ورحلت يا ولدي

عزاء  ومواساة

للدكتور عودة أبو عودة بفقد ولده

د.عودة أبو عودة

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

نعم هو الرحيل من دار الفناء إلى دار الخلود، من دار العناء إلى دار السعادة والحبور.

نعلم ذلك ونؤمن بذلك . . ولكنها الطبيعة الإنسانية التي أودعها الله في نفوس وقلوب بني آدم من الحب والتعلق بالولد { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } .

إن فقد المحبوب ينشئ في القلب حزناً وفي العين دمعاً لا ريب . . ولد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلام فسماه باسم أبيه إبراهيم.  فدعا النبى - صلى الله عليه وسلم - بالصبى فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول  وأخذت روح إبراهيم تقعقع بين يديه فدمعت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال « تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون « .

إن للولد لمكاناً في النفس هم لها أهل إنهم ثمرة الفؤاد، وأكبادنا تمشي على الأرض. أنعم الله بهم علينا ليمنحونا السعادة والهناء، وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجهنا مع أبنائنا منذ نعومة أظفارهم وحتى بلوغهم مرحلة الشباب إلا أنهم يمثلون لنا دائماً وأبداً سبباً قوياً من أسباب الحياة.

قال - صلى الله عليه وسلم-  « إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدى.  فيقولون نعم . فيقول قبضتم ثمرة فؤاده. فيقولون نعم . فيقول ماذا قال عبدى فيقولون حمدك واسترجع. فيقول الله ابنوا لعبدى بيتا فى الجنة وسموه بيت الحمد ».

فالحمد لله وإنا لله وإنا لله راجعون.

نعم الموت مصيبة يصاب بها المؤمن {أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ}.

ولكننا نؤمن أن { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

وأن « ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ».

عن النبى - صلى الله عليه وسلم- أنه قال « عجبت للمسلم إذا أصابه خير حمد الله وشكر وإذا أصابته مصيبة احتسب وصبر ».

* فقد الولد ابتلاء وامتحان {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ }

فصبراً أستاذنا الفاضل وأبشر { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }

* المسلم يعلم أن الولد وديعة الله عندنا وصاحب الوديعة يسترجع وديعته وقت شاء.. أليسوا أمانة الله لدينا أليسوا وديعة الله عندنا.

وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن ترد الودائع

عن أنس رضي الله عنه قال: مات ابن لأبى طلحة من أم سليم فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، قال: فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، فقال: ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم قال لا. قالت فاحتسب ابنك. قال: فغضب وقال: تركتنى حتى تلطخت ثم أخبرتنى بابنى، فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بارك الله لكما في غابر ليلتكما ».

إن العزاء الحقيقي لنا وما يسلي نفوسنا ويخفف وقع المصاب بهم أنه رحيل قضاء الله الحتمي ولن نلبث عشية أو ضحاها حتى نلتقي جميعاً في جنات النعيم. { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ..}

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتغمد ولدك الغالي "أكرم" في واسع رحمته وأن يكتبه في عليين ويجمعك وأمه به مع رسول الله في بيت الحمد في الفردوس الأعلى .

وأن يلهم كل محبي الفقيد الصبر والسلوان

وأسأله تعالى أن يجعل في ذريتكم وذريته الخير والبركة والصلاح

إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب