام، أبناء جماعة الإخوان المسلمين المباركة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله سبحانه وتعالى، أن تصلكم رسالتي هذه وأنتم على أحسن حالٍ يرضيه.
أيها الإخوة الأحباب:
أرسل إليكم هذه الرسالة في ذكرى الهجرة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، مهنِّئاً، ومذكِّراً، ومتمنياً أن يجعل اللهُ قابل الأيام خيراً من غابرها.
لقد ودّعنا عام 1431هـ، ونحن ننظر إليه نظر الفاحص، لنقف على السلبيات فنتجاوزها، ونضع يدنا على الإيجابيات لننمِّيها، ونستشرف المستقبل بروحٍ إيجابيةٍ معطاء، شعارها العمل الدؤوب الذي لا يعرف الملل، ولا يستسلم لليأس... وهذا يحتاج منا جميعاً أن نكون صفاً واحداً قوياً متماسكاً، كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى.
أيها الإخوة الأعزّاء:
أحداث الهجرة تعلّمنا وتذكّرنا، أنه لابد أن نتحمّل ونصبر، فهذا هو الطريق لمن سار على درب النور، وسلك سبل الحرية، وأراد لأمّته الخير والسعادة، وقدّم نفسه رائداً في السعي إلى سيادة العدالة والمساواة، ومحاربة الظلم والفساد والاستبداد... إذ لابد أن يلاقي ما يلاقي من مشاقّ الطريق، فتلك ضريبة لابد منها، لا يتأفّف منها حُرّ، ولا يعضّ أصابعَ الندم عليها إلا ضعيف. قال سبحانه وتعالى: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).
يظن خفافيش الظلام، وتلاميذ الباطل، أنّ القتل والسجن والتهجير، كفيلة بإخراس الحق وقمع حملته. لكن -على الرغم من كل ما جرى ويجري- سيبقى أصحابُ الحق، رافعين رايَتَه، تحفّ بهم عناية الله، وتُحيط بهم رحمتُهُ من كل جانب: (... فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله...) (رواه البخاري ومسلم).
أيها الإخوة الكرام:
إن نِعَمَ الله علينا عظيمة، وفضله واسع، فله الحمد والمِنّة، فنحن نشعر في كل لحظة، أينما كنا وحيثما حللنا، بعناية الله -سبحانه وتعالى- وحفظه وكرمه: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً...) (النساء: من الآية100)... وهذا يقتضي منا شُكْرَ المُنعِم جلّ وعلا: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ...) (إبراهيم: من الآية7)... ومن الشكر المداومة على طاعة الله، والإكثار من العبادات، والتمسّك بقيم الأخوّة والتماسك والتكافل والتحابّ بيننا، أملاً في زيادة الخير من الله سبحانه وتعالى.
أيها الإخوة الأحبّاء:
في هذه المناسبة العطرة، أذكِّر نفسي وإخواني، بصيام يومي التاسع والعاشر من هذا الشهر الكريم، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملاً بسنّته: روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) (رواه مسلم).
ختاماً: أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل هذا العام (1432هـ)، عاماً زاخراً بالعطاء، والخير والبركات، وأن يمنّ علينا بتحقيق الغايات، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 من محرّم 1432هـ الموافق لـ 7 من كانون الأول 2010م
أخوكم
المراقب العام