ورحل عبد القادر رمزي

د. مأمون فريز جرار

د. مأمون فريز جرار

[email protected]

خبر صغير أو إعلان كبير يمر به من لا يعرف صاحبه مرورا سريعا:

نعي فاضل : انتقل إلى رحمة الله

ولا يعرف القارئ من يكون هذا المنعي، لا يعرف إلا أن شخصا ما قد مات!!!

ربما يلفت نظر بعض الناس كثرة الناعين أو ضخامة مساحة النعي فيجعل القارئ يحس أن المنعي شخصية كبيرة سياسيا أو ماليا أو اجتماعيا، ولكن النتيجة أنهم جميعا قد ماتوا.

خطرت لي هذه الخواطر حين جاءني نعي الدكتور عبد القادر رمزي رحمه الله وأحسن إليه

والدكتور عبد القادر عالم من علماء هذه الأمة وداعية من دعاتها ومن المربين الذين أبلوا بلاء حسنا في تربية الأجيال تنظيرا وتطبيقا وقد زاملته في الجامعة خمس عشرة سنة وكنا زملاء في رابطة الأدب الإسلامي .

أطل على الحياة في بلدة الدوايمة قضاء الخليل في فلسطين عام 1929، وحصل على الإجازة في الدراسات الاجتماعية والفلسفية من جامعة دمشق عام 1966 وعمل مدرسا في وزارة التربية الأردنية وكان ذا طموح علمي فنال دبلوم التربية من الجامعة الأردنية عام 1972وقد انتقل إلى العمل في وكالة غوث اللاجئين عام 1973 ونال الدبلوم العالي في تدريب المعلمين عام 1975 كما نال درجة الماجستير في الإدارة والإشراف التربوي من الجامعة الأردنية عام 1976وانتقل إلى العمل في قطر في الإشراف التربوي ثم التدريس في جامعة قطر محاضرا غير متفرغ من عام 1981-1987، ونال في أثناء ذلك دكتوراة الحلقة الثالثة في فلسفة الدراسات الاجتماعية التربوية من جامعة القديس يوسف في لبنان وقد عودلت له بدرجة الماجستير، ولم يقف به الطموح عند حد، فنال درجة الدكتوراه من جامعة درم في بريطانيا عام 1994، وبعد أن ترك قطر عام 1987عاد إلى الأردن وعمل في عدة مجالات أهمها جامعة العلوم التطبيقية مديرا لمركز الدراسات والاستشارات من عام 1991-1994 وبعد أن ترك العمل الإداري انضم إلى سلك التدريس حتى عام 2006 - 2007

هذا الإيجاز حول سيرته العملية والعلمية لا يعطي صورة حقيقية له، إذ علينا أن نذكر أنه كان في جزء من حياته عضوا في حزب التحرير، وقد أوكل الحزب إليه التوجه إلى مصر لتسليم الرئيس الراحل أنور السادات رسالة من الحزب، وقد توجه إلى مصر لتنفيذ ما طلبه الحزب وبقي في سجن وزارة الداخلية هناك أسبوعين قبل أن يفرج عنه، هذه الحادثة تشير إلى جانب من شخصيته ومسيرته لا أملك الكثير عنه لولا أنه حدثني به.

كانت ثمرات مسيرته العلمية طيبة تجلت في مؤلفات نشرها، وأبحاث ودراسات شارك فيها في مؤتمرات كثيرة، ومنها: مفهوم كتاب التربية الإسلامية عند التربويين الإسلاميين في الوقت الحاضر، وهو ترجمة لرسالة الدكتوراه التي قدمها إلى جامعة درم البريطانية، وكتاب في الإدارة المدرسية والإشراف التربوي وقد طبع ثلاث طبعات، وكتاب: في فلسفة الدراسات الاجتماعية وطبع مرتين، وكتاب: الدراسات الإنسانية دراسة مقارنة وطبع مرتين، وكتاب مدير المدرسة الثانوية في الأردن متطلبات دوره وإمكاناته (رسالة ماجستير من الجامعة الأردنية.(

وله مشاركات مع آخرين في تأليف خمسة كتب منهجية على مستوى المدارس والكليات وشارك في عشرات الدورات والمؤتمرات.

ولا بد من الإشارة إلى الجانب الأدبي في شخصيته فقد كان شاعرا وأصدر ديوانا لا أظنه يضم كل ما قال عنوانه: تهويمات يقظان، بل إن النشيد المعتمد في جامعة العلوم التطبيقية من نظمه، ولعل شعره يجمع وينشر

كان رحمه الله عالما يحمل هم أمته، وتربويا أخلص لمهنته، وداعية لم تشغله ذاته عن الشأن العام، وابتلي في السنوات الأخيرة بألوان من الابتلاء منها مرض زوجته ووفاتها رحمها الله، وقد كنت مجاورا له في المكتب في الجامعة وكان كثيرا ما يبثني الشكوى، فأحس أنه يكظم الكثير مما لا يقال، وكان يحبس دمعة الرجل الصبور، ولكنه كان يبث شكواه أخا لم يقصر في النصيحة بالصبر على البلاء.

كثيرون ممن عرفوه بكوه وترحموا عليه، طلابا وزملاء وأصدقاء وأهلا وأقرباء.

مضى عبد القادر رمزي بعد أن قضى على الأرض سبعين سنة ، ورحل إلى عالم الخلود ليجد ما قدم، وعسى أن يكون خيرا مما ترك من الدنيا الفانية.

وأخيرا هي وصية لذريته أن يحفظوا تراث والدهم ويسعوا إلى جمعه ونشر ما لم ينشر منه فذلك بعض حقه عليهم وبعض برّهم به