إلى الصديق حسين أحمد

وزنة حامد

[email protected]

عامودا هذه المدينة الأسطورية المشاكسة ,ليس من السهل أن يومئ أبناؤها رؤوسهم من غير دراية بما تريد البوح به .

فهي مجاورة للحدود السورية التركية وتقع إلى الشمال من محافظة الحسكة يبلغ عدد أفرادها ( ثلاثون الف ) نسمة تقريباً ,أما تاريخها فيعود إلى ثلاثمائة عام تقريباً .

إنها عريقة .. باسقة.. فقد جرت عليها أحداث تاريخية عظيمة يصعب على المرء أن يتذكرها بسهولة .. فساكنوها يشبهون شجرة النخيل ثمارهم متنوعة ,وقد تكون هناك مسميات وفيرة

لذلكً عليك الإصغاء حينما تكون في عامودا..

تجذبك هندسات بيوتها الطينية صوبها دون دراية منك, كأنك أمام مطرقة الزمن الغابر وجهاً لوجه لتتذكر ما جرى ويجري لهذه المدينة من صعاب كثيرة لربما تفوق طاقتها الاعتيادية.

فلا غرابة أن تتجول مع تأملاتك صوب تخوم التاريخ الغابر .فشوارعها وتلولها والأزقة المتشعبة , كلها شواهد على أبطال مروا فيها ذات يوم  أمثال " سعيد أغا الدقوري " الذي تصدى للفرنسيين بإمكاناته الدفاعية القليلة ,لكن إيمانه بالنصر كان أعظم .

هكذا عرفت عامودا( المكان , الوجوه , التاريخ , الأحداث ) وأنا برفقة صديقي العزيز والإعلامي البارز حسين أحمد وهو بدوره علم من إعلام الفكر والثقافة في عامودا حين أجرى معي لقاء صحافياً بوساطة احد الشعراء الكرد..

(عالم حسين أحمد (الانترنيتي ).. ككل غيور على الثقافة والفكر والسياسة انطلق من موقعه كإعلامي ملتزماً بالنهج وفي تفاعل وجداني يمد يده من غير تحفظ لكل ما يخدم قضية شعبه الكرد ) مؤمناً بأن الثقافة هي الوجه الأنصع بياضاً في النضال) .

ولا أنكربأنني كنت إحدى ممن ساندهم حسين أحمد, فمن هنا أدركت جيداً إنني أمام رجل عميق كغور أسرار بلدته ,يحمل في ثنايا أحشائه أوجاع مجتمعه ومعاناته المعقدة والمتشابكة .

هدوء شخصيته يشيرعلى إنه يخبئ في أعماقه الكثير حين يومئ لك وهو يعبر عن درايته المسبقة بما تود التحدث به .

لقد أدركته رجلاً مخلصاً للكلمة الصادقة ويعشقها  إلى حد الثمالة , يبحث في تجاعيد حروفها عن الحقيقة وأية حقيقة , يهبك ما يكتنزه دون مقابل  لتثمر أنت..؟! , ينحني لعمله كإعلامي فيقول .....

أن تخلص لعملك هذا يعني انك ستنفرد بفوزك .

لقد التقيته في مكمنه العتيد عامودا -  بلاد المآثر والحصار -  يأخذه الوله صوبها فيسميها بـ ( بلاد المآسي والويلات) .

أحسست جرحه حين تتذكر ذاكرته وتعيش مخيلته عقودا من الزمن ما برحت إنه ابن عامودا الوفي ,لا يبرح مدينته الفاضلة كما إنها لا تبرحه هي أيضاً

ثمة أحداث ليس بمقدوره أن يتغافلها نهائياً آو أن يشاطره الزمن على نسيانها فهو يشير بسبابته إلى موطن الفجيعة فيتلظى كبده ويعجز لسانه عن تصوير المشهد يلتزم السكوت .؟! فكيف لجسارة إنسان أن يناقش الموت الذي يخبئ في طياته أرواحاً , ليبتلعهم القدر تلك الأرواح البريئة بطريقة بربرية لا يمكن للعقل البشري أن يتخيلها . البسمهم العيد ابتهاجه وألبسوه فرحتهم ألا أن الأقدار بدلت أثوابهم بنار ورحيل سرمدي, أشلاء غضة لأطفال تم انتشالها من جوف المحرقة وأخرى أصبحت رماداً من الصعب عليك أن تتعرف على أسمائها .

هكذا حدثني الرجل عن  حريق عامودا الكبير...

أما اعتزازه بتلة " شرمولى " فتعود إلى العلاقة الرصينة بين الإنسان في هذه البلدة و" شرمولى " من زاوية أخرى تكاد تكون هذه العلاقتين متباريتين في الحفاظ على الوجود واللاوجود .

أما عن قرابين "عامودا " فلها حكاية طويلة مع صديقي حسين أحمد  حين يسرد لك قصص عن المكان وعن طفولته وسره في الارتباط ببلدته عامودا يكاد ينتهي النهار ولا ينتهي حسين أحمد من حديثه المشوق عن بلدته الفاضلة حينذاك أدركت انك إذا وددت التعرف على الكثير فلا بد أن تمرعلى حسين أحمد وأنت في ضيافة عامودا ..